فصل ويمنعون أي أهل الذمة من حمل السلاح .
ومن ثقاف و من رمي بنحو نبل ونحوها كلعب برمح ودبوس لأنه يعين على الحرب وكره أحمد بيعهم ثيابا مكتوبا عليها ذكر الله ولا تعلم أولادهم القرآن ولا بأس أن يعلموا الصلاة على النبي A و يمنعون من تعلية البناء ولو مشتركا بين مسلم وذمي فقط فلا يمنعون التسوية لظاهر ما يأتي على مسلم مجاور لهم وإن لم يلاصق ولو رضي جارهم المسلم بتعلية بنائهم عليه لأنه لحق الله أيضا ولحق من يحدث بعد ذلك لحديث [ الاسلام يعلو ولا يعلى عليه ] ولقولهم في شروطهم : ولا نطلع عليهم في منازلهم ويجب نقضه أي ما علا من بنائهم على بناء جارهم المسلم إزالة لعدوانهم ويضمن ذمى علا بناؤه على بناء جاره المسلم ما تلفت به أي البناء المعلي قبله أي النقض لتعديه بالتعلية لعدم إذن الشارع فيها و لا يهدم بناء عال إن ملكوه من مسلم لأنه لم يحصل منهم تعلية ولا يعاد عاليا لو انهدم ما ملكوه من مسلم عاليا لأنه بعد انهدامه كأنه لم يوجد ولا ينقض بناؤهم ان بنى مسلم دارا عندهم في محلتهم دون بنائهم لأنهم لم يعلوا بناءهم على بنائه وإن وجدت دار ذمي أعلى من دار مسلم بجوارها وشك في السابقة وقد شك في شرط جوازها و يمنعون من احداث كنائس وبيع جمع بيعة ومجتمع أي محل يجتمعون فيه لصلاة وصومعة لراهب في شيء من أرض المسلمين سواء مصره المسلمون كبغداد والبصرة وواسط وما فتح عنوة كمصر والشام ولا يصح صلحهم على أحداث ذلك في أرض المسلمين لحديث ابن عباس [ أيما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة ولا أن يضربوا فيه ناقوسا ولا يشربوا فيه خمرا ولا يتخذوا فيه خنزيرا ] رواه أحمد وأحتج به ولأن أراضي المسلمين ملك لهم فلا يجوز فيها بناء مجامع للكفر وما وجد في هذه البلاد من كنائس وبيع حال فتحها لم يجب هدمه لأن الصحابة فتحوا كثيرا من البلاد عنوة فلم يهدموا شيئا من ذلك وكذا حكم إحداث صومعة لراهب لأن في حديث عبد الرحمن بن غنم [ وأن لا نحدث قلاية ولا صومعة لراهب ] إلا أن شرط أحداث شىء من ذلك فما فتح صلحا على أنه أي البلد المفتوح صلحا لنا ونقره معهم بالخراج لأنه لم يفتح إلا على الشرط فوجب الوفاء به و يمنعون من بناء ما استهدم من نحو كنيسة وبيعة أو هدم ظلما منها ولو كان ما استهدم أو هدم ظلما منها كلها لأنه بعد الهدم كأنه لم يكن ك ما يمنعون من زيادتها أي الكنائس ونحوها لأنه إحداث فيها لما لم يكن فيدخل في حديث عمر مرفوعا [ لا تبني كنيسة في الإسلام ولا يجدد ما خرب منها ] و لا يمنعون رم شعثها أي الكنائس ونحوها لأنهم ملكوا استدامتها فملكوا رم شعثها و يمنعون من إظهار منكر كنكاح محارم و اظهار عيد اظهار وصليب واظهار أكل ومشرب بنهار رمضان و إظهار خمر وخنزير لأنه يؤذينا فإن فعلوا أي أظهروا خمرا أو خنزيرا أتلفناهما إزالة للمنكر و يمنعون من رفع صوت على ميت و من قراءة قرآن و من ضرب ناقوس وجهر بكتابهم لأن في شروطهم لابن غنم وإن لا نضرب ناقوسا إلا ضربا خفيفا في جوف كنائسنا ولا نظهرعليها أي الكنائس صليبا ولا برفع أصواتنا في الصلاة ولا القراءة في كنائسنا فيما يحضره المسلمون وآن لا نخرج صليبا ولا كتابا في سوق المسلمين وأن لا نخرج باعوثا ولا شعانين ولا نرفع أصواتنا مع موتانا وأن لا نجاورهم بالجنائز ولا نظهر شركا وقيس على ذلك إظهار الأكل والشرب برمضان لما فيه من المفاسد وإن صولحوا أي الكفار في بلادهم أي ما فتح صلحا على أن الأرض لهم على جزية أو خراج لم يمنعوا شيئا من ذلك المذكور فيما سبق لأنهم في بلادهم أشبهوا أهل الحرب زمن الهدنة ويمنعون أي الكفار ذميين أومستأمنين دخول حرم مكة لقوله تعالى : { إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } والمراد به الحرم وإنما منعوا من الحرم دون الحجاز لأنه أفضل أماكن العبادات وأعظمها وهذه الآية نزلت واليهود بالمدينة وخيبر ونحوهما من أرض الحجاز ولم يمنعوا الإقامة به وأول من أجلاهم من الحجاز عمر ولو بذلوا مالا صلحا لدخول الحرم لم يصح الصلح ولم يمكنوا وما استوفى من الدخول ملك ما يقابله من المال المصالح عليه فان دخلوا إلى انتهاء ما صولحوا عليه ملك عليهم جميع العوض لأنهم استوفوا ما صولحوا عليه و لا يمنعون دخول المدينة لأن الأية نزلت واليهود بالمدينة ولم يمنعهم A ولم يأمرهم بالخروج حتى غير مكلف كصغير ومجنون و حتى رسولهم أي الكفار فيمنعون دخول حرم مكة لعموم الآية و يخرج إمام إليه أي الرسول ان أبى أداء الرسالة إلا له و يعزر من دخل منهم حرم مكة مع علمه بالمنع و لا يعزر إن دخل جهلا لعذره بالجهل ويخرج ويهدد ولو مريضا أو ميتا وينبش إن دفن به أي بالحرم ويخرج منه ما لم يبل لأنه إذا وجب إخراجه حيا فجيفته أولى وإخراجه إلى الحل سهل ممكن لقربه من الحرم بخلاف إخراجه من أرض الحجاز إلى غيرها وهو مريض أو ميت لصعوبته لبعد المسافة و يمنعون من إقامة بالحجاز كالمدينة واليمامة وخيبر والينبع وفدك بفتح الفاء والدال المهملة قرية بينها وبين المدينة يومان ومخاليفها أي قراها المجتمعة كالرستاق وأحدها مخلاف وسمي حجازا لأنه حجز بين تهامة ونجد لحديث عمر [ أنه سمع رسول الله A يقول : لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب فلا أترك فيها إلا مسلما ] قال الترمذي : حسن صحيح وعن ابن عباس قال [ أوصى رسول الله A بثلاثة أشياء قال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزه وسكت عن الثالثة ] رواه أبو داود والمراد بجزيرة العرب الحجاز لأنهم لم يجلوا من تيماء ولا من اليمن ولا من فدك بفتح الفاء وهي قرية بشرقي سلمى أحد جبلي طىء ولا يدخلونها أي بلاد الحجاز إلا بإذن الإمام كما لا يدخل أهل حرب دار الإسلام إلا بإذنه فيأذن لهم إن رأى المصلحة وقد كان الكفار يتجرون إلى المدن زمن عمر ولا يقيمون لتجارة بموضع واحد أكثر من ثلاثة أيام لأنه المروي عن عمر ويوكلون في دين مؤجل من يقبضه لهم ويجبر من لهم عليه دين حال على وفائه لهم لوجوبه على الفور فإن تعذر وفاؤه لنحو مطل أو تغييب جازت إقامتهم له إلى استيفائه لأن التعدي من غيرهم وفي إخراجهم قبله ذهاب لما هم إن لم يكن توكيل ومن مرض من كفار بالحجاز لم يخرج منه حتى يبرأ لمشقة الانتقال على المريض فيجوز إقامته ومن يمرضه وإن مات كافر بالحجاز دفن فيه لأنه أولى بالجواز من إقامته للمرض وليس لكافر دخول مسجد ولو أذن له فيه مسلم لأن أبا موسى دخل على عمر ومعه كتاب فيه حساب عمله فقال له عمر أدع الذي كتبه ليقرأه قال : إنه لا يدخل المسجد قال : ولم لا يدخل ؟ قال : إنه نصراني فانتهره عمر وهذا يدل على اتفاقهم على أن الكفارلا يدخلون المسجد ولأن حدث الحيض والجنابة يمنع اللبث بالمسجد فحدث الكفر أولى وأما إنزاله A لوفد ثقيف بالمسجد فيحتمل أنه للحاجة ويجوز استئجاره أي الكافر لبنائه أي المسجد لأنه لمصلحته والذمي التاجر ولو أنثى صغيرة أو زمنا أو أعمى ونحوه أو كان تغليبا إن أتجر إلى غير بلده ولو إلى غير الحجاز ثم عاد ولم يؤخذ منه الواجب فيما سافر إليه من بلادنا فعليه نصف العشر مما معه لما روى أبوعبيد في كتاب الأموال باسناده عن لاحق بن حميد أن عمر بعث عثمان بن حنيف إلى الكوفة فجعل على أهل الذمة في أموالهم التي يختلفون فيها في كل عشرين درهما درهما وكان ذلك بالعراق وأشتهر وعمل به الخلفاء بعده ولم ينكر فكان إجماعا وعلم منه أنه لا يؤخذ منهم شيء مما معهم لغير تجارة نصا ولا فيما اتجروا فيه من غير سفر ويمنعه أي وجوب نصف العشر دين كزكاة فلا يؤخذ منه شيء مما يقابله إن ثبت الدين ببينة فلا يقبل قوله فيه إذ الأصل عدمه ويصدق كافر تاجر أن جارية معه أهله أي زوجته أو أنها بنته ونحوهما كأخته لتعذر إقامة البينة على ذلك والأصل عدم ملكه لها فلا تعشر ويؤخذ مما مع حر أتجر إلينا العشر سواء عشروا أموالنا أو لا لأخذ عمر منهم واشتهر ولم ينكر فكان كالاجماع و لا يؤخذ عشر ولا نصفه من أقل من عشرة دنانير معهما أي الذمى والحربي لأن العشرة مال يبلغ واجبه نصف دينار فوجب فيه كالعشرين في زكاة المسلم ولا يؤخذ العشر أو نصفه أكثر من مرة كل عام نصا لما روى أحمد باسناده أن شيخا نصرانيا جاء إلى عمر فقال ان عاملك عشرين في السنة مرتين قال : ومن أنت ؟ قال : أنا الشيخ النصراني قال : وأنا الشيخ الحنيف ثم كتب إلى عامله : أن لا يعشروا في السنة إلا مرة وكالجزية وكالزكاة ومتى أخذ منهم كتب لهم براءة لتكون حجة معهم فلا يعشرون ثانيا لكن إن كان معهم أكثر من المال الأول أخذ من المزائد لأنه لم يعشر ولا يعشر ثمن خمر و لا ثمن خنزير نصا لأنهما ليسا بمال وما روي عن عمر ولو هم بيعها وخذوا أنتم من الثمن حمله أبو عبيد على ما كان يؤخذ منهم جزية وخراجا وأستدل له و يجب على الإمام حفظهم أي أهل الذمة ومنع من يؤذيهم من مسلم وذمي وحربي لأنه التزم بالعهد حفظهم ولهذا قال علي : إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا و على الإمام فك أسراهم سواء كانوا في معونتنا أو لم يكونوا كالدفع عنهم بعد فك أسرانا لأن حرمة المسلم آكد والخوف عليه أشد لأنه معرض للفتنة عن دينه وإن تحاكموا أي أهل الذمة إلينا بعضهم مع بعض أو تحاكم إلينا مستأمنان باتفاقهما أو استعدى ذمي على ذمي آخر بأن طلب من القاضي أن يحضره له فلنا الحكم والترك لقوله تعالى : { فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم } ولا يحكم إلا بحكم الإسلام لقوله تعالى : { وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط } ويحرم احضار يهودي في سبته وتحريمه أي السبت على اليهود باق فيستثنى شرعا من عمل في إجارة لحديث النسائي و الترمذي وصححه [ وأنتم يهود عليكم خاصة أن لا تعدوا في السبت ] ويجب الحكم بين مسلم وذمي لإنصاف المسلم من غيره أو رده عن ظلمه ولأن في تركه تضييعا للحق فتعين فعله ويلزمهم أي أهل الذمة حكمنا فلا يملكون رده ولا نقضه فيلزمهم قبول ما يحكم به عليهم من أداء حق أو ترك محرم ولا يفسخ بيع فاسد تقابضاه ولو أسلموا أو لم يحكم به حاكمهم لتمامه قبل الترافع الينا أو الإسلام فأقروا عليه كأنكحتهم فإن يتقابضاه فسخ حكم به حاكمهم أولا لفساده وعدم تمامه وحكم حاكمهم به وجوده كعدمه وكذا سائر حكم عقودهم ومقاسمتهم والذمي إن عامل بالربا وباع الخمر والخنزير ثم أسلم والمال بيده لم يلزمه أن يخرج منه نصا لأنه مضى في حال كفره أشبه نكاحه في الكفر إذا أسلم ويمنعون أي أهل الذمة من شراء مصحف وكتب حديث وفقه لأنه يتضمن ابتذال ذلك بأيديهم فإن فعلوا لم يصح الشراء ويمنعون من التبايع بالربا في أسواقنا لأنه عائد بفساد نقدنا ومن إظهار بيع مأكول في نهار رمضان كشواء ذكره القاضي