فصل في حكم الجوار .
بكسرالجيم مصدر جاور وأصله الملازمة ومنه قيل للمعتكف مجاور لملازمة الجار جاره في المسكن وفي الحديث [ ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ] إذا حصل في هوائه أي الانسان أو على جداره أو في أرضه التي يملكها أو بعضها أو يملك نفعها أو بعضه غصن شجر غيره عرقه أي حصل في هوائه غصن شجرغيره أو حصل في أرضه عرق شجر غيره لزمه أي رب الغصن والعرق إزالته برده إلى ناحية أخرى أو قطعه سواء أثر ضررا أو لا ليخلي ملكه الواجب إخلاؤه والهواء تابع للقرار وضمن رب غصن أو عرق ما تلف به بعد طلب بإزالته لصيرورته معتديا بابقائه وبناه في المغنى على مسئلة ما إذا مال حائطه فلم يهدمه حتى أتلف شيئا فعليه لاضمان عليه مطلقا كما صححه في الانصاف لأنه ليس من فعله فإن أبي رب غصن أوعرق إزالته فله أي رب الهواء أو الأرض قطعه أي الغصن أو العرق ان لم يزل الا به بلا حاكم ولا غرم لأنه لا يلزمه إقرار مال غيره في ملكه بلا رضاه ولا يجبر ربه على ازالته لأنه ليس من فعله و لا يصح صلحه أي رب الغصن أو العرق على ذلك بعوض ولا صلح من مال حائطه أو زلق خشبه إلى ملك غيره عن ذلك أي ابقائه كذلك بعوض لأن شغله لملك الآخر لا ينضبط فإن اتفقا أي رب الغصن والهواء أو الأرض والعرق على ان الثمرة له أو على ان الثمرة بينهما جاز لأنه أصلح من القطع ولم يلزم الصلح لأنه يؤدي إلى ضرر رب الشجر لتأبيد استحقاق الثمرة عليه أو مالك الهواء أو الأرض لتأييد بقاء الغصن أو العرق في ملكه فلكل منهما فسخه فإن مضت مدة ثم امتنع رب الشجرة من دفع ما صالح به من الثمرة فعليه أجرة المثل وحرم إخراج دكان بضم الدال و اخراج دكة بفتحها قال في القاموس والدكة بالفتح والدكان بالضم بناء يسطح أعلاه للمقعد وفي موضع آخرالدكان كرمان الحانوت ب طريق نافذ سواء أضر بالمارة أو لا لأنه ان لم يضرحالا فقد يضر مالا وسواء إذن فيه الإمام أولا لأنه ليس له أن يأذن فيما ليس فيه مصلحة لا سيما مع احتمال أن يضر فيضمن مخرج دكان أو دكة ما تلف به لتعديه وكذا جناح و هو الروشن على أطراف خشب أو حجر مدفونة في الحائط و ساباط وهو المستوفي للطريق على جدارين وميزاب فيحرم اخراجها بنافذ إلا بإذن إمام أو نائبه لأنه نائب المسلمين فإذنه كاذنهم ولحديث أحمد [ أن عمر اجتاز على دار العباس وقد نصب ميزابا إلى الطريق فقلعه فقال تقلعه وقد نصبه رسول الله A بيده فقال والله لا تنصبه إلا على ظهري فانحنى حتى صعد على ظهره فنصبه ] ولجريان العادة به بلا ضرر بأن يمكن عبور محمل من تحته وإلا لم يجز وضعه ولا إذنه فيه فإن كان الطريق منخفضا وقت وضعه ثم ارتفع لطول الزمن فحصل به ضرر وجبت إزالته ذكر الشيخ تقي الدين ويحرم ذلك أي إخراج دكان ودكة وجناح وساباط وميزان في ملك غيره أو هوائه أي الغير أو في درب غير نافذ أ وفتح باب في ظهر دار فيه أي الدرب غير النافذ لإستطراق إلا بإذن مالكه كان في ملك غيره أو إلا بإذن أهله أي الدرب غير النافذان فعل فيه لأن الدرب ملكهم فلم يجز التصرف فيه إلا بإذنهم ويجوز فتح باب في ظهر دار في درب غير نافذ بلا إذن أهله لغير استطراق كلضوء وهواء لأن الحق لأهله في الاستطراق ولم يزاحمهم فيه ولأن غايته التصرف في ملك نفسه برفع بعض حائطه و يجوز فتح ذلك ولو لإستطراق في زقاق نافذ لأنه ارتفاق بمالا يتعين له مالك ولا إضرار فيه على الممارين و يجوز صلح عن ذلك أي عن اخراج دكان ودكة بملك غيره وجناح وساباط وميزان بهواء غيره والاستطراق في درب غير نافذ بعوض لأنه حق لمالكه الخاص ولأهل الدرب فجازأخذ العوض عنه كسائرالحقوق ومحله في الجناح ونحوه أن علم مقدار خروجه وعلوه و يجوز نقل باب في درب غير نافذ من آخره إلى أوله لتركه بعض حقه في الاستطراق فلم يمنع منه بلا ضرر فإن كان فيه ضرر منع منه ك أن فتحه في مقابلة باب غيره ونحوه كفتحه عاليا يصعد إليه بسلم يشرف منه على دار جاره و لا يجوز نقل الباب بدرب غير نافذ من أوله إلى داخل منه نصا إن لم يأذن من فوقه أي الداخل عنه لتعديه إلى موضع لا استطراق له فيه و ان أذن من فوقه جاز و يكون اعارة لأزمة فلا رجوع للآذن بعد فتح الداخل وسد الأول كاذنه في نحو بناء على جداره لأنه اضرار بالمستعير ذكرمعناه في شرحه فإن سد المالك بابه الدخل ثم أراد فتحه لم يملكه إلا بإذن ثان ومن خرق بين دارين له أي الخارق متلاصقين من ظهرهما باباهما في دربين مشتركين أي باب كل واحدة منهما في درب غير نافذ واستطرق بالخرق إلى كل من الدارين من الأخرى جاز لأنه إنما استطرق من كل درب إلى داره التي فيه فلا يمنع من الاستطراق منها إلى موضع آخر كدار واحدة لها بابان يدخل من أحدهما ويخرج من الآخر وحرم على مالك أن يحدث بملكه ما يضر بجاره كحمام يتأذى جاره بدخانه أو يتضرر حائطه بمائه ومثله مطبخ سكر وكنيف يتأذى جاره بريحه أو يصل إلى بئره ورحى يهتز بها حيطانه وتنور يتعدى دخانه إليه ودكان حدادة وقصارة يتأذى بدقة بهز الحيطان لحديث [ لا ضرر ولا ضرار ] بجاره وله أي الجار منعه ان فعل ذلك كابتداء أحيائه أي كما له منعه من ابتداء أحياء ما بجواره لتعلق مصالحه به وك ماله منعه من دق وسقي يتعدى إليه للخبر وله تعلية داره ولو أفضى إلى سد الفضاء عن جاره قاله الشيخ تقي الدين بخلاف طبخ وخبز فيه أي ملكه فلا يمنع منه لدعاء الحاجة إليه وضرره يسير لا سيما بالقرى وإن ادعى فساد بئره بكنيف جاره أو بالوعته اختبر بالنفط يلقي فيهما فإن ظهر طعمه أو ريحه بالماء نقلتا إن لم يمكن اصلاحهما ومن له حق ماء يجري على سطح جاره لم يجز لجارة تعليه سطحه ليمنع الماء أن يجري على سطحه لما فيه من إبطال حق جاره أو أن يعليه ل كي يكثر ضرره أي صاحب الحق باجرائه على ما علاه للمضارة به ويحرم تصرف في جدار جار أو في جدار مشترك بين المتصرف وغيره بفتح روزنة وهي الكوة بفتح الكاف وضمها أي الخرق في الحائط أو بفتح طاق أو ب ضرب وتد ولو لسترة ونحوه كجعل رف فيه إلا بإذن مالكه أوشريكه كالبناء عليه وكذا يحرم وضع خشب على جدار دار أو مشترك إلا أن لا يمكن تسقيف إلا به فيجوز بلا ضرر نصا ويجبر رب الجدار أو الشريك فيه على تمكينه منه إن أبى لحديث أبي هريرة مرفوعا [ لا يمنعن جار جاره أن يضع خشبه على جداره ثم يقول أبو هريرة : مالي أراكم عنها معرضين ؟ والله لأرمين بها بين أكتافكم ] متفق عليه ولأنه انتفاع بحائط جاره على وجه لا يضره أشبه الاستناد إليه ولا فرق بين البالغ واليتيم والمجنون والعاقل ولم يجز لرب الحائط أخذ عوض عنه إذن لأنه يأخذ عوض ما يجب عليه بذله ذكره في المبدع وجدار مسجد ك جدار دار نصا لأنه إذا جاز في ملك الآدمي مع شحه وضيقه فحق الله أولى والفرق بين فتح الباب والطاق وبين وضع الخشب : أن الخشب يمسك الحائط والطاق والباب يضعفه ووضع الخشب تدعو الحاجة إليه بخلاف غيره ولرب الحائط هدمه لغرض صحيح ومتى زال الخشب بسقوطه أو سقوط الحائط ثم أعيد فله اعادته ان بقي المجوز لوضعه وان خيف سقوط الحائط باستمراره عليه لزمه إزالته وان استغنى رب الخشب عن إبقائه عليه لم تلزمه إزالته لأن فيه ضررا بصاحبه ولا ضرر على صاحب الحائط وليس لربه هدمه بلا حاجة ولا إجارته أو اعارته على وجه يمنع المستحق من وضع خشبه ومن وجد بناءه أو خشبه على حائط جاره أو مشتركا ولم يعلم سببه وزال فله إعادته لأن الظاهر وضعه بحق وكذا مسيل مائه في أرض غيره أو مجرى ماء بسطحه على سطح غيره ونحوه وإذا اختلفا في أنه بحق أو عدوان فقول صاحبه عملا بالظاهر وله أي الانسان أن يستند إلى حائط غيره و أن يسند قماشه وجلوسه في ظله بلا إذنه لمشقة التحرز منه وعدم الضرر فيه و يجوز نظره أي الأنسان في ضوء سراج غيره بلا إذنه نصا لما تقدم وإن طلب شريك في حائط انهدم طلق أو وقف أو في سقف انهدم مشاعا بينهما أو بين سفل احدهما وعلو الآخر شريكه فيه ببناء معه أي الطالب أجبر المطلوب على البناء معه نصا ك ما يجبرعلى نقضه معه عند خوف سقوط الحائط أو السقف دفعا لضرره لحديث [ لا ضرر ولا ضرار ] وكون الملك لا حرمة له في نفسه توجب الانفاق عليه مسلم لكن حرمة الشريك الذي يتضرر بترك البناء توجب ذلك فإن أبى شريك البناء مع شريكه وأجبره عليه حاكم وأصر أخذ حاكم ترافعا إليه من ماله أي الممتنع النقد وأنفق بقدر حصته أو باع الحاكم عرضه أي الممتنع إن لم يكن له نقد وأنفق من ثمنه مع شريكه بالمحاصة لقيامه مقام الممتنع فإن تعذر ذلك على الحاكم لنحو تغييب ماله اقترض عليه الحاكم ليؤدي ما عليه كنفقة نحو زوجته وإن بناه شريك بإذن شريكه أو بإذن حاكم أو بدون اذنهما ليرجع على شريكه وبناه شركة رجع لرجوعه على المنفق عنه فقد قام عنه بواجب و إن بناه شريكه لنفسه بآلته أي المنهدم ف المبني شركة بينهما كما كان لأن الباني إنما أنفق على التأليف وهو أثرلا عين يملكها وليس له أن يمنع شريكه من الانتفاع به قبل أخذ نصف نفقة تأليفه كما أنه ليس له نقضه و إن بناه لنفسه بغيرها أي غير آلة المنهدم ف البناء له أي الباني خاصة وله أي الباني نقضه لأنه ملكه لا إن دفع له شريكه نصف قيمته فلا يملك نقضه لأنه يجبرعلى البناء فأجبرعلى الابقاء وليس لغير الباني نقضه ولا إجبار الباني على نقضه لأنه إذا لم يملك منعه من بنائه فأولى أن لا يملك إجباره على نقضه وإن لم يرد الانتفاع به وطالبه الباني بالغرامة أو القيمة لم يلزمه إلا إن أذن وإن كان له رسم الانتفاع ووضع خشب وقال إما أن تأخذ مني نصف قيمته لأنتفع به أو تقلعه لنعيد البناء بيننا لزمه اجابته لأنه لا يملك ابطال رسومه وانتفاعه وكذا ان احتاج لعمارة نهر أو بئر أو دولاب أو ناعورة أو قناة مشتركة بين أثنين فأكثر فيجبر الشريك على العمارة إن امتنع وفي النفقة ما سبق تفصيله ولا يمنع شريك من عمارة تلك الحائط فإن فعل أي عمر فيها فالماء بين الشركاء على الشركة كما كان وليس للمعمر منعه ممن لم يعمر لأن القرار لهم ولماء ينبع منه وإنما أثر أحدهما في نقل الطين منه ونحوه وليس له فيه عين مال أشبه الحائط إذا عمره بآلته وفي الرجوع بالنفقة ما سبق من التفصيل وإن بنيا ما بينهما نصفين من حائط أو غيره والنفقة بينهما كذلك أي نصفين على أن لأحدهما أكثر مما للآخر بأن شرطا لأحدهما الثلثين وللآخر الثلث مثلا لم يصح لأنه على بعض ملكه ببعضه أشبه ما لو أقر له بدار فصالحه بسكناها أو بنياه على أن كلا منهما يحمله ما احتاج إليه لم يصح ولو وصفا الحمل لأنه لا ينضبط وإن عجز قوم عن عمارة قناتهم أو نحوها كنهرهم فأعطوها لمن يعمرها ويكون منها جزء معلوم كنصف أو ربع صح وكذا إن لم يعجزوا على ما يأتي في الإجارة كدفع رقيق لمن يربيه بجزء معلوم منه وغزل لمن ينسجه كذلك ومن له علو من طبقتين والسفل لآخر أو له طبقة ثالثة وما تحتها لغيره فانهدم السفل في الأولى أو السفل أو الوسط أوهما في الثانية لم يشارك رب العلو في النفقة على بناء ما انهدم تحته من سفل أو وسط لأن الحيطان إنما تبنى لمنع النظر والوصول إلى الساكن وهذا يختص به من تحته دون رب العلو وأجبر عليه أي على بنائه مالكه أي المنهدم تحت ليتمكن رب العلو من انتفاعه به ويلزم الأعلى جعل سترة تمنع مشارفة الاسفل لحديث [ لا ضرر ولا ضرار ] اذ الاشراف على الجار اضرار به لكشفه جاره واطلاعه على حرمه فإن استويا فلم يكن أحد الجارين أعلى من الآخر أشتركا في السترة لأنه لا أولوية لاحدهما على الآخر فان امتنع أحدهما من ذلك أجبر لأنه حق عليه فأجبر عليه كسائر الحقوق وليس له الصعود على سطحه قبل بناء سترة حيث كان يشرف على جاره ولا يلزمه سد طاقة إذا لم يشرف منه على جاره ولا يجبر ممتنع من بناء حائط بين ملكيهما ويبني الطالب في ملكه إن شاء ومن هدم بناء له أي الهادم فيه جزء وان قل إن خيف سقوطه حال هدمه فلا شيء عليه لشريكه لوجوب هدمه إذن وإلا يخف سقوطه لزمه إعادته كما كان لتعديه على حصة شريكه ولا يمكن الخروج من عهدة ذلك إلا باعادة جمعيه وقياس المذهب يلزمه أرش نقصه بالنقص