باب الحوالة .
ثابتة بالسنة لحديث أبي هريرة مرفوعا [ مطل الغني ظلم ومن أحيل على مليء فليتبع ] متفق عليه وفي لفظ ومن أحيل بحقه على مليء فليحتل وأجمعوا على جوازها في الجملة وهي مشتقة من التحول لأنها تحول الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه وهي عقد إرفاق منفرد بنفسه ليس محمولا على غيره ولا خيار فيها وليست بيعا وإلا لدخلها الخيار وجازت بلفظه وبين جنسين كباقي البيوع ولما جاز لأنها بيع مال الربا بجنسه بل تشبه المعاوضة لأنها دين بدين وتشبه الاستيفاء لبراءة المحيل بها و هي أي الحوالة شرعا انتقال مال من ذمة المحال الى ذمة المحال عليه بحيث لا رجوع للمحتال على المحيل بحال إذا اجتمعت شروطها ليس فيها قبض ممن هوعليه ولا ممن يدفع عنه أشبه الإبراء منه وتصح بلفظها أي الحوالة كأحلتك بدينك أو بمعناها الخاص بها كأتبعتك بدينك على زيد ونحوه وشرط لحوالة خمسة شروط أحدها رضا محيل لأن الحق عليه فلا يلزمه أداؤه من جهة الدين على المحال عليه و الثاني إمكان المقاصة بأن يتفق الحقان جنسا وصفة وحلولا وأجلا وأخذا فلا تصح بدنانير على دراهم ولا بصحاح على مكسرة ولا بحال على مؤجل ونحوه ولا مع اختلاف أجل لأنها عقد ارفاق كالقرض فلو جوزت مع الاختلاف لصار المطلوب منها الفضل فتخرج عن موضوعها و الثالث علم المال المحال به وعليه لاعتبار التسليم والجهالة تمنع منه و الرابع ستقراره أي المحال عليه نصا كبدل قرض وثمن مبيع بعد لزوم بيع لأن غير المستقر عرضة للسقوط ومقتضى الحوالة إلزام المحال علي بالدين مطلقا فلا تصح على مال سلم أي مسلم فيه أو على رأسه أي رأس مال سلم بعد فسخ سلم لأنه لا مقاصة فيه لما تقدم في بابه أو على صداق قبل دخول أو مال كتابه لعدم استقرارهما وتصح على صداق بعد دخول ونحوه وتصح إن أحال مكاتب سيده بمال كتابة أو أحال زواج امرأته بصداقها ولو قبل دخول على مستقرلأنه لا يشترط استقرار محال به و لا تصح الحوالة بجزية على مسلم أو ذمي لفوات الصغار عن المحيل ولا عليها ولا أن يحيل ولد على أبيه لأن الولد لا يملك طلب أبيه وتصح الحوالة على الضامن و الخامس كونه أي المحال عليه يصح السلم فيه من مثلى كمكيل وموزون لا صناعة فيه غيرجوهر ونحوه وغيره أي غير المثلى كمعدود ومذروع ينضبطان بالصفة فتصح الحوالة بابل الدية على إبل القرض إن قيل يرد فيه المثل وإن قلنا يرد القيمة فلا لاختلاف الجنس وإن كان بالعكس لم تصح مطلقا ذكر معناه في المغني و الشرح و المباع و لا يشترط استقرار محال له فتصح بجعل قبل عمل لأن الحوالة به بمنزلة وفائه ويصح الوفاء قبل الاستقرار ولا رضا محال عليه لإقامة المحيل المحتال مقام نفسه في القبض مع جواز استيفائه بنفسه ونائبه فلزم المحال عليه الدفع إليه كالوكيل ولا رضا محتال إن أحيل على ملىء ويجبر على اتباعه نصا لظاهرالخبر ولأن للمحيل وفاء ما عليه من الحق بنفسه وبمن يقوم مقامه وقد أقام المحال عليه مقام نفسه في التقبيض فلزم المحتال القبول كما لو وكل رجلا في إيفائه وفارق إعطاء عرض عما في ذمته لأنه غير ما وجب له ولو كان المحال عليه الملىء ميتا كالحي قال في الرعاية الصغرى و الحاويين : إن قال أحلتك بما عليه صح لا أحلتك به عليه أي الميت ويبرأ محيل بمجردها أي الحوالة ولو أفلس محال عليه بعدها أو جحد الدين وعلمه المحال أو صدق المحيل أوثبت ببينة فماتت ونحوه وإلا فلا يقبل قول محيل فيه بمجرده فلا يبرأ بها أو مات محال عليه وخلف تركة أولا إذ الحوالة بمنزلة الايفاء والملىء الذي يجبر محتال على إتباعه القادر بماله وقوله و بدنه نصا فقط فعند الزركشي في شرح الخرقي : القدرة ب ماله : القدرة على الوفاء و القدرة ب قوله : أن لا يكون مماطلا و القدرة بB بدنه : امكان حضوره إلى مجلس الحكم فلا يلزم رب دين أن يحتال على والده لأنه لا يمكنه إحضاره إلى مجلس الحكم وعند الشيخ صفي الدين في شرح المحرر : ماله القدرة على الوفاء وقوله إقراره بالدين وبدنه الحياة فعليه يجبرعلى اتباع مماطل مقر بالدين لا ميت قال في شرحه والأظهرأنه لا يجبرعلى اتباع جاحد ولا مماطل وإن ظنه أي ظن المحتال المحال عليه مليئا أو جهله فلم يدر أملىء أم لا فبان كونه مفلسا رجع بدينه على محيل لأن الفلس عيب ولم يرض به أشبه المبيع إذا بان معيبا و لا يرجع محتال إن رضي بالحوالة على من ظنه مليئا أو جهله ولم يشترط الملاءة لتفريطه بترك اشتراطها فإن اشترطها فبان المحال عليه معسرا رجع ويؤخذ منه صحة هذا الشرط لما فيه من المصلحة ومتى صحت الحوالة باجتماع شروطها فرضيا أي المحتال والمحتال عليه ب دفع خير منه أي المحال به في الصفة أو رضيا ب أخذ دونه في الصفة أو القدر أو رضيا ب تعجيله أي المؤجل أو رضيا ب تأجيله وهو حال جاز أو رضيا بB عوضه جاز ذلك لأن الحق لهما لكن إن جرى بين العوضين ربا نسيئة بأن عوضه عن موزون موزونا أو مكيل مكيلا اشترط القبض بمجلس التعويض وإذا بطل بيع كأن بان مبيع مستحقا أوحرا وقد أحيل بائع بالثمن أي أحاله مشتر به على من له عنده دين مماثل له بطلت أو أحال بائع مدينا له على المشتري بالثمن بطلت الحوالة لأنا تبينا أن لا ثمن على المشتري لبطلان البيع فيرجع مشترعلى من كان دينه عليه في الأولى وعلى المحال عليه في الثانية لا على البائع لبقاء الحق على ما كان بالغاء الحوالة ويعتبر ثبوت ذلك ببينة أو اتفاقهم فان اتفقا على حرية العبد وكذبهما محتال لم يقبل قولهما عليه ولا تسمع بينتهما لأنهما كذباها بالدخول في التبايع وإن أقامها العبد قبلت وبطلت الحوالة وإن صدقهما المحتال وادعى أنها بغيرثمن العبد فقوله بيمينه وإن أقر المحيل والمحتال وكذبهما المحال عليه لم يقبل قولهما عليه وتبطل الحوالة وإن اعترف المحتال والمحال عليه عتق لاعتراف من هو بيده بحريته وبطلت الحوالة بالنسبة إليهما ولا رجوع للمحتال على المحيل لأن دخوله معه في الحوالة اعتراف ببراءته و لا تبطل الحوالة إن فسخ البيع بعد أن أحيل بائع أو أحال بالثمن على أي وجه كان الفسخ بعيب أوتقايل أو غيرهما وإن لم يقبض المحتال الثمن لأن البيع لم يرتفع من أصله فلم يسقط الثمن ولمشترالرجوع على بائع فيهما لأنه لما رد المعوض استحق الرجوع بالعوض وقد تعذر الرجوع في عينه للزوم الحوالة فوجب في بدله وكذا نكاح فسخ وقد أحيلت الزوجة بالمهر و كذا نحوه كاجارة فسخت وقد أحيل مؤجر أو أحال باجرة ولبائع أحيل بثمن ثم فسخ البيع أن يحيل المشتري بالثمن الذي عاد إليه بالفسخ على من أحاله المشتري عليه في المسئلة الأولى لثبوت دينه على من أحاله المشتري عليه أشبه سائر الديون المستقرة ولمشتر أن يحيل محالا عليه من قبل بائع على بائع في المسئلة الثانية لما تقدم وإن اتفقا أي رب دين ومدين على قول مدين لرب دين أحلتك على زيد أو على قوله له أحلتك بديني على زيد وادعى أحدهما إرادة الوكالة وادعى الآخر ارادة الحوالة صدق مدعي إرادة الوكالة بيمينه لأن الأصل بقاء الدين على كل من المحيل والمحال عليه ومدعي الحوالة يدعي نقله ومدعي الوكالة ينكره ولا موضع للبينة هنا لأن الاختلاف في النية و ان اتفقا على قول مدين لرب دين أحلتك بدينك وادعى أحدهما إرادة الحوالة والآخر إرادة الوكالة فقول مدعى الحوالة لأن الحوالة بدينه لا تحتمل الوكالة فلا يقبل قول مدعيها وإن قال زيد لعمرو : أحلتني بديني على بكر واختلفا أي زيد وعمرو هل جرى بينهما لفظ الحوالة أو غيره ؟ كالوكالة بأن قال زيد : أحلتني بلفظ الحوالة وقال عمرو : وكلتك بلفظ الوكالة فإن كان لأحدهما بينة عمل بها لأن الاختلاف هنا في اللفظ وإن لم يكن لأحدهما بينة صدق عمرو بيمينه لأنه يدعي بقاء الحق على ما كان وهو الأصل فلا يقبض زيد من بكر لعزله نفسه بإنكاره الوكالة وما قبضه زيد من بكر قبل وهو أي المقبوض قائم لم يتلف لعمرو أخذه من زيد لأنه وكيله فيه والتالف بيد زيد مما قبضه من بكر بلا تفريط من مال عمرو لدعواه أنه وكيله ولزيد طلبه أي عمرو بدينه عليه لاعترافه ببقائه في ذمته بإنكاره الحوالة وفيه وجه قال في شرحه : وعلى كلا الوجهين إن كان زيد قد قبض الدين من بكر وتلف في يده بتفريطه أوغيره فقد برىء كل من زيد وعمرو لصاحبه ثم وجهه ومعناه في المغني و الشرح ولو قال عمرو لزيد مثلا أحلتك بلفظ الحوالة وقال زيد : وكلتني في قبضه بلفظ الوكالة ولا بينة لأحدها صدق زيد بيمينه لما تقدم ولزيد القبض لأنه إما وكيل أو محتال فإن قبض منه بقدر ماله على عمرو فأقل قبل أخذ دينه فله أخذه لنفسه لقول عمرو : هو لك وقول زيد : هو أمانة في يدي ولي مثله على عمرو فإذا أخذه لنفسه حصل غرضه وان كان زيد أخذه وأتلفه أو تلف في يده بتفريطه سقط حقه وبلا تفريط فالتالف من عمرو ولزيد طلبه بحقه وليس لعمرو الرجوع على بكر لاعترافه ببراءته والحوالة من مدين على ماله في الديوان أو في وقف إذن له في الإستيفاء وللمحتال الرجوع ومطالبة محيله لأن الحوالة لا تكون إلا على ذمة فلا تصح بمال الوقف ولا عليه وإحالة من لا دين عليه شخصا على من دينه عليه وكالة له في طلبه وقبضه و إحالة من لا دين عليه على مثله أي من لا دين عليه وكالة في اقتراض وكذا إحالة مدين على بريء فلا يصارفه المحتال نصا لأنه وكيل في الإقتراض لا في المصارفة ومن طالب مدينه فقال أحلت على فلانا الغائب وأنكره الدائن فقوله ويعمل بالبينة