كتاب الصلاة .
لغة الدعاء قال تعالى : { وصل عليهم } أي ادع لهم وعدي بعلى لتضمنه معنى الانزال أي انزل رحمتك عليهم وقالى A : [ إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فان كان مفطرا فليطعم وان كان صائما فليصل ] وشرعا أقوال ولو مقدرة كمن أخرس وأفعال معلومة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم للخبر سميت صلاة لاشتمالها على الدعاء مشتقة من الصلوين تثنية صلا كعصا وهما عرقان من جانبي الذنب أو عظمان ينحنيان في الركوع والسجود لأن رأس المأموم عند صلوى امامه وقال ابن فارس : انها من صليت العود اذا لينته لأن المصلي يلين ويخشع وفرضها بالكتاب والسنة والاجماع وكان ليلة الاسراء بعد بعثته A بنحو خمس سنين وهي آكد أركان الاسلام بعد الشهادتين وتجب الصلاة الخمس في اليوم والليلة على كل مسلم ذكر أو أنثى أو خنثى حر أو عبد أو مبعض مكلف أي بالغ عاقل غير حائض ونفساء فلا تجب عليهما كما تقدم والا لأمرتا بقضائها ولو لم يبلغه أي المسلم المذكور الشرع كمن أسلم بدار حرب ولم يبلغه أحكام الصلاة فيقضيها اذا علم كالنائم أو كان نائما أو ساهيا لحديث [ من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ] رواه مسلم أو كان مغطي عقله بإغماء لما روى أن عمار أغمي عليه ثلاثا ثم أفاق فقال : هل صليت ؟ قالوا : ما صليت منذ ثلاث ثم توضأ وصلى تلك الثلاث وعن عمران بن حصين وسمرة بن جندب نحوه ولم يعرف لهم مخالف فكان كالاجماع ولان الاغماء لا تطول مدته غالبا ولا تثبت الولاية على من تلبس به ويجوز على الأنبياء ولا يسقط الصوم فكذا الصلاة كالنوم أو كان مغطى عقله بشرب دواء فيقضي كالمغمى عليه وأولى أو كان مغطى عقله بشرب محرم اختيارا لأنه معصية فلا يناسبها إسقاط الواجب أو كرها الحاقا له بما تقدم فيقضي السكران زمن سكره حتى زمن جنون طرأ على السكر متصلا به تغليظا عليه وقياسه الصوم وغيره ويلزم متيقظا اعلام نائم بدخول وقتها أي الصلاة مع ضيقه أي الوقت وظاهره : ولو نام قبل دخوله لأنه من الأمر بالمعروف المأمور به في قوله تعالى : { وأمر بالمعروف } وعلم مما تقدم : أن الصلاة لا تجب على كافر بمعنى : أنه لا يؤمر بها حال كفره ولا بقضائها إذا أسلم لما فيه من التنفير عن الاسلام وإلا فهم مخاطبون بفروع الاسلام كالتوحيد ولا تصح من مجنون لعدم النية ولا تجب عليه لأنه ليس من أهل التكليف أشبه الطفل حتى لو ضرب رأسه فجن لم يجب عليه القضاء ولا على الأبلة الذي لا يفيق واذا صلى كافر يصح إسلامه حكم به لحديث أبي هريرة مرفوعا [ نهيت عن قتل المصلين ] رواه أبو داود فظاهره : أن العصمة تثبت بالصلاة وهي لا تكون بدون الاسلام ولقول أنس [ من شهد أن لا اله إلا الله واستقبل قبلتنا وصلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ما للمسلم وعليه ما على المسلم ] رواه البخاري موقوفا والظاهر من قوله وصلى صلاتنا أنه لا يحكم باسلامه حتى يصلي ركعة لأنه لا يسمى مصليا بدونها ولأن الصلاة على الهيئة المشروعة تختص بشرعنا أشبهت الأذان وسواء كانت بدار إسلام أو حرب جماعة أو منفردا بمسجد أو غيره أو أذن ولو في غير وقته أي الأذان كافر يصح إسلامه وهو المميز الذي يعقله حكم به أي اسلامه لاتيانه بالشهادتين ومعنى الحكم به : أنه لو مات عقب ذلك غسل وكفن وصلي عليه ودفن بمقابرنا وورثه أقاربه المسلمون دون الكفار ولو أراد البقاء على الكفر وقال : صليت مستهزئا ونحوه .
لم يقبل منه كما لو كان أتى بالشهادتين ولا تصح صلاته أي الكافر ظاهرا فيؤمر بإعادتها : لفقد شرطها وهو الاسلام وإن علم أنه كان قد أسلم واغتسل وصلى بنية صحيحة فهي صحيحة ولا يعتد بأذانه لفقد شرطه وهو الأسلام فلا يسقط به الفرض ولا يعتمد عليه في صلاة وفطر ولا يحكم باسلامه باخراج زكاة ماله ولا حجه ولا صومه قاصدا رمضان ولا تجب الصلاة على صغير لحديث [ رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق من جنونه ] ولضغف عقله ونيته ولا تصح ممن لم يميز لفقد شرطها وتصح الصلاة من مميز وهو من بلغ أي استكمل سبعا من السنين وفي المطلع : من يفهم الخطاب ويرد الجواب ولا ينضبط بست بل يختلف باختلاف الافهام وصوبه في الانصاف وقال : ان الاشتقاق يدل عليه اه ولا خلاف في صحتها من المميز ويشترط لصلاته ما يشترط لصلاة الكبير إلا في السترة على ما يأتي بيانه مفصلا والثواب أي ثواب عمل المميز له لقوله تعالى : { من عمل صالحا فلنفسه } فهو يكتب له ولا يكتب عليه ويلزم الولي أمره أي المميز بها أي بالصلاة ل تمام سبع سنين و يلزمه تعليمه إياها أي الصلاة و تعليمه الطهارة ك ما يلزم الولي فعل ما فيه اصلاح ماله و كما يلزمه كفه عن المفاسد لينشأ على الكمال و لزمه أيضا ضربه على تركها لعشر سنين تامة لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي A قال : [ مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ] رواه أحمد و أبو داود والأمر والتأديب لتمرينه عليها حتى يألفها ويعتادها فلا يتركها وأما وجوب تعليمه اياها والطهارة فلتوقف فعلها عليه فان احتاج إلى أجرة فمن مال الصغير فان لم يكن فعلى من تلزمه نفقته وإن بلغ الصغير في صلاة مفروضة بأن تمت مدة البلوغ وهو فيها في وقتها لزمه إعادتها وسمي بلوغا لبلوغه حد التكليف أو بلغ بعدها أي الصلاة في وقتها لزمه إعادتها كالحج ولأنها نافلة في حقه فلم تجزئه عن الفريضة فإن بلغ بعد الوقت فلا اعادة على ما يأتي مع إعادة تيمم لها لان تيممه قبل بلوغه كان لنافلة فلا يستبيح به الفريضة و لا يلزمه إعادة وضوء ولا غسل نحو جماع لأنه يرفع الحدث بخلاف التيمم و لا إعادة اسلام لأنه أصل الدين فلا يصح نفلا فاذا وجد فعلى وجه الوجوب ولأنه يصح بفعل غيره كأبيه ولا يجوز لمن لزمته فريضة من الصلوات تأخيرها عن وقت الجواز أو تأخير بعضها عن وقت الجواز وهو وقتها المعلوم مما يأتي أو الوقت المختار فيما لها وقتان لانه تارك للواجب مخالف للأمر ولئلا تفوت فائدة التأقيت ومحله إذا كان ذاكرا للصلاة عند تأخيرها قادرا على فعلها بخلاف نحو نائم لحديث أبي قتادة مرفوعا [ ليس في النوم تفريط انما التفريط في اليقظة أن تؤخر الصلاة إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى ] رواه مسلم الا لمن له الجمع بين صلاتين لنحو سفرأو مرض وينويه أي الجمع في وقت الأولى المتسعع لها فيجوز لفعله A وتكون الأولى أداء أو مشتغل بشرطها أي الصلاة الذي يحصله أي الشرط قريبا كمن بسترته خرق وليس عنده غيرها واشتغل بخياطته حتى خرج الوقت ونحوه فلا إثم عليه بل ذلك واجب عليه فان كان تحصيل الشرط بعيدا صلى على حسب حاله ولم يؤخر و يجوز له أي لمن لزمته صلاة تأخير فعلها في الوقت أي وقت الجواز مع العزم عليه أي فعلها لمفهوم الحديث السابق فان لم يعزم على فعلها فيه أثم ما لم يظن مانعا من فعلها في الوقت كموت وقتل وحيض فيتعين أول الوقت لئلا تفوته بالكلية أو أداؤها أو ما لم يعد سترة أوله أي الوقت فقط دون آخره فيتعين فعلها أول الوقت أولا يبقى وضوء عادم الماء سفرا أو حضرا إلى آخره أي الوقت ولا يرجو وجوده أي الماء في الوقت فيتعين أول الوقت لئلا يفوته شرطها مع قدرته عليه ومن له أن يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها وهو الذي لم يظن مانعا أو عزم على فعلها في الوقت اذا مات قبله تسقط بموته لأنها لا تدخلها النيابة فلا فائدة في بقائها في الذمة بخلاف زكاة وحج ولم يأثم لأنه لم يقصر فان عزم على ترك فعلها في الوقت فهو آثم مات أو لم يمت ومتى فعلها في الوقت بعد العزم على تركها فيه كانت أداء ومن تركها أي الصلاة جحودا يعني من جحد وجوب الصلاة تركها أو فعلها ولو كان جحده لوجوبها جهلا به وعرف الوجوب وأصر على جحوده كفر أي صار مرتدا لأنه مكذب لله ورسوله واجماع الأمة وكذا لو تركها تهاونا أو كسلا اذا دعاه امام أو نائبه لفعلها أي الصلاة وأبى فعلها حتى تضايق وقت التي بعدها بأن يدعي للظهر مثلا فيأبى حتى يتضايق وقت العصر عنها فيقتل كفرا لقوله A : [ بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة ] رواه مسلم ولقوله A [ العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ] رواه أحمد و النسائي و الترمذي وقال : حسن صحيح ولقوله [ أول ما تفقدون من الامانة وآخر ما تفقدون الصلاة ] قال أحمد : كل شىء ذهب آخره لم يبق منه شيء وقال عمر لاحظ في الاسلام لمن ترك الصلاة وقال علي من لم بصل فهو كافر وقال عبد الله بن شقيق لم يكن أصحاب النبى A يرون شيئا من الأعمال تركه غير الصلاة ولا قتل ولا تكفير قبل الدعاية ولا يقتل بترك الأولى لأنه لا يعلم أنه على تركها الا بخروج وقتها فاذا خرج علم تركه لها لكنها فائتة لا يقتل بها فإذا ضاق وقت الثانية وجب قتله ويستتابان أي الجاحد لوجوبها والتارك لها تهاونا أو بعد الدعاية والإباء بثلاثة أيام بلياليها ويضيق عليهما ويدعيان كل وقت إليها فان تابا بفعلها مع اقرار الجاحد لوجوبها به كما يعلم مما يأتي في الردة خلي سبيلهما وإن قال : أصلي بمنزلي مثلا ترك وأمر بها ووكل الى أمانته وإلا بان لم يتوبا بذلك ضربت عنقهما بالسيف لحديث [ إذا قتلتم فأحسنوا القتلة ] رواه مسلم أي الهيئة من القتل ولا يزاد على ذلك وكذا أي كترك الصلاة جحودا أو تهاونا أو كسلا ترك ركن للصلاة أو ترك شرط لها مجمع عليه أو مختلف فيه يعتقد التارك وجوبه ذكره ابن عقيل وغيره وقال الموفق : لا يكفر بمختلف فيه وهو قياس ما ياتي في الردة ولا يكفر بترك فائتة ونذر ولا صوم ولا حج ولا زكاة الا بجحد وجوبها