فصل الضرب الثاني من المحرمات في النكاح .
المحرمات إلى أمد وهن نوعان نوع منهما يحرم لأجل الجمع فيحرم الجمع بين أختين من نسب أو رضاع حرتين كانتا أو أمتين أو حرة وأمة وسواء قبل الدخول أو بعده لعموم قوله تعالى : { وأن تجمعوا بين الأختين } و يحرم الجمع بين امرأة وعمتها أو خالتها وان علتا من كل جهة من نسب أو رضاع لحديث [ لا تجمعوا بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها ] متفق عليه وفي رواية أبي داود [ ولا تنكح المرأة على عمتها ولا العمة على بنت أخيها ولا المرأة على خالتها ولا الخالة على بنت أختها ولا تنكح الكبرى على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى ] ولما فيه من إلقاء العداوة بين الأقارب وافضاء ذلك لقطيعة الرحم المحرم وعموم قوله تعالى : { وأحل لكم ما وراء ذلكم } مخصوص بما ذكر من الحديث الصحيح و يحرم الجمع بين خالتين كأن يتزوج كل من رجلين بنت الآخر وتلد له بنتا فالمولودتان كل منهما خالة الآخرلأب أو بين عمتين بأن يتزوج كل من رجلين أم الآخر ولدتا له بنتا فكل من المولودتين عمة الأخرى لأم فيحرم الجمع بينهما أو بين عمة وخالة كان يتزوج رجل امرأة وابنة أمها وتلد كل منهما بنتا فبنت الابن خالة بنت الأب وبنت الأب عمة بنت الابن فيحرم الجمع بينهما أو بين امرأتين لو كانت إحداهما ذكرا والأخرى أنثى حرم نكاحه أي الذكر لها أي الأنثى لقرابة أو رضاع لأن المعنى الذي لأجله حرم الجمع افضاؤه إلى قطيعة الرحم القريبة لما في الطباع من التنافس والغيرة بين الضرائر والحق بالقرابة الرضاع لحديث [ يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ] و لا يحرم الجمع بين أخت شخص من أبيه وأخته من أمه ولو في عقد واحد لأنه لو كانت إحداهما ذكرا حلت له الأخرى والشخص في المثال خال وعم لولدهما ولوكان لكل من رجلين بنت ووطئا أمة لهما فألحق ولدها بهما فتزوج رجل بالأمة وبالبنتين فقد تزوج أم رجل وأختيه ذكره ابن عقيل ولا يحرم الجمع بين مبانة شخص وبنته من غيرها ولو في عقد واحد لأنه وأن حرمت إحداهما على الأخرى لو قدرت ذكرا لم يكن تحريمها إلا للمصاهرة لأنه لا قرابة بينهما ولا رضاع فمن تزوج أختين أو نحوهما كامرأة وعمتها أو خالتها في عقد واحد أو في عقدين معا في وقت واحد بطلا أي العقدان لأنه لا يمكن تصحيحهما ولا مزية لإحداهما على الأخرى فبطل فيهما وكذا لوتزوج خمس زوجات في عقد واحد و إن تزوجهما في عقدين في زمنين يبطل عقد متأخر لأن الجمع حصل به نقط أي دون الأول لأنه لا جمع فيه ك عقد واقع على نحو أخت في عدة الأخت الأخرى ولو كانت الأخت الأخرى بائنا كالمعتدة من خلع أو طلاق ثلاث أو على عوض وكما لوتزوج خامسة في عدة رابعة ولو مبانة فان جهل أسبق العقدين فنسخا أي فسخهما الحاكم إن أم يطلقهما لبطلان النكاح في إحداهما وتحريمها عليه ولا نعرف المحللة له فقد اشتبهتها عليه ونكاح أحداهما صحيح ولا تتيقن بينونتها منه إلا بطلاقهما أوفسخ نكاحهما فوجب ذلك كما لو زوج الوليان وجهل السابق منهما قال في الشرح وإن أحب أن يفارق أحداهما ثم يجدد عقد الأخرى وبمسكها فلا بأس وسواء فعل ذلك بقرعة أو غيرها ولإحداهما أي إحدى من يحرم الجمع بينهما إذا عقد عليهما في زمنين وجهل أسبقهما وطلقهما أوفسخ نكاحهما قبل الدخول نصف مهرها بقرعة بين المرأتين فتأخذه من تخرج لها القرعة وله العقد على إحداهما في الحال إذن وإن أصاب إحداهما أقرع بينهما فان خرجت المصابة فلها ماسمي لها ولا شيء للأخرى وإن وقعت لغيرالمصابة فلها نصف ما سمي وللمصابة مهرمثلها بما استحل من فرجها وله نكاح المصابة في الحال لا الأخرى حتى تنقضي عدة المصابة وان أصابها فلاحداهما المسمى وللأخرى مهر المثل يقترعان عليهما ولا ينكح إحداهما حتى تنقضي عدة الأخرى ومن ملك أخت زوجته أو ملك عمتها او ملك خالتها صح ملكه لها لأنه يراد للاستمتاع وغيره ولذلك صح شراؤه أخته من رضاع وحرم أن يطأها أي التي ملكها حتى يفارق زوجته وتنقضى عدتها لئلا يجمع ماؤه في رحم أختين ونحوهما وذلك لا يحل لحديث من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجمع ماءه في رحم أختين ومن ملك أختين أو نحوها كامرأة وعمتها أو خالتها معا ولو في عقد واحد صح العقد قال في الشرح : ولا نعلم خلافا في ذلك انتهى وكدذا لو اشترى جارية ووطأها حل له شراء أختها وعمتها وخالتها كشراء المعتدة من غيره والمزوجة مع أنهما لا يحلان له وله وطء أيها شاء لأن الأخرى لم تصر فراشا كما لو ملك إحداهما وحدها وتحرم به أي بوطء إحداهما الأخرى نصا ودواعي الوطء كالوطء عموم قوله تعالى : { وأن تجمعوا بين الأختين } فإنه يعم الوطء والعقد جميعا كسائر المذكورات في الآية ويحرم وطؤهن والعقد عليهن ولأنها امرأة صارت فراشا فحرمت أختها كالزوجه حتى يحرم الموطوءة منهما باخراج لها أو لبعضها عن ملكه ولو ببيع للحاجة إلى التفريق أو هبة مقبوضة لغير ولده أو تزويج بعد استبراء ليعلم أنها ليست حاملا منه ولا يكفي في حل الأخرى مجرد تحريم الموطوءة لأنه مجرد يمين مكفرة ولوحرمها إلا أنه لعارض متى شاء أزاله بالكفارة فهو كالحيض والنفاس والاحرام والصيام أو أي ولا يكفي لحل الأخرى كتابة الموطوءة لأنه سبيل من استباحتها بما لا يقف على غيرها أو رهن لأن منعه من وطئها لحق المرتهن لا لتحريمها ولهذا يحل له وطؤها باذنه ولأنه يقدرعلى فكها متى شاء أو بيع ها بشرط خيار له أي البائع فلا يكيفيه لأنه يقدر على استرجاعها متى شاء بفسخ البيع وظاهره أنه يكيفيه إن كان الخيار لمشتر وحده فلو خالف ووطىء الأخرى قبل إخراج الموطوءة أولا أو بعضها عن ملكه لزمه أن يمسك عنهما أي الموطوءة أولا والموطوءة ثانيا حتى يحرم إحداهما بإخراج لها أو لبعضها عن ملكه كما تقدم لأن الثانية صارت فراشا له يلحقه نسب ولدها فحرمت عليه أختها كما لو وطأها ابتداء وحديث إن الحرام لا يحرم الحلال غيرصحيح ذكره في الشرح وشرحه ويرد عليه إذا وطء الأولى وطأ محرما كفى حيض ونحوه فان عادت الأولى لملكه ولو كان عودها قبل وطء الباقية في ملكه لم يصب واحدة منهما حتى يحرم الأخرى على نفسه كمالولم يخرجها عن ملكه قال المحب ابن نصر الله إن لم يجب استبراء كما لوكان زوجها فطلقها الزوج قبل الدخول فإن وجب استبراء لم يلزم ترك الباقية فيه أي في زمن الاستبراء قال المنقح وهو أي قول ابن نصرالله حسن لأنها محرمة عليه زمن الاستبراء ومثل ذلك لو عادلت إليه معتدة لم يلزمه ترك الباقية حتى تنقضي عدة العائدة ذكره في شرحه وقد ذكرت مافيه في شرح الاقناع ومن تزوج أخت سريته ولو بعد اعتاقها زمن اسبرائها لم يصح النكاح لأنه عقد تصير به المرأة فراشا فلم يجز أن يرد على فراش الأخت كالوطىء ويفارق النكاح شراء أختها ونحوها لأنه يكون للوطء وغيره بخلاف النكاح ولهذا صح شراء الأختين في عقد وشراء من تحرم برضاع أوغيره وله أي المستبرىء نكاح أربع سواها أي سوى أخت سريته ونحوها لان تحريم نحوأختها لمعنى لا يوجد في غيرها وإن تزوجها أي نحوأخت سريته بعد تحريم السرية بنحو بيع و بعد استبرائها ثم رجعت إليه السرية بنحو بيع فالنكاح بحاله لا ينفسخ بذلك لصحته وقوته ولا تحل له السرية حتى تبين الزوجة وتنقضي عدتها وكذا لا يحل له وطء الزوجة حتى يحرم السرية كما تقدم ومن وطىء امرأة بشبهة أو زنا حرم في زمن عدتها نكاح أختها أو عمتها أو خالتها ونحوهما و يحرم عليه وطؤها أي أخت موطوءته بشبهة أوزنا وعمتها ونحوها ان كانت زوجة أو أمة له و يحرم عليه أن يزيد على ثلاث فيرها أي الموطوءة بشبهة أوزنا بعقد فان كان معه ثلاث زوجات لم يحل له نكاح رابعة حتى تنقضي عدة موطوءة بشبهة أوزنا أو وطء أي لو كان له أربع زوجات ووطىء امرأة بشبهة أوزنا لم يحل له أن يطأ منهن أكثرمن ثلاث حتى تنقضى عدة موطوءته بشبهة أوزنا لئلا يجمع ماؤه في أكثرمن أربع نسوة ولا يحل نكاح موطوءة بشبهة في عدتها كمعتدة من نكاح الا من واطىء لها بشبهة فيحل له أن يتزوجها لأن منعها من النكاح لافضائه الى اختلاط المياه واشتباه الانساب وهو مأمون هنا لأن النسب كا يلحق في النكاح الصحيح يلحق في وطكل الشبهة أشبه مالو نكح معتدته من طلاق و لا يحل نكاح موطوءة بشبهة لواطىء كغيره ان لزمتها عدة من غيره أي الواطىء بشبهة حتى تنقضى العدتان كما في المحرر وغيره قال ابن نصر الله والقياس ان له نكاحها إذا دخلت في عدة وطئه وصاحب المغني أشار اليه وليس لحر جمع أكثر من أربع زوجات لأنه A قال [ لغيلان بن سلمة حين أسلم وتحته عشر نسوة أمسك أربعا وفارق سائرهن وقال نوفل ابن معاوية أسلمت وتحتى خمس نسوة فقال النبي A فارق واحدة منهن ] رواه الشافعي في مسنده فإذا منع استدامة ما زاد على أربع فالابتداء أولى وقوله تعالى : { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع } أريد به التخيير بين اثنين وثلاث وأربع كما قال تعالى : { أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع } ولم يرد أن لكل تسعة أجنحة ولو أراده لقال تسعة ولم يكن للتطويل معنى ومن قال خلاف ذلك فقد جهل اللغة العربية الا النبي A فكان له أن يتزوج بأي عدد شاء تكرمة له من الله تعالى ومات عن تسع وفسخ تحريم المنع وهو قوله تعالى : { لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج } - لقوله تعالى { ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء } ولا لعبد جمع أكثر من ثنتين أي زوجتين لما روى أحمد بإسناده عن محمد بن سيرين أن عمر سأل الناس كم يتزوج العبد فقال عبد الرحمن بن عوف اثنتين وطلاقه اثنتين وظاهره أنه كان بمحضرمن الصحابة وغيرهم ولم ينكر وهو يخص عموم الآية مع أن فيها ما يدل على إرادة الأحرار وهوقوله تعالى : { أو ما ملكت أيمانكم } ولأن مبنى النكاح على التفضيل ولهذا فارق النبي A فيه أمته ولمن نصفه حر فأكثر جمع ثلاث زوجات نصا ثنتين بنصفه الحر وواحدة بنصفه الرقيق فان كان دون نصفه حرفله نكاح اثنتين فقط ومن طلق واحدة من نهاية بعه كحر طلق واحدة من أربع أو عبد واحدة من ثنتين حرم عليه تزوجه بدلها حتى تنقضي عدتها نصا لان المعتدة في حكم الزوجة إذا لعدة أثر النكاح فلو جاز له أن يتزوج غيرها لكان جامعا بن أكثرممن يباح له بخلاف موتها أي واحدة من نهاية جمعه فله نكاح غيرها في الحال نصا لانه لم يبق لنكاحها أثر فان قال مطلق واحدة من نهاية جمعه عنها أخبرتني بانقضاء عدتها فكذبته وأمكن انقضاؤها فله نكاح أختها ونكاح بدلها لأنه لا يقبل قولها عليه لانه لا حق لها في هذه الدعوى بل الحق لله تعالى فندينه فيه ونصدقه ولأنها متهمة في ذلك بإرادة منعه نكاح غيرها وتسقط الرجعة فليس له رجعتها إن كان الطلاق رجعيا مؤاخذة له باقراره بانقضاء عدتها و لا تسقط عنه السكنى والنفقة لها إن كانت رجعية مع تكذيبها له في أنها أخبرته بانقضاء عدتها لأنهما حق لها عليه يدعي سقوطه وهي منكرة له والأصل معها فالقول قولها فيه دونه و لا يسقط نسب الولد إذا أتت به المطلقة لمدة يلحق فيها على ما يأتي تفصيله مالم يثبت اقرارها بانقضاء عدتها بالقروء ثم تأتي به لأكثرمن ستة أشهر بعدهه لان إقراره لا يقبل عليها