باب الحيض .
لغة : السيلان مصدر حاض مأخوذ من حاض الوادي إذا سال وحاضت الشجرة اذا سال منها شبه الدم وهو الصمغ الأحمر وتحيضت قعدت أيام حيضها عن نحو صلاة ومن أسمائه : الطمث والعراك والضحك والاعصار والاكبار والنفاس والفراك والدراس واستحيضت المرأة استمر بها الدم بعد أيامها وشرعا دم طبيعة وجبلة بضم الجيم وكسرها أي سجية وخلقة جبل الله بنات آدم عليها ترخيه الرحم بفتح الراء وكسرها مع كسر الحاء وسكونها فيهما بيت منبت الولد ووعائه ومخرجه من قعره يعتاد ذلك الدم انثى اذا بلغت في أيام معلومة في الغالب من كل شهر ستة أيام أو سبعة إن لم تكن المرأة حاملا ولا مرضعا ولانه لا مصرف له إذن فاذا حملت صرفه الله لغذاء الولد ولذلك لا تحيض الحامل فاذا رضعت قلبه الله لبنا يتغذى به ولذلك قل أن تحيض المرضع ويمنع الحيض اثني عشر شيئا الغسل له فلا يصح لقيام موجبه ولا يمنع الغسل لجنابة أو نحو احرام بل يسن الغسل لذلك تخفيفا للحدث و يمنع الوضوء فلا يصح لما تقدم و يمنع وجوب الصلاة اجماعا فلا تقضيها إجماعا قيل لأحمد في رواية الأثرم : فان أحبت أن تقضيها ؟ قال : لا هذا خلاف أي بدعة وتفعل ركعتي طواف لأنها نسك لا آخر لوقته ذكره في الفروع بمعناه و يمنع أيضا فعلها أي الصلاة ولو سجدة تلاوة لمستمعة لقيام المانع بها و يمنع أيضا فعل طواف لقوله A : [ غير أن لا تطوفي بالبيت ] ولأنه صلاة ووجوبه باق فتفعله إذا طهرت أداء لأنه لا آخر لوقته ويسقط عنها وجوب طواف للوداع كما يأتي و يمنع أيضا فعل صوم إجماعا لقوله A : [ أليست احداكن اذا حاضت لم تصم ولم تصل ؟ قلن : بلى ] رواه البخاري و لا يمنع الحيض وجوبه أي الصوم فتقضيه إجماعا لحديث معاذة قالت سألت عائشة فقلت : ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ فقالت : أحرورية أنت ؟ فقلت : لست بحرورية ولكني أسأل فقالت : كنا نحيض على عهد النبي A فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة متفق عليه وقضاؤه بالأمر السابق لا بأمر جديد و يمنع أيضا مس مصحف لقوله تعالى : { لا يمسه إلا المطهرون } و يمنع أيضا قراءة قرآن مطلقا لقوله A [ لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن ] رواه أبو داود و الترمذي و يمنع أيضا اللبث بمسجد لقوله A : [ لا أحل المسجد لحائض ولا لجنب ] رواه أبو داود ولو كان اللبث بوضوء ومع أمن التلويث فلا يصح اعتكافها و لا يمنع الحيض المرور بالمسجد ان أمنت تلويثه نصا فان لم تأمنه منعت و يمنع الحيض أيضا وطئا في فرج لقوله تعالى : { فاعتزلوا النساء في المحيض } الآية وهو موضع الحيض صححه في الإنصاف وليس بكبيرة وان أراد وطأها فادعته قبل منها نصا إن أمكن كطهرها إلا لمن به شبق مرض معروف فيباح له الوطء في الحيض بشرطه بأن يخاف تشقق أنثييه ان لم يطأ ولا تندفع شهوته بدونه في الفرج ولا يجد غير الحائض من زوجة أو سرية ولا يقدر على مهر حرة أو ثمن أمة و يمنع الحيض أيضا سنة طلاق لأن الطلاق فيه بدعة محرمة كما يأتي موضحا في بابه ما لم تسأله أي الحائض الزوج خلعا أو طلاقا على عوض فيباح له اجابتها لأن المنع لتضررها طول العدة ومع سؤالها قد أدخلت الضرر على نفسها وعلم منه : أنه لا يباح إن سألته طلاقا بلا عوص ولا ان كان السائل غيرها و يمنع أيضا اعتدادا بأشهر لقوله تعالى : { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } فأوجب العدة بالقروء ولمفهوم قوله تعالى : { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم } الآية الا الاعتداد لوفاة فبالاشهر إن لم تكن حاملا ولو أنها تحيض لقوله تعالى : { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } ويوجب الحيض ثلاثة أشياء الغسل لقوله A : [ دعي الصلاة قدر الايام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي ] وصلي متفق عليه و يوجب البلوغ لقوله A : [ لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ] رواه أحمد وغيره فأوجب أن تستتر لأجل الحيض فدل على أن التكليف حصل به و يوجب الاعتداد به الا لوفاة وتقدم معناه زاد في الاقناع الحكم ببراءة الرحم في الاعتداد والاستبراء إذ الحامل لا تحيض والكفارة بالوطء فيه ونفاس مثله أي مثل الحيض فيما يمنعه ويوجبه الا في ثلاثة أشياء اعتداد لأنه ليس بقروء فلا تتناوله الآية وكونه أي النفاس لا يوجب بلوغا لأنه حصل بالانزال السابق للحمل و كونه لا يحتسب به في مدة ايلاء أي الأربعة أشهر التي تضرب للمولى لطول مدته بخلاف الحيض ولا يباح قبل غسل بانقطاع دم الحيض غير صوم لأن وجوب الغسل لا يمنع فعله كالجنابة و غير طلاق لأن تحريمه لتطويل العدة وقد زال ذلك ويباح أيضا بعد انقطاعه : لبث بمسجد بوضوء وتقدم ويجوز أن يستمتع زوج وسيد من حائض بدون فرج مما بين سرتها وركبتها لما روى عبد الله بن حميد وابن جرير عن ابن عباس في قوله تعالى : { فاعتزلوا النساء في المحيض } أي اعتزلوا نكاح فروجهن ولأن المحيض اسم لمكان الحيض كالمقيل والمبيت فيخص التحريم به ولهذا لما نزلت هذه الآية قال A : [ اصنعوا كل شيء الا النكاح ] رواه مسلم وفي لفظ [ الا الجماع ] رواه أحمد وغيره وأما حديث عبد الله بن سعد أنه سأل النبي A : [ ما يحل من امرأتي وهي حائض ؟ فقال : لك ما فوق الازار ] رواه أبو داود فأجيب عنه : بأنه من رواية حزام بن حكيم وقد ضعفه ابن حزم وغيره وبه تسليم صحته فانه يؤول بالمفهوم والمنطوق راجح عليه وأما حديث عائشة [ أنه كان يأمرني أن أتزر فيباشرني وأنا حائض ] فلا دلالة فيه أيضا للتحريم لأنه كان يترك بعض المباح تعذرا كتركه أكل الضب ويسن ستره أى الفرج إذا أي حين استمتاعه بما دونه لحديث عكرمة عن بعض ازواج النبي A [ أنه كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على فرجها خرقة ] رواه أبو داود فان أولج في فرج حائض قبل انقطاعه أي الحيض من يجامع مثله وهو ابن عشر : حشفته أو قدرها إن كان مقطوعها ولو بحائل لفه على ذكره فعليه أي المولج كفارة دينار أو نصفه على التخيير لحديث ابن عباس مرفوعا [ في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال : يتصدق بدينار أو نصف دينار ] رواه أحمد و أبو داود و الترمذي و النسائي وتخييره بين الشيء ونصفه ؟ كتخيير المسافر بين القصر والاتمام والدينار هنا : المثقال من الذهب مضروبا أولا ويجزي قيمته من الفضة فقط سواء وطىء في أول الحيض أو آخره سواء كان الدم أحمر أو أصفر وكذا لو جامعها وهي طاهرة فحاضت فنزع في الحال لأن النزع جماع ولو كان الواطىء مكرها أو ناسيا الحيض أو جاهلا الحيض والتحريم لعموم الخبر وكالوطء في الاحرام وكذا هي أي والمرأة كالرجل في الكفارة قياسا عليه ان طاوعته على الوطء فان أكرهها فلا كفارة عليها وقياسه : لو كانت ناسية أو جاهلة وتجزىء الكفارة إن دفعها الى مسكين واحد لعموم الخبر كنذر مطلق أي كما لو نذر الصدقة بشيء وأطلق جاز دفعه لواحد وتسقط الكفارة بعجز عنها ككفارة الوطء في نهار رمضان وان كرر الوطء في حيضة أوحيضتين فكالصوم وبدن الحائض طاهر ولا يكره عجنها ونحوه ولا وضع يدها في مائع وأقل سن حيض أي من امرأة يمكن أن تحيض تمام تسع سنين تحديدا لأنه لم يوجد من النساء من تحيض قبل هذا السن ولأنه خلق لحكمة تربية الولد وهذه لا تصلح للحمل فلا توجد فيها حكمته وروي عن عائشة [ اذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة ] وروي مرفوعا عن ابن عمر والمراد حكمها حكم المرأة فمتى رأت دما يصلح أن يكون حيضا حكم بكونه حيضا وببلوغها وان رأته قبل هذا السن لم يكن حيضا وأكثره أي أكثر سن تحيض فيه النساء خمسون سنة لقول عائشة إذا بلغت المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض وعنها أيضا لن ترى المرأة في بطنها ولدا بعد الخمسين والحامل لا تحيض نصا لحديث أبي سعيد مرفوعا في سبي أوطاس [ لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض ] رواه أحمد و أبو داود فجعل الحيض علما على براءة الرحم فدل على أنه لا يجتمع معه وقال A [ لما طلق ابن عمر زوجته وهي حائض : ليطلقها طاهرا أو حاملا ] فجعل الحمل علما على عدم الحيض كالطهر احتج به أحمد وقال : إنما تعرف النساء الحمل بانقطاع الدم ولأنه زمن لا يرى فيه الدم غالبا فلم يكن ما تراه حيضا كالآيسة فاذا رأت دما فهو دم فساد فلا تترك له الصلاة ولا يمنع زوجها من وطئها ويستحب أن تغتسل بعد انقطاعه نصا وأقله أي أقل زمن يصلح أن يكون دمه حيضا يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوما بلياليها لقول علي ما زاد على خمسة عشر استحاضة وأقل الحيض يوم وليلة وغالبه ست أو سبع [ لقوله A لحمنة تحيضيى في علم الله ستة أيام أو سبعة ثم اغتسلي وصلي أربعة وعشرين يوما أو ثلاثة وعشرين يوما كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات ] وأقل طهر بين حيضتين ثلاثة عشر يوما لما روى أحمد واحتج به عن علي ان امرأة جاءته وقد طلقها زوجها فزعمت انها حاضت في شهر ثلاثة حيض فقال علي لشريح : قل فيها فقال شريح : ان جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته فشهدت بذلك وإلا فهي كاذبة فقال علي : قالون أي جيد بالرومية وهذا لا يقوله إلا توقيفا وانتشر ولم يعلم خلافه ووجود ثلاث حيض في شهر : دليل على أن الثلاثة عشر طهر يقينا قال أحمد : لا يختلف أن العدة تصح أن تنقضي في شهر اذا قامت به البينة و أقل الطهر زمن حيض أي في أثنائه خلوص النقاء بأن لا تتغير معه قطنة احتشت بها طال الزمن أو قصر ولا يكره وطؤها أي من انقطع دمها في أثناء عادتها واغتسلت زمنه أي زمن طهرها في أثناء حيضها لأنه تعالى وصف الحيض بكونه أذى فاذا انقطع الدم واغتسلت فقد زال الأذى وغالبه أي الطهر بين الحيضتين بقية الشهر بعد ما حاضته منه إذ الغالب أن المرأة تحيض في كل شهر حيضة فمن تحيض ستة أيام أو سبعة من الشهر فغالب طهرها أربعة وعشرون أو ثلاثة وعشرون يوما ولا حد لأكثره أي الطهر لأنه لم يرد تحديده شرعا ومن النساء من لا تحيض الشهر والثلاث والسنة فأكثر ومنهن من لا تحيض أصلا