فصل في ذكر النجاسات وما يعفى عنه وما يتعلق بذلك .
المسكر نجس خمرا كان أو نبيذا لقوله تعالى : { إنما الخمر والميسر } - الى قوله - { رجس } ولأنه يحرم تناولها من غير ضرر أشبه الدم ولقوله A : [ كل مسكر خمر وكل خمر حرام ] رواه مسلم ولأن النبيذ شراب فيه شدة مطربة أشبه الخمرة وكذا الحشيشة المسكرة قاله في شرحه وما لا يؤكل من الطير والبهائم فما فوق الحمر خلقة نجس كالعقاب والصقر والحدأة والبومة والنسر والرخم وغراب البين والأبقع والفيل والبغل والحمار والأسد والنمر والذئب والفهد والكلب والخنزير وابن آوى والدب والقرد والسمع والعسبار وأما ما دون ذلك في الخلقة فهو طاهر كالنمس والنسناس وابن عرص والقنفذ والفأر وميتة غير الآدمي و غير سمك و غير جراد و غير ما لا نفس له سائلة كالعقرب نجسة وأما ميتة الآدمي فطاهرة لقوله تعالى : { ولقد كرمنا بني آدم } ولحديث [ ان المؤمن لا ينجس ] لأنه لو نجس لم يطهر بالغسل وأجزاؤه وأبعاضه كجملته وميتة السمك وسائر ما لا يعيش الا في الماء والجراد طاهرة أيضا لأنها لو كانت نجسة لم يحل أكلها بخلاف ما يعيش في البر والبحر فميتته نجسة كالضفدع وميتة ما لا نفس أي دم له يسيل كالخنفساء والعنكبوت والذباب والنحل والزنبور والنمل والدود من طاهر والقمل والصراصر من غير نجاسة ونحوها طاهرة لحديث [ إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليمقله فان في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء ] رواه البخاري وفي لفظ [ فليغمسه كله ثم ليطرحه ] وهذا عام في كل بارد وحار ودهن مما يموت الذباب بغمسه فيه غلو كان ينجسه كان آمرا بافساده إلا الوزغ والحية فميتتهما نجسة لأن لهما نفسا سائلة والعلقة يخلق منها حيوان ولو كان آدميا أو طاهرا نجسة لأنها دم خارج من الفرج والبيضة تصير دما نجسة كالعلقة وكذا بيض مذر ذكره أبو المعالي وفي التلخيص : وهومعنى كلام المصنف في اجتناب النجاسة ونقل في الانصاف عن ابن تميم أن الصحيح : طهارتها ولبن غير آدمي ومأكول كلبن هرنجس ومني غير آدمي ومأكول نجس وأما مني المأكول فطاهر وكذا مني الأدمي ذكرا كان أو أنثى عن احتلام أو جماع أو غيرهما فلا يجب فرك ولا غسل وظاهره ولو عن استجمار وصرح به في الاقناع وان كان على المخرج نجاسة فالمني نجس لا يعفى عن شيء منه ذكره في المبدع وبيضه أي غير المأكول نجس والقيء مما لا يؤكل نجس والودي مما لا يؤكل نجس وهو ماء أبيض يخرج عقب البول غير لزج والمذي مما لا يؤكل نجس وهو ماء أبيض رقيق لزج كماء السيسبان يخرج عند مبادىء الشهوه والانتشار والبول والغائط مما لا يؤكل أو من آدمي نجس وأما ما يؤكل لحمه فبوله وروثه طاهر لحديث العرنيين في الابل وقيس عليه الباقي وكذا مما لا نفس له سائلة كما ذكره المجد وفي الاقناع وغيره والنجس هنا كالودي والمذي والبول والغائط طاهر منه A و من سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تكريما لهم وماء قروح نجس كدم ودم نجس غير ما يبقى منه في عرق مأكول بعد ذبحه ولو ظهرت حمرته أي حمرة دم عرق المأكول فانه طاهر مباح وكذا ما يبقى في خلل اللحم بعد الذبح طاهر و غير دم سمك و غير دم بق وقمل وبراغيث وذباب ونحوه مما لا يسيل دمه فدمه طاهر و غير دم شهيد عليه فانه طاهر ما دام عليه فان فصل عنه فنجس وقيح نجس وصديد نجس لأنهما متولدان من الدم النجس ويعفى في غير مائع و غير مطعوم عن يسير لم ينقض الوضوء خروج قدره من البدن من دم ولو كان الدم حيضا ونفاسا واستحاضة كغيرها لأنه يشق التحرز منه و يعفى أيضا في غيرما تقدم عن يسير من قيح وصديد لتولدهما منه فهما أولى منه بالعفو ولو كان الدم والقيح والصديد من غير مصل بأن أصابت المصلي من غيره كما لو كانت منه و لا يعفى عن شيء من دم أو قيح أو صديد من حيوان نجس ككلب وحمار لأنه لا يعفى عن يسير فضلاته كعرقه وريقه فدمه أولى أو كان الدم أو القيح أو الصديد من سبيل قبل أو دبر : فلا يعفى عن شىء منه لأن حكمه حكم البول والغائط و يعفى عن أثر استجمار بمحله بعد الانقاء واستيفاء العدد بلا خلاف وعلم منه : أنه لو تعدى محله الى الثوب أو البدن لم يعف عنه ويعفى أيضا عن يسير سلس بول بعد كمال التحفظ لمشقة التحرز منه و يعفى أيضا عن دخان نجاسة وغبارها وبخارها ما لم تظهر له أي الدخان والغبار والبخار صفة في الشيء الطاهر لأنه يشق التحرز منه وقال جماعة ما لم يتكاثف و يعفى أيضا عن يسير ماء نجس بما أي بشيء عفى عن يسيره كدم وقيح وصديد قاله ابن حمدان في رعايته وعبارته : وعن يسير الماء النجس بما عفي عن يسيره من دم ونحوه وأطلقه أي أطلق القول بالعفو عن يسير الماء النجس المنقح في التنقيح عنه أي عن ابن حمدان فلم يقيده بما عفي عن يسيره ووجهه أن الماء المتنجس بل كل متنجس حكمه حكم نجاسته فان عفي عن يسيرها كالدم عفي عن يسيره والا كالبول لم يعف عنه لأنه فرعها والفرع يثبت له حكم أصله ويضم نجس يعفى عن يسيره متفرق بثوب واحد بان كان فيه بقع من دم أو قيح أو صديد فان صار بالضم كثيرا لم تصح الصلاة فيه و إلا عفي عنه ولا يضم متفرق في أكثر يل يعتبر كل ثوب على حدته و يعفى عن نجاسة بعين وتقدم : لا يجب غسلها للتضرر به و يعفى أيضا عن حمل كثيرها أي النجاسة في صلاة خوف للضرورة وعرق وريق من حيوان طاهر مأكول أو غير مأكول طاهر والبلغم من صدر أو رأس أو معدة طاهر ولو أزرق لحديث مسلم عن أبي هريرة أنه A : [ رأى نخامة في قبلة المسجد فأقبل علي فقال : ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فيتنخع أمامه ؟ أيحب أن يستقبل فيتنخع في وجهه ؟ فاذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره أو تحت قدمه فان لم يجد فليقل هكذا - ووصفه القاسم فتفل في ثوبه ثم مسح بعضه في بعض ] ولوكانت نجاسة لما أمر بمسحها في ثوبه وهو في الصلاة ولا تحت قدمه ولو كان نجسا لنجس الفم ولأنه منعقد من الأبخرة أشبه المخاط ورطوبة فرج آدمية طاهرة لأن المني طاهر ولو عن جماع فلو كانت نجسة لكان نجسا لخروجه منه وسائل من فم : ذكر أو أنثى صغير أو كبير وقت نوم طاهر كالبصاق ودود قز وبزيره طاهر قال بعضهم : بلا خلاف ومسك وفأرته طاهران وهو سرة الغزال وانفصاله بطبعه كالجنين قال في شرحه : وكذا الزباد طاهر لأنه عرق سنور بري وقيل : لبن سنور بحري وفي الاقناع : نجس لأنه عرق حيوان بري أكبر من الهر قال ابن البيطار في مفرداته : قال الشريف الادريسى : الزباد نوع من الطيب يجمع من بين أفخاذ حيوان معروف يكون بالصحراء يصاد ويطعم اللحم ثم يعرق فيكون من عرق بين فخذيه حينئذ وهو أكبر من الهر الأهلي والعنبر طاهر وطين شارع ظنت نجاسته طاهر وكذا ترابه عملا بالأصل فان تحققت نجاسته عفي عن يسيره ولا يكره استعمال سؤر حيوان طاهر وهو فضل ما أكل أو شرب منه غير دجاجة مخلاة أي غير مضبوطة فيكره سؤرها احتياطا وقيل : وسؤر الفأر لأنه ينسي ولو أكل هر ونحوه وكنمس وفأر وقنفذ دجاجة وبهيمة : نجاسة أو أكل طفل نجاسة ثم شرب الهر ونحوه أو الطفل ولو قبل أن يغيب بعد أكل النجاسة من ماء يسير أو مائع لا يؤثر لمشقة التحرز منه أو وقع فيه أي الماء اليسير أو ماخ غيره هر ونحوه مما ينضم دبره إذا وقع في مائع كالفأر وخرج حيا لم يؤثر لعدم وصول نجاسة إليه وكذا لو وقع في جامد وخرج حيا لم يؤثر وهو أي الجامد ما يمنع انتقالها أي النجاسة فيه لكثافته وان مات حيوان ينجس بموت أو وقع ميتا في دقيق ونحو كسمن جامد ألقي الميت وما حوله من دقيق ونحوه لملاقاته النجس واستعمل الباقي وإن اختلط النجس بغيره ولم ينضبط حرم الكل تغليبا للحظر وكذا لو كان مائعا للخبر