أحكام من وجب عليه الغسل .
قوله ومن لزمه الغسل حرم عليه قراءة آية فصاعدا .
وهذا المذهب مطلقا بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه يجوز قراءة آية ونقل أبو طالب عن أحمد : يجوز قراءة آية ونحوها قال في التلخيص وقيل : يخرج من تصحيح خطبة الجنب : جواز قراءة آية مع اشتراطها وقال ابن عقيل في واضحة في مسألة الإعجاز : لا يحصل التحدى بآية أو آيتين ولهذا جوز الشرع للجنب والحائض تلاوته لأنه لا إعجاز فيه بخلاف ما إذا طال وقال أبو المعالي لو قرأ آية لا تستقل بمعنى أو بحكم كقوله 74 : 21 ثم نظر أو مدها مدتان لم يحرم وإلا حرم .
قلت : وهو الصواب .
وقيل : لا تمنع الحائض من قراءة القرآن مطلقا اختاره الشيخ تقي الدين ونقل الشافعي كراهة القراءة للحائض والجنب وعنه لا يقرآن والحائض أشد ويأتي ذلك أول باب الحيض .
قوله وفي بعض آية روايتان .
وأطلقهما في الهداية و المستوعب و الكافي و المغني و الخلاصة و التلخيص و البلغة و النظم و ابن تميم و ابن منجا في شرحه و ابن عبيدان وغيرهم .
إحداهما : الجواز وهو المذهب قال ابن عبدوس في تذكرته : ويحرم قراءة آية على جنب ونحوه قال في الإفادات لا يقرأ آية وقال في الفروع : ويجوز بعض آية على الأصح ولو كرر ما لم يتحيل على قراءة تحرم عليه وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين والفائق قال في المنور والمنتخب : قوله قراءة بعض آية تبركا .
قلت : الأولى الجواز إن لم تكن طويلة كآية الدين .
والثانية : لا يجوز وهو ظاهر كلام الخرقي وصححه في التصحيح و النظم و مجمع البحرين قال في الشرح أظهرهما لا يجوز واختاره المجد في شرحه وجزم به في الوجيز .
فائدة : يجوز للجنب قراءة لا تجزئ في الصلاة لإسرارها في ظاهر كلام نهاية أبي المعالي قاله في الفروع وقال غيره : له تحريك شفتيه إذا لم يبين الحروف وجزم به في الرعاية الكبرى والصحيح من المذهب : له تهجيه قال في الرعاية و الفروع : وله تهجيه هذا الخلاف وقال في الفصول : تبطل لخروجه عن نظمه وإعجازه .
فائدة : قال في الرعاية الكبرى : له قراءة البسملة تبركا وذكرا وقيل : أو تعوذا أو استرجاعا في مصيبة لا قراءة نص عليه وعلى الوضوء والغسل والتيمم والصيد والذبح وله قول { الحمد لله رب العالمين } عند تجدد نعمة إذا لم يرد القراءة وله التفكر في القرآن انتهى .
وقال في الفروع : وله قول ما وافق قرآنا ولم يقصده نص عليه والذكر وعنه ما أحب أن يؤذن لأنه من القرآن قال القاضي : في هذا التعليل نظر وعلله في رواية الميموني : بأنه كلام مجموع انتهى وكره الشيخ تقي الدين للجنب : الذكر لا للحائض .
فائدة : قال أبو المعالي في النهاية : وله أن ينظر في المصحف من غير تلاوة ويقرأ عليه القرآن وهو ساكت لأنه في هذه الحالة لا ينسب إلى قراءة .
قوله يجوز له العبور في المسجد .
يجوز للجنب عبور المسجد مطلقا على الصحيح من المذهب وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والتلخيص والمستوعب والهداية والخلاصة والفائق وغيرهم لإطلاقهم إباحة العبور له وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى وقيل : لا يجوز إلا لحاجة وهو ظاهر ما قطع به في المغنى و الشرح و المجد في شرحه و ابن عبيدان و ابن تميم وصاحب مجمع البحرين و الحاوي الكبير وغيرهم لاقتصارهم على الإباحة لأجل الحاجة وصرح جماعة منهم بذلك وحمل ابن منجا في شرحه كلام المصنف على ذلك .
فائدة : كون المسجد طريقا قريبا : حاجة قاله المجد في شرحه وتبعه في الرعاية و مجمع البحرين و ابن عبيدان وغيرهم قال ابن تميم : وكون الطريق أخصر : نوع حاجة ذكره بعض أصحابنا انتهى .
قال في الفروع في آخر الوقف : كره أحمد اتخاذه طريقا ومنع شيخنا من اتخاذه طريقا انتهى .
وأما مرور الحائض والنفساء : فيأتي حكمه في أول باب الحيض وإن شمله كلام المصنف هنا ويأتي قريبا إذا انقطع دمها .
فائدة : حيث أبحنا للكافر دخول المسجد : ففي منعه وهو جنب وجهان .
قال في الرعايتين والآداب الكبرى والقواعد الأصولية والحاوي الصغير وابن تميم : ذكره في باب مواضع الصلاة والفروع ذكره في باب أحكام الذمة .
قلت : ظاهر كلام من جوز لهم الدخول : الإطلاق وأكثرهم يحصل له الجنابة ولم نعلم أحدا قال باستفسارهم وهو الأولى ويأتي ذلك في أحكام الذمة .
وبنى الخلاف بعض الأصحاب على مخاطبتهم بالفروع وعدمها .
فائدة : يمنع السكران من العبور في المسجد على الصحيح من المذهب .
وللقاضي في الخلاف جواب بأنه لا يمنع ويمنع أيضا عليه نجاسة من اللبث فيه قال في الفروع : والمراد وتتعدى كظاهر كلام القاضي قال بعضهم : ويتيمم لها لعذر قال في الفروع : وهو ضعيف .
قلت : لو قيل بالمنع مطلقا من غير عذر لكان له وجه صيانة له عن دخول النجاسة إليه من غير عذر .
ويمنع أيضا المجنون على الصحيح من المذهب وقيل : يكره كصغير على الصحيح من المذهب فيه وأطلق القاضي في الخلاف منع الصغير والمجنون ونقل .
منها : ينبغي أن يجنب الصبيان المساجد وقال في النصيحة : يمنع الصغير من اللعب فيه لا لصلاة وقراءة وهو معنى كلام ابن بطة وغيره .
قوله ويحرم عليه اللبث فيه إلا أن يتوضأ .
هذا المذهب في غير الحائض والنفساء وعليه جماهير الأصحاب وجزم به كثير منهم وهو من مفردات المذهب وعنه لا يجوز وإن توضأ نقلها أبو الفرج الشيرازي واختاره ابن عقيل قاله في الفائق وأطلقهما ابن تميم .
وعنه يجوز وإن لم يتوضأ ذكرها في الرعاية ونقلها الخطابي عن أحمد .
وقيل : في جلوسه فيه بلا غسل ولا وضوء روايتان .
وتقدم حكم الكافر إذا جاز له دخول المسجد .
فوائد .
منها : لو تعذر الوضوء على الجنب واحتاج إلى اللبث : جاز له من غير تيمم على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع و ابن تميم و الحاوي وغيرهم وقال المصنف والشارح وأبو المعالي : يتيمم قال في المغني : القول بعدم التيمم غير صحيح قال في الحاوي الكبير : وهو الأقوى عندي .
وأما لبثه فيه لأجل الغسل : فالصحيح من المذهب : أنه يتيمم وقال ابن شهاب وغيره وقدمه في الفروع قال ابن تميم : وفيه بعد مع اقتصاره عليه وقيل : لا يتيمم .
ومنها : مصلى العيد : مسجد على الصحيح من المذهب قال في الفروع : هذا هو الصحيح ومنع في المستوعب الحائض منه ولم يمنعها في النصحية منه وأما مصلى الجنائز فليس بمسجد قولا واحدا .
ومنها : حكم الحائض والنفساء بعد انقطاع الدم : حكم الجنب فيما تقرر على الصحيح من المذهب وهو من المفردات وقيل : لا يباح لهما ما يباح للجنب كما قبل طهرهما نص عليه ويأتي ذلك في باب الحيض