باب شروط الصلاة .
ما أي أشياء يتوقف عليها أي الأشياء صحتها أي الصلاة وكذا سائر العبادات والعقود تتوقف صحتها على شروط ان لم يكن عذر يعجز به عن تحصيل شرط والشروط : جمع شرط كفلس وفلوس والشرائط جمع شريطة كفرائض وفريصة والأشراط حمع شرط كأقمار وقمر وهو لغة : العلامة وعرفا : مالا يوجد المشروط مع عدمه ولا يلزم أن يوجد عند وجوده وليست شروط الصلاة منها أي من الصلاة بخلاف أركانها بل تجب شروط الصلاة لها قبلها فتسبقها وتستمر فيها وجوبا إلى انقضائها بخلاف الأركان قال المنقح : إلا النية فتكفي مقارنتها للتحريمة وهو الأفضل وهي أي شروط الصلاة تسعة إسلام وعقل وتمييز وهذه شروط لكل عبادة غير الحج فيصح ممن لم يميز ويأتي و الرابع : طهارة لحديث [ لا يقبل الله صلاة بغير طهور ] رواه مسلم وتقدم الكلام عليها و الخامس دخول وقت صلاة مؤقتة وهذا المقصود هنا وعبر عنه بعضهم : بالمواقيت قال تعالى : { أقم الصلاة لدلوك الشمس } قال ابن عباس دلوكها إذا فاء الفيء وقال عمر الصلاة لها وقت شرطه الله تعالى لها لا تصح إلا به وهو حديث [ جبريل حين أم النبي A بالصلوات الخمس ثم قال يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك ] والوقت أيضا : سبب وجوب الصلاة لأنها تضاف إليه وتتكرر بتكرره وشرط للوجوب كالأداء وغيره من الشروط شرط للأداء فقط وهو أي الوقت لظهر وهو لغة الوقت بعد الزوال وشرعا : صلاة هذا الوقت مشتق من الظهور لأن فعلها يكون ظاهرا وسط النهار وتسمى أيضا : الهجير لفعلها وقت الهاجرة وهي الأولى لبداءة جبريل بها لما صلى بالنبي A وفيه ضعف من الزوال وهو ابتداء طول الظل بعد تناهي قصره لأن الظل يكون طويلا عند ابتداء طلوع الشمس وكلما صعدت قصر إلى أن تنتهي فاذا أخذت في النزول مغربة طال لمحاذاة المنتصب قرصها فهذا أول وقت الظهر ويقصر الظل في الصيف لارتفاعها إلى الجو ويطول في الشتاء لكن لا يقصر الظل في بعض بلاد خراسان لسير الشمس ناحية عنها فصيفها كشتاء غيرها فيعتبر الوقت بالزوال وهو ميلها للغروب ويختلف ظل الزوال بالشهر والبلد فيقصر في الصيف وكلما قرب من البلاد من وسط الفلك ويطول في ضد ذلك فأقله أي أقل ظل آدمي تزول عليه الشمس بإقليم الشام والعراق : قدم وثلث قدم بقدم ذلك الآدمي في نصف حزيران وسابع عشرةأطول أيام السنة ويتزايد بقصر النهار إلى عشرة أقدام وسدس قدم في نصف كانون الأول وسابع عشرة أقصر أيام السنة ويكون الظل أقل قصرا وأكثر طولا في غير ذلك المسمى من الشهور والبلدان وطول كل إنسان بقدمه نفسه ستة أقدام وثلثان تقريبا فقد يزيد أو ينقص يسيرا ويمتد وقتها من الزوال حتى يتساوى منتصب وفيئه أي ظله سوى ظل الزوال فإذا ضبطت الظل الذي زال عليه الشمس وبلغت الزياده عليه قدر الشخص فقد انتهى وقت الظهر وتجب الفريضة على المكلف نها بأول وقتها لقوله تعالى : { أقم الصلاة لدلوك الشمس } ولا يجوز تأخيرها إلا مع العزم على فعلها فيه والافضل : تعجيلها أي الظهر لحديث أبي برزة [ كان النبي A يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس ] و [ قال جابر كان A يصلي الظهر بالهجرة ] متفق عليهما إلا مع حر مطلقا سواء كان البلد حارا أولا صلى في جماعة أو منفردا في المسجد أو في بيته لعموم حديث [ إذا اشتدا الحر فأبردوا بالظهر فان شدة الحر من فيح جهنم ] متفق عليه زفيحها غليانها وانتشار لهبها ووهجها فتؤخر مع حر حتى ينكسر الحر للخبر و الا مع غيم لمصل جماعة لما روى سعيد عن ابراهيم قال كانوا يؤخرون الظهر ويعجلون العصر في اليوم المغيم فتؤخر فيه لقرب وقت العصر طلبا للسهولة لأنه يخاف فيه العوارض من مطر وريح فيشق الحروج بتكرره فاستحب تأخير الأولى ليقرب وقت الثانية فيخرج لها خروجا واجدا فيسن التأخير في الموضعين لما تقدم غير جمعة فيها أي في الحر والغيم فيسن تقديمها مطلقا [ لحديث سهل بن سعد ما كنا نقبل ولا نتغذى إلا بعد الجمعة ] وقول سلمه بن الأكوع [ كنا نجمع مع النبي A ثم نرجع فنتتبع الفيء ] متفق عليهما وتأخيرها أي الظهر لمن لا جمعة عليه كعبد أو لمن يرمي الجمرات حتى يفعلا أي يصلي الجمعة ويرمي الجمرات أفضل من فعلها قبلهما لما يأتي في الجمعة والحج ويليه أي وقت الظهر : الوقت المختار للعصر فلا فصل ولا اشترك بينهما وهي أي العصر الصلاة الوسطى للخبر بلا خلاف عن الامام والأصحاب فيما أعلمه ذكره في الانصاف فهي بمعنى الفضلى والمتوسطة بين صلاة بهارية وصلاة ليلة أو بين رباعيتين ويمتد الوقت المختار للعصر حتى يصير ظل كل شيء مثله سوى ظل الزوال أي ظل الشاخص الذي زالت الشمس عليه إن كان لأن جبريل صلالها بالنبي A في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله وقال : الوقت فيما بين هذين ثم هو أي الوقت بعد أن يصير ظل كل شيء مثله سوى ظل الزوال وقت ضرورة إلى الغروب مصدر غربت الشمس بفتح الراء وضمها فتكون الصلاة فيه أداء لحديث [ من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها ] متفق عليه ولا فرق بين المعذور وغيره إلا ثم وعدمه فيحرم التأخير إليه بلا عذر وتعجيلها أي العصر مطلقا أي مع الحر وغيم وغيرهما أفضل الاخبار ويليه أي وقت الضرورة للعصر : الوقت للمغرب وأصله وقت المغرب أو مكانه أوهو نفسه ثم صار اسما لصلاه ذلك الوقت كنظائره وهي أي المغرب وتر النهار للخبر لقربها منه واتصالها به ويمتد وقتها حتى يغيب الشفق الأحمر لحديث ابن عمر مرفوعا [ وقت المغرب مالم يغيب الشفق ] رواه مسلم ولحديث ابن عمر مرفوعا أيضا [ الشفق الحمرة فاذا غاب الشفق وجبب العشاء ] رواه الدارقطني والأفضل تعجيلها أي المغرب لحديث [ رافع بن خديج كنا نصلي المغرب مع النبي A فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله ] متفق عليه وفعل جبريل لها في اليومين في وقت واحد : دليل لتأكيد استحباب استعجالها إلا ليلة جمع أي مزدلفة سميت بذلك لاجتماع الناس فيها وهي ليلة يوم النحر فيسن تأحيرها لمحرم يباح له الجمع قصدها أي مزدلفة قال في الفروع : حماعا ان لم يوافها أي مزدلفة وقت الغروب فيصلي المغرب في وقتها ولا يؤخرها و لا في غيم لمصل جماعة فيسن تأخيرها لقرب وقت العشاء كما تقدم في الظهر و لا في جمع تأخير إن كان جمع التأخير ارفق لمن يباح له ولا يكره تسمية الغرب بالعشاء ويليه أي وقت المغرب المختار للعشاء وهو أول الظلام وعرفا : صلاة هذا الوقت يقال لها : عشاء الأخيرة ويمتد وقتها المختار إلى ثلث الليل لأن جبريل صلاها لنبي A في اليوم الأول حين غاب الشفق وفي اليوم الثاني حين كان ثلث الليل الأول ثم قال : الوقت فيما بين هذين رواه مسلم و [ عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت كانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل ] رواه البخاري وصلاتها أي العشاء آخر الثلث الأول من الليل أفضل لخبر عائشة رضي الله تعالى عنها [ ولقوله A : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاءإلى ثلث الليل أو نصفه ] رواه الترمذي وصححه ما لم يؤخر المغرب حيث جاز تأخيرها لنحو جمع فتقدم العشاء ويكره التأخير إن شق ولو على بعضهم أي المسلمين [ لأنه A كان يأمر بالتخفيف ] رفقا بالمأمومين و يكره النوم قبلها أي صلاة العشاء ولو كان له من يوقظه و يكره الحديث بعدها أي صلاة العشاء لحديث أبي برزة الاسلمي وفيه وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها متفق عليه إلا حديثا يسيرا وإلا حديثا ولشغل لشغل و إلا حديثا مع أهل وضيف لأنه خير تاجز فلا يترك لتوهم مفسدة ثم هو أي الوقت بعد ثلث الليل وقت ضرورة إلى طلوع الفجر الثاني لحديث [ ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة أن تؤخر صلاة إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى ] رواه مسلم ولأنه وقت للوتر وهو من توابع العشاء وهو أي الفجر الثاني المستطيل البياض المعترض بالمشرق ولا ظلمة بعده ويقال له : الفجر الصادق و الفجر الأول ويقال له : الكاذب مستطيل بلا اعتراض أزرق له شعاع ثم يظلم ولدقته يسمى ذنب السرحان وهو الذئب ويليه أي وقت الضرورة للعشاء الوقت للفجر إجماعا ويمتد إلى الشروق لحديث ابن عمر مرفوعا [ وقت الفجر ما لم تطلع الشمس ] رواه مسلم وتعجيلها أي الفجر مطلقا أي صيفا وشتاء أفضل قال ابن عبد البر : [ صح عن النبي A وأبي بكر وعمر وعثمان Bهم : أنهم كانوا يغسلون بالفجر ] ومحال أن يتركوا الأفضل وهم النهاية في إتيان الفضائل وحديث [ أسفروا بالفجر فإنه أعظم حديث للأجر ] رواه أحمد وغيره حكى الترمذى عن الشافعي و أحمد و اسحاق رضي الله تعالى عنهم : ان معنى الاسفار أنه يضيء الفجر فلا يشك فيه ويسن جلوسه بمصلاه بعد عصر إلى المغرب وبعد فجر إلى الشروق بخلاف بقية الصلوات ويكره الحديث بعد صلاة الفجر في أمر الدنيا حتى تطلع الشمس ذكره في الاقناع وتأخير الكل أي الصلوات الخمس مع أمن فوت الوقت بأن يبقى منه ما يتسع لها كلها المصلي كسوف لشمس أو القمر أفضل لئلا يفوته الكسوف و تأخير الكل مع أمن فوت لB معذور كحاقن ببول أو نحوه وتائق إلى طعام أو نحوه أفضل ليزيل ذلك ويأتي الصلاة على الوجه الأكمل فأن ضاق الوقت تعين ولو أمره به أي التأخير والده ليصلي به الصلاة التي طلب تأخيرها مع سعة الوقت أخر ليصلي به وظاهره : وجوبا لطاعة والده وأنه إن أمره للتأخير لغير ذلك لم يؤخر فB يؤخذ منه : أنه لا يكره أن يؤم أباه وهو ظاهر ويجب التأخير لتعلم الفاتحة و تعلم ذكر واجب لأن الواجب لا يتم إلا به وتحصل فضيلة التعجيل بالتأهب للصلاة أول الوقت بأن يشتغل بالطهارة ونحوها عند دخوله لأنه لا إعراض منه ويقدر للصلاة أيام الدجال الطوال وهي يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة قدر الزمن المعتاد لا أنه للظهر بالزوال وانتصاف النهار ولا للعصر بمصير ظل الشيء مئله بل يقدر الوقت بزمن يساوي الزمن الذي كان في الأيام المعتادة والليلة في ذلك كاليوم ان طالت قلت : وقياسه الصوم وسائر العبادات