الموت والحيض والنفاس .
قوله الرابع : الموت .
الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وجوب الغسل بالموت مطلقا .
وقيل : لا يجب مع حيض ونفاس .
قلت : وهو بعيد جدا .
قال في الرعاية بعد ذلك : قلت إن قلنا : يجب الغسل بالحيض فانقطاعه شرط لصحته وأنه يصح غسلها للجنابة قبل الانقطاع : وجب غسل الحائض الميتة وإلا فلا انتهى .
قوله والخامس : الحيض والسادس : النفاس .
الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجوب الغسل بخروج دم الحيض والنفاس جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع و المستوعب و الرعاية الكبرى وغيرهم وصححه في الشرح و شرح المجد و الفائق و مجمع البحرين و ابن عبيدان وغيرهم قال ابن عقيل وغيره عن كلام الخرقي والطهر بين الحيض والنفاس هذا اجوز من أبي القاسم فإن الموجب للغسل في التحقيق : هو الحيض والنفاس وانقطاعه شرط وجوب الغسل وصحته فسماه موجبا .
انتهى واقتصر على هذا القول في المغنى وقيل : هذا يجب بانقطاعه وهو ظاهر كلام الخرقي قال في الرعاية الصغرى والحاوي الكبير : ومنه الحيض والنفاس إذا فرغا وانقطعا قال في الرعاية الكبرى : وهو أشهر وقال ابن عقيل في التذكرة : كقول الخرقي وقال ابن البنا قال القاضي في المجرد : وانقطاع دم الحيض والنفاس وأطلقهما ابن تميم .
تنبيه : تظهر فائدة الخلاف : إذا استشهدت الحائض قبل الطهر فإن قلنا : يجب الغسل بخروج الدم : وجب غسلها للحيض وإن قلنا : لا يجب إلا بالانقطاع : لم يجب الغسل لأن الشهيدة لا تغسل ولو لم ينقطع الدم الموجب للغسل قاله المجد و ابن عبيدان و الزركشي وصاحب مجمع البحرين و الفروع و الرعاية وغيرهم .
قال الطوفي في شرح الخرقي : وتظهر فائدة الخلاف : فيما إذا استشهدت الحائض قبل الطهر هل تغسل للحيض ؟ فيه وجهان إن قلنا : يجب الغسل عليها بخروج الدم : غسلت لسبق الوجوب وإن قلنا : لا يجب إلا بانقطاع الدم : لم يجب انتهى .
وقطع جماعة أنه لا يجب الغسل على القولين منهم المصنف لأن الطهر شرط في صحة الغسل أو في السبب الموجب له ولم يوجد .
قال الطوفي في شرحه بعد ما ذكر ما تقدم وعلى هذا التفريع إشكال وهو أن الموت إما أن ينزل منزلة انقطاع الدم أولا فإن نزل منزلته لزم وجوب الغسل لتحقق سبب وجوبه وشرطه على القولين وإن لم ينزل منزلة انقطاع الدم فهي في حكم الحائض على القولين فلا يجب غسلها لأنا إن قلنا : الموجب هو الانقطاع فسبب الوجوب منتف وإن قلنا : الموجب خروج الدم فشرط الوجوب وهو الانقطاع منتف والحكم ينتفي لانتفاء شرطه انتهى .
وذكر أبو المعالي على القول الأول وهو وجوب الغسل بالخروج احتمالين لحقق الشرط بالموت وهو غير موجب انتهى .
قال الزركشي : وقد ينبنى أيضا على قول الخرقي : إنه لا يجب بل لا يصح غسل ميتة مع قيام الحيض والنفاس وإن لم تكن شهيدة وهو قوى في المذهب لكن لا بد أن يلحظ فيه : أن غسلها للجنابة قبل انقطاع دمها لا يصح لقيام الحدث كما هو رأى ابن عقيل في التذكرة وإذا لا يصح غسل لموت لقيام الحدث كالجنابة وإذا لم يصح لم يجب حذارا من تكليف ما لا يطاق والمذهب صحة غسلها للجنابة قبل ذلك فينتفي هذا البناء انتهى .
قلت : هذا القول الذي حكاه بعدم صحة غسل الميتة : لا يلتفت إليه والذي يظهر : أنه مخالف للإجماع وتقدم قريبا .
وقال الطوفي في شرح الخرقي .
فرع : لو أسلمت الحائض أو النفساء قبل انقطاع الدم فإن قلنا : يجب الغسل على من أسلم مطلقا : لزمها الغسل إذا طهرت للإسلام فيتداخل الغسلان وإن قلنا : لا يجب خرج وجوب الغسل عليها عند انقطاع الدم على القولين في موجبه إن قلنا : يجب بخروج الدم فلا غسل عليها لأنه وجب حال الكفر وقد سقط بالإسلام لأن الإسلام يجب ما قبله والتقدير : أن لا غسل على من أسلم وعلى هذا تغسل عند الطهر نظافة لا عبادة حتى لو لم تنو أجزأها وان قلنا : يجب بالإنقطاع لزمها الغسل لأن سبب وجوبه وجد حال الإسلام فصارت كالمسلمة الأصلية .
قال : وهذا الفرع إنما استخرجته ولم أره لأحد ولا سمعته منه ولا عنه إلى هذا الحين وإنما أقول هذا حيث قلته تمييزا للمعقول عن المنقول أداء للأمانة انتهى .
فائدة : لا يجب على الحائض غسل في حال حيضها من الجنابة ونحوها ولكن يصح على الصحيح من المذهب فيها ونص عليه وجزم به في المغني و الشرح و ابن تميم واختاره في الحاوي الصغير وقدمه في الفروع و الفائق في هذا الباب وعنه لا يصح جزم به ابن عقيل في التذكرة و المستوعب وأطلقهما في الرعاية الكبرى في موضع و الفائق في باب الحيض وعنه يجب وجزم في الرعاية الكبرى : أنه لا يصح وضوءها قال في النكت : صرح غير واحد بأن طهارتها لا تصح .
فعلى المذهب : يستحب غسلها كذلك قدمه ابن تميم قال في مجمع البحرين : يستحب غسلها عند الجمهور واختاره المجد انتهى .
وعنه لا يستحب قدمه في المستوعب وأطلقهما في الفروع ويصح غسل الحيض قال ابن تميم و ابن حمدان وغيرهما : ولذلك تمنع الجنابة غسل الحيض مع وجود الجنابة مثل إن أجنبت في اثناء غسلها من الحيض .
وتقدم ذلك فيما إذا اجتمعت أحداث .
قوله وفي الولادة العرية عن الدم وجهان .
وأطلقهما في الفروع و الهداية و الفصول و المذهب و التلخيص و البلغة و المذهب الأحمد و الخلاصة و المحرر و النظم و ابن تميم و الرعايتين و الحاويين و مجمع البحرين و ابن عبيدان و الفائق و تجريد العناية و الزركشي قال ابن رزين في شرحه في باب الحيض والوجه الغسل فأما الولادة الخالية عن الدم : فقيل لا غسل عليها وقيل فيها وجهان انتهى .
أحدهما : لا يجب وهو المذهب وهو ظاهر الخرقي والوجيز والمنور والمنتخب والطريق الأقرب وغيرهم لعدم ذكرهم لذلك قاله الطوفي في شرح الخرقي و المجد و الشارح و ابن منجا في شرحه وقدمه في الفروع و الكافي و ابن رزين في شرحه في باب الحيض .
والوجه الثاني : يجب وهو رواية في الكافي اختاره ابن أبي موسى و ابن عقيل في التذكرة و ابن البنا وجزم به القاضي في الجامع الكبير و مسبوك الذهب والإفادات وقدمه في المستوعب و الرعاية الكبرى في باب الحيض .
تنبيهات .
أحدهما : قوله العرية عن الدم من زوائد : الشارح .
الثاني : حكى الخلاف وجهين كما حكاه المصنف وصاحب الهداية و المستوعب و المغني و الشرح و التلخيص و البلغة و المجد و النظم و ابن تميم و الرعايتين و الحاويين و مجمع البحرين و الفائق و ابن عبيدان و ابن رزين و الطوفي في شرحه وغيرهم قال ابن عقيل في الفصول فإن عرت المرأة عن نفاس وهذا لا يتصور إلا في السقط فهل يجب الغسل يحتمل وجهين وحكى الخلاف روايتن في الكافي والفروع .
فائدة : اختلف الأصحاب في العلة الموجبة للغسل في الولادة العرية عن الدم فقيل وهو الصحيح عندهم إن الولادة مظنة لدم النفاس غالبا وأقيمت مقامه كالوطء مع الإنزال والنوم مع الحدث فقال : لأن الولد مخلوق أصله المنى أشبه المنى ويستبرأ به الرحم أشبه الحيض انتهى .
ورد ذلك بخروج العلقة والمضغة فإنها لا توجب الغسل بلا نزاع وأطلقهما ابن تميم .
فعلى الأول : يحرم الوطء قبل الغسل ويبطل الصوم .
وعلى الثاني : لا يحرم الوطء ولا يبطل الصوم قاله ابن تميم قال وقال القاضي : متى قلنا بالغسل حصل بها الفطر انتهى وكذا بنى صاحب الفائق و الزركشي هذه الأحكام على التعليلين وأطلق في الرعاية الكبرى و الحاوي الكبير في تحريم الوطء وبطلان الصوم به قبل الغسل الخلاف على القول بوجوبه به .
فائدة : الصحيح من المذهب : أن الولد طاهر قال في الفروع : والولد على الاصح وجزم به في الرعاية الكبرى في باب النجاسات وعنه ليس بطاهر فيجب غسله وهما وجهان مطلقا وفي مختصر ابن تميم ذكرها في كتاب الطهارة .
فعلى المذهب في وجوب غسل الولد مع الدم وجهان وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى والحاوي الكبير .
قلت : الأولى والأقوى : الوجوب لملابسته للدم ومخالطته .
تنبيه : ظاهر كلام المصنف : انه لا يوجب الغسل سوى هذه السبعة التي ذكرها وهو صحيح ويأتي في وجوب الغسل فيها خلاف في الأغسال المستحبة