كتاب الحجر .
للفلس وغيره وهو بفتح الحاء وكرها لغة التضييق والمنع ومنه سمي الحرم حجرا لقوله تعالى : { ويقولون حجرا محجورا } لأنه ممنوع منه وسمي العقل حجرا لقوله تعالى : { هل في ذلك قسم لذي حجر } لأنه يمنع صاحبه من تعاطي ما يقبح وتضرعاقبته وشرعا منع مالك من تصرفه في ماله سواء كان المنع من قبل الشرع كالصغير والمجنون والسفيه أو الحاكم كمنعه المشتري من التصرف في ماله حتى يقضي الثمن الحال على ما تقدم و الحجر لفلس : منع حاكم من عليه دين حال يعجز عنه من تصرفه قي ماله الموجود حال الحجر والمتجدد بعده بإرث أو هبة أو غيرهما مدة الحجر أي إلى وفاء دينه أوحكمه بفكه فلا حجرعلى مكلف رشيد لا دين عليه ولا على من دينه مؤجل ويأتي ولا على قادر على الوفاء ولا من التصرف في ذمته والمفلس لغة من لا مال أي نقد له ولا ما يدفع فه حاجته فهو المعدم سمي بذلك لأنه لا مال له إلا الفلوس وهي أدنى أنواع المال و المفلس عند الفقهاء من دينه أكثر من ماله سمي مفلسا وإن كان ذا مال لاستحقاق ماله الصرف في جهة دينه فكأنه معدوم أو لما يؤول إليه من عدم ماله بعد وفاء دينه أو لأنه يمنع من التصرف في ماله إلا الشيء التافه الذي لا يعيش إلا به كالفلوس والحجر الذي هو منع الإنسان من التصرف في ماله على ضربين أحدهما الحجر لحق الغير أي غير المحجور عليه كالحجر على مفلس لحق الغرماء و على راهن لحق المرتهن بالرهن بعد لزومه و على مريض مرض موت مخوفا فيما زاد على الثلث لحق الورثة و على قن ومكاتب لحق سيده و على مرتد لحق المسلمين لأن تركته فيء يمنع من التصرف في ماله لئلا يفوته عليهم و مشتر في شقص مشفوع اشتراه بعد طلب شفيع له على القول بأنه لا يملكه بالطلب لحق الشفيع أو بعد تسليمه أي تسليم البائع المشتري المبيع بثمن حال إذا امتنع المشتري من أداء الثمن وماله بالبلد أو بمكان قريب منه فيحجرعلى مشتر في كل ماله حتى يوفيه لحق البائع وتقدم الضرب الثاني الحجر على الشخص لحظ نفسه ك لالحجر على صغير وسفيه ومجنون لأن مصلحته عائدة إليهم والحجر عليهم عام في أموالهم وذممهم ولا يطالب مدين بدين لم يحل ولا يحجر عليه بدين لم يحل لأنه لا يلزمه أداؤه قبل حلوله ولغريم من أي مدين وظاهره ولو ضامنا أراد سفرا أطلقه الأكثر وقيده الموفق والشارح وجماعة بالطويل قال في الإنصاف : ولعله أولى وجزم به في الإقناع سوى سفر جهاد متعين لاستنفار الإمام له ونحوه فلا يمنع من السفر له ولو كان السفر غيرمخوف أو كان الدين لا يحل أجله قبل مدته أي السفر وليس بدينه أي الغريم الذي يريد مدينه السفر رهن يحرز الدين أي يفي به أو ليس به كفيل مليء قادر بالدين منعه مبتدأ خبره : ولغريم المتقدم أي لرب الدين منع مدينه من السفر حتى يوثقه بأحدهما أي برهن يحرز أو كفيل مليء لما فيه من الضرر عليه بتأخير حقه بسفره وقدومه عند محله غيرمتيقن ولا ظاهر وعلم منه أنه لو كان به رهن لا يحرزه أوكفيل غير مليء له منعه أيضا حتى يتوثق بالباقي وإن أراد غريم مدين وضامنه السفرمعا فله منعهما أيهما شاء حتى يوثق كما سبق و لا يملك رب دين تحليله أي المدين إن أحرم ولو بنفل لوجوب إتمامه قال الشيخ تقي الدين : له منع عاجز حتى يقيم كفيلا ببدنه أي لإنه قد تحصل له ميسرة ولا يتمكن من مطالبته لغيبته عن بلده فيطلبه من الكفيل ويجب وفاء دين حال فوراعلى مدين قادر بطلب ربه لحديث [ مطل الغني ظلم ] وبالطلب يتحقق المطل فلا يترخص من سافر قبله أي الوفاء بعد الطلب لأنه عاص بسفره ويمهل مدين بقدر ذلك أي ما يتمكن به من الوفاء بأن طولب بمسجد أو سوق وماله بداره أو حانوته أو بلد آخر فيمهل بقدر ما يحضره فيه ويحتاط رب دين إن خيف هروبه أي المدين بملازمته إلى وفائه أو يحتاط بكفيل مليء أو ترسم عليه جمعا بين الحقين وكذا لو طلب تمكينه منه أي الإيفاء محبوس فيمكن منه ويحتاط إن خيف هروبه كما تقدم أو أي كذا ولو توكل إنسان فيه أي في وفاء حق وطلب الإمهال لاحضار الحق فيمكن منه كالموكل وإن مطله أي مطل المدين رب الدين حتى شكاه رب الدين وجب على حاكم ثبت لديه أمره بوفائه بطلب غريمه إن علم قدرته عليه أوجهل حاله لتعينه عليه ولم يجحر عليه لعدم الحاجة إليه ويقضي دينه بمال فيه شبهة نصا لأنه لا تتقى شبهه بترك واجب وما غرم رب دين بسببه أي سبب مطل مدين أحوج رب الدين إلى شكواه فعلى مماطل لتسببه في غرمه أشبه ما لو تعدى على مال لحمله أجرة وحمله لبلد أخرى وغاب ثم غرم مالكه أجرة حمله لعوده إلى محله الأول فإنه يرجع به على من تعدى بنقله وإن تغيب مضمون أطلقه الشيخ تقي الدين في موضع وقيده في آخر بقادر على الوفاء فغرم ضامن بسببه أو غرم شخص لكذب عليه عند ولي الأمر رجع الغارم به أي بما غرمه على مضمون وكاذب لتسببه قال في شرحه : ولعل المراد إن ضمته بإذنه وإلا فلا فعل له في ذلك ولا تسبب وإن أهمل شريك بناء حائط بستان بينه وبين آخر فأكثر وقد اتفقا أي الشريكان عليه أي البناء وبنى شريكه فما تلف من ثمرته أي البستان بسبب ذلك الإهمال ضمن مهمل حصة شريكه منه أي التالف لحصود تلفه بسبب تفريطه ولو أحضر مدير عليه مدعي به لحمله مؤنة لتقع الدعوى على عينه ولم يثبت لمدع لزمه أي المدعي مؤنة إحضاره ورده إلى محله لأنه ألجأه إلى ذلك فيؤخذ من هذه المسائل الرجوع بالغرم على من تسبب فيه ظلما فإن أبى مدين وفاء ما عليه بعد أمرالحاكم له يطلب ربه حبسه لحديث عمرو بن الشريد عن أبيه مرفوعا [ لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته ] رواه أحمد و أبو داود وغيرهما قال أحمد قال وكيع عرضه شكواه وعقوبته حبسه وفي المغني : إذا امتنع الموسر من قضاء الدين فلغريمه ملازمته ومطالبته والإغلاظ عليه بالقول فيقول : يا ظالم يا معتدي ونحوه للخبر وحديث إن لصاحب الحق مقالا انتهى وظاهره أنه يحبس حيث توجه حبسه ولو أجيرا خاصا أو امرأة متزوجة وليس له أي الحاكم إخراجه أي المدين من الحبس حتى يتبين له أمره لأن حبسه حكم فلم يكن له رفعه بغير رضا المحكوم له وأول من حبس على الدين شريح وكان الخصمان يتلازمان وتجلب تخليته أي المحبوس إن بان المدين معسرا رضي غريمه أو لا فيخرجه منه لقوله تعالى : { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } وفي إنظار المعسر فضل عظيم لحديث بريرة مرفوعا [ من أنظرمعسرا فله بكل يوم مثله أي الدين صدقة قبل أن يحل الدين فإذا حل الدين فانظره فله بكل يوم مثلاه صدقة ] رواه أحمد بإسناد جيد أو حتى يبرئه رب الدين منه أو من الحبس بأن يقول للحاكم : خل عنه لأن الحق له أو حتى يوفيه المدين ما حبس عليه لانتهاء غاية الحق بأدائه فإن أبى محبوس موسردفع ما عليه عزره حاكم ويكرر حبسه وتعزيزه حتى يقضيه كالقول فيمن أسلم على أكثرمن أربع ولا يزاد كل يوم على كثر التعزير أي العشر ضربات فإن أصر على عدم القضاء مع ما سبق باع حاكم ماله وقضاه نقل حنبل إذا تقاعد بحقوق الناس يباع عليه ويقضى أي لقيام الحاكم مقام الممتنع وتحرم مطالبة ذي عسرة بما عجز عنه وملازمته والحجر عليه لقوله تعالى : { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } ولقوله A [ لغرماء الذي كثر دينه : خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك ] فإن ادعاها المدين أي العسرة ولم يصدقه رب الدين ودينه عن عوض كثمن مبيع و بدل قرض حبس أو عرف له مال سابق والغالب بقاؤه حبس ولو كان دينه عن غير عوض أو كان دينه عن غير عوض مالي كعوض خلع وصداق وضمان و كان المدين أقر أنه مليء حبس لأن الأصل بقاء المال ومؤاخذة له بإقراره إلا أن يقيم مدين بينة به أي بإعساره و يعتبر فيها أي البينة الشاهدة بإعساره أن تخبر باطن حاله لأن الإعسار من الأمور الباطنة التي لا يطلع عليها في الغالب إلا المخالط له وهذه الشهادة وإن كانت تتضمن النفي فهي تثبت حالة تظهر وتقف عليها المشاهدة بخلاف ما لوشهدت أنه لا حق له فإنه مما لا يوقف عليه ولا يحلف المدين معها أي مع البينة الشاهدة بإعساره لما فيه من تكذيب البينة أو إلا أن يدعي تلفا لما له ونحوه أي التلف كنفاد ماله في نفقة أو غيرها ويقيم بينة به أي بالتلف ونحوه ولا يعتبرفيها أن تخبر باطن حاله لأن التلف والنفاد يطلع عليه من خبر باطن حاله وغيره ويحلف المدين معها أي البينة الشاهدة بتلف ماله ونحوه إن طلب رب الحق يمينه لأن اليمين على أمرمحتمل غيرما شهدت به البينة ويكفي في الحالين أن تشهد بالتلف أو الإعسار يعني يكفي في الإعسار أن تشهد به وفي التلف أن تشهد به فلا يعتبر الجمع بينهما وتسمع بينة الإعسار أو التلف ونحوه قبل حبس ك ما تسمع بعده أي الحبس ولو بيوم لأن كل بينة جاز سماعها بعد مدة جازه سماعها في الحال وإن سأل مدع حاكما تفتيش مدين مدعيا أن المال معه لزمه إجابته ذكر في الإقناع أو إلا أن يسأل مدين سؤال مدع عن حاله ويصدقه مدع على عسرته فلا يحبس في المسائل الثلاث وهي ما إذا أقام بينة بعسرته أو تلف ماله ونحو أو صدقه ماع على ذلك وإن أنكر مدع عسرته وأقام بينة بقدرته أي المدين على الوفاء ليسقط عنه اليمين حبس أو حلف مدع بحسب جوابه للمدين كسائر الدعاوي حبس المدين حتى يبرأ أو تظهر عسرته وإلا أي وإن لم يكن دينه عن عوض كصداق ولم يعرف له مال الأصل بقاؤه ولم يقرأنه مليء ولم يحلف مدع طلب يمينه أنه لا يعلم عسرته حلف مدين أنه لا مال له وخلى سبيله لأن الحبس عقوبة ولا يعلم له ذنب يعاقب به ولا يجب الحبس بمكان معين بل المقصود تعويقه عن التصرف حتى يؤدي ما عليه ولو في دار نفسه بحيث لا يمكن من الخروج وفي الإختيارات : ليس له إثبات إعساره عند غير من حبسه بلا إذنه وليس على محبوس قبوله ما يبذله غريمه له مما عليه منة فيه كغير اتحبوس وإن قامت بينة بمعين لمدين فأنكر ولم يقر به لأحد أوأقر به لزيد مثلا فكذبه قضى منه دينه وإن صدقه زيد أخذه بيمينه ولا يثبت الملك للمدين لأنه لا يدعيه قال في الفروع : وظاهرهذا أن البينة هنا لا يعتبرلها تقدم دعوى وإن كان له بينة قدمت لإقرار رب الدين وإن أقر به الغائب فقال ابن نصر الله : الظاهرأنه يقضي منه لأن قيام البينة به له فكذبه في إقراره مع أنه متهم فيه وحرم إنكار معسر وحلفه لاحق عليه ولو تأول نصا لظلمه رب الدين فلا ينفعه التأويل وفي الإنصاف : لو قيل بجوازه إذا تحقق ظلم رب الحق له وحبسه ومنعه من القيام على عياله لكان له وجه انتهى وفي الرعاية : والغريب العاجز عن بينة إعساره يأمر الحاكم من يسأل عنه فإذا ظن السائل إعساره شهد به عنده وإن سأل الحاكم غرماء من له مال لا يفي بدينه الحال الحاكم الحجر عليه أو سأل بعضهم الحاكم الحجر عليه أي المدين لزمه أي الحاكم إجابتهم أي السائلين وحجر عليه لحديث كعب بن مالك [ أن رسول الله A حجرعلى معاذ وباع ماله ] رواه الخلال فإن لم يسأله أحد منهم لم يحجر عليه ولو سأله المفلس ويسن إظهار حجر سفه وفلس ليعلم الناس حالهما فلا يعاملان إلا على بصيرة و سن الإشهاد عليه أي الحجرلذلك ليثبت عند من يقوم مقام الحاكم لو عزل أو مات فيمضيه ولا يحتاج إلى ابتداء حجرثان