الأغسال المستحبة .
قوله والأغسال المستحبة ثلاثة عشر غسلا : للجمعة .
يعنى أحدها : الغسل للجمعة وهذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه وعنه يجب على من تلزمه الجمعة اختاره أبو بكر وهو من المفردات لكن يشترط لصحة الصلاة اتفاقا فأوجبه الشيخ تقى الدين من عرق أو ريح يتأذى به الناس وهو من مفردات المذهب أيضا .
تنبيه : محل الاستحباب أو الوجوب حيث قلنا به أن يكون في يومها لحاضرها إن صلى .
فائدة : الصحيح من المذهب : أن المرأة لا يستحب لها الاغتسال للجمعة .
نص عليه وقيل : يستحب لها قال القاضي وغيره : ومن لا يكون له الحضور من النساء يسن لها الغسل قال الشارح : فإن أتاها من لا تجب عليه : سن له الغسل وقدمه ابن تميم والرعاية وجزم به في الفائق وقيل لا يستحب للصبي والمسافر .
ويأتي في الجمعة وقت الغسل ووقت فضيلته وهل وهو آكد الأغسال ؟ .
قوله والعيدين .
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل : يجب .
تنبيه : محل الاستحباب أو الوجوب : أن يكون حاضرهما ويصلى سواء صلى وحده أو في جماعة على الصحيح من المذهب وقيل : لا يستحب إلا إذا صلى في الجماعة قال في التلخيص : ليس لمن حضروه وإن لم يصل .
قوله والإستسقاء والكسوف .
هذا لمذهب وعليه جماهير الأصحاب قطع به كثير منهم وقيل : لا يستحب الغسل لهما ذكره في التبصرة وأطلقهما ابن تميم .
فائدة : وقت مسنونية الغسل : من طلوع فجر يوم العيد على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام الخرقي وهو قول القاضي و الآمدي وقدمه في الفروع و الرعاية و مجمع البحرين و ابن تميم و ابن عبيدان وغيرهم وعنه له الغسل بعد نصف ليلته قال ابن عقيل وغيره : والمنصوص : أنه يصيب السنة قبل الفجر وبعده وقال أبو المعالي : في جميع ليلته أو بعد نصفها كالأذان فانه أقرب قال في الفروع : فيجىء من قوله وجه ثالث يختص بالسحر كالأذان .
قلت : لو قيل : يكون وقت الغسل بالنسبة إلى الإدراك وعدمه لكان له وجه .
ووقت الغسل للاستسقاء : عند إرادة الخروج للصلاة والكسوف : عند وقوعه وفي الحج : عند إرادة فعل النسك الذي يغتسل له قريبا منه .
قوله ومن غسل الميت .
الصحيح من المذهب : استحباب الغسل من غسل الميت وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وعنه لا يستحب وهو وجه ذكره القاضي وابن عقيل قال ابن عقيل : لا يجب ولا يستحب قال وهو ظاهر كلام أحمد وعنه يجب من الكافر وقيل : يجب من غسل الحي أيضا وقيل : يجب مطلقا .
قوله والمجنون والمغمى عليه إذا أفاقا من غير احتلام .
هذا المذهب بهذا القيد وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه لا يجب والحالة هذه وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة وقيل يجب مع وجود البلة قاله أبو الخطاب وقال ابن تميم : ولا يجب بالجنون والإغماء غسل وإن وجد بلة إلا أن يعلم أنه منى وعنه يجب بهما وفيه وجه يجب إن كان ثم بلة محتملة وإلا فلا ويأتي كلامه في الهداية وغيرها قال ابن البنا : إن قيل : إن المجنون ينزل : وجب عليه الغسل قال الطوفي في شرح الخرقي بعد كلام ابن البنا : وهذا إشارة إلى ترتيب الخلاف على أن المجنون ينزل أو لا ينزل وقال بعض أصحابنا : إن تيقن الحلم وجب وإلا فلا لأن الأصل عدمه وقال بعضهم : إن تيقن وجب وإلا فروايتان .
قلت مأخذها : إما الترتيب على احتمال الإنزال وعدمه أو النظر إلى أن الأصل عدم الإنزال تارة وإلى الاحتياط لأنه مظنة الإنزال تارة اخرى .
قلت : التحقيق : أن يقال : إن تيقن الإنزال وجب الغسل أو عدمه فلا يجب وإن تردد فيه فهو محل الخلاف وإن ظنه ظنا : فهل يلحق بما إذا تيقن أو بما إذا شك فيه ؟ أو يخرج على تعارض الأصل والظاهر ؟ إذا الظاهر الإنزال والأصل عدمه .
ويحتمل أن يقال : إن تحقق الإنزال وجب وإلا خرج على فعله E : هل هو للوجوب أو للندب ؟ على ما عرف في الأصول والمشهور عند أصحابنا : أنه للوجوب .
وهذا التقرير يقتضي : أنه واجب مطلقا ن تيقن الإنزال أولا ولكن المشهور عندهم : أنه لا يجب بدون تيقن الإنزال اطراحا للشك واستصحابا لليقين .
وحكى ذلك ابن المنذر إجماعا وهو مع احتماله والاختلاف فيه عن أحمد وأصحابه عجيب انتهى كلام الطوفي .
تنبه : مفهوم قوله إذا أفاقا من غير احتلام أنهما إذا احتلما من ذلك يجب الغسل وهو الصحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقال في الرعاية الصغرى : وفي وجوب الغسل بالإغماء والجنون مطلقا روايتان وقيل : إن انزلا وجب وإلا فلا وقال في الكبرى وفي الإغماء والجنون مطلقا وقيل : بلا احتلام روايتان وقيل إن أنزلا منيا وقيل او ما يحتمله وجب الغسل وإلا سن وقال في الحاوي الصغير : وفي الإغماء والجنون بلا حلم روايتان وقال أبو الخطاب : إن لم يتيقن منهما الإنزال فلا غسل عليهما انتهى .
وقد يفهم من الرعايتين : أن لنا رواية بعدم الوجوب وإن أنزل ولم أجد أحدا صرح بذلك وهو بعيد جدا مع تحقق الإنزال .
قوله وغسل المستحاضة لكل صلاة .
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه يجب حكاها في التبصرة ومن بعده قال في الرعاية : يسن غسلها لكل صلاة ثم لوقت كل صلاة ثم لكل صلاة جمع في وقت الثانية وقيل : في السفر ثم في كل يوم مرة مع الوضوء لوقت كل صلاة وعنه يجب غسلها لكل صلاة وقيل : إذا جمعت بين صلاتين فلا انتهى .
تنبه : ظاهر قوله والغسل للإحرام دخول الذكر والأنثى والطاهر والحائض والنفساء وهو صحيح صرح به الأصحاب .
قوله ودخول مكة والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمار والطواف .
هذا المذهب وعليه الأصحاب واختار الشيخ تقى الدين : عدم استحباب الغسل للوقوف بعرفة وطواف الوداع والمبيت بمزدلفة ورمى الجمار وقال : ولو قلنا باستحباب الغسل لدخول مكة : كان الغسل للطواف بعد ذلك فيه نوع عبث لا معنى له .
فائدة : قال في المستوعب وغيره : يستحب الغسل لدخول مكة ولو كانت حائضا أو نفساء وقال الشيخ تقى الدين : لا يستحب لها ذلك قال في الفروع : ومثله أغسال الحج .
تنبيه : قال في المستوعب وغيره : يستحب الغسل لدخول مكة ولو كانت حائضا أو نفساء وقال الشيخ تقى الدين : لا يستحب لها ذلك قال في الفروع : ومثله أغسال الحج .
تنبيه : ظاهر حصره الأغسال المستحبة في الثلاثة عشر المسماة : أنه لا يستحب الغسل لغير ذلك وبقى مسائل لم يذكرها .
منها : ما نقله صالح : أنه يستحب لدخول الحرم .
ومنها : ما ذكره ابن الزاغوني في منسكه أيضا وصاحب الإشارة المذهب : أنه يستحب ليالي منى .
ومنها : استحبابه لدخول المدينة المشرفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام في أحد الوجهين قال الشيخ تقى الدين : نص أحمد على استحبابه والصحيح من المذهب : أنه لا يستحب قدمه في الفروع .
ومنها : استحبابه لكل اجتماع يستحب على أحد الوجهين قال ابن عبيدان : هذا قياس المذهب والصحيح من المذهب : أنه لا يستحب قدمه في الفروع .
ومنها : ما اختاره صاحب الرعاية : أنه يستحب للصبي إذا بلغ بالسن والإنبات ولم أره لغيره .
ومنها : الغسل للحجامة على إحدى الروايتين اختاره القاضي في المجرد و المجد في شرح الهداية وصاحب مجمع البحرين وصححاه وقدمه في الرعاية الكبرى وعنه لا يستحب وهو الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وأطلقهما ابن تميم و ابن عبيدان .
فوائد .
الأولى : الصحيح من المذهب : أن الغسل من غسل الميت : آكد الأغسال ثم بعده غسل الجمعة آكد الأغسال وقيل : غسل الجمعة آكد مطلقا قدمه في الفروع وصححه في الرعاية الكبرى وقيل غسل الميت آكد مطلقا وأطلقهما ابن تميم .
والثانية : يجوز أن يتيمم لما يستحب الغسل له للحاجة على الصحيح من المذهب ونقله صالح في الإحرام وقيل : لا يتيمم واختاره جماعة من الأصحاب في الإحرام على ما يأتي وأطلقهما ابن عبيدان وقيل : يتيمم لغير الإحرام .
والثالثة : يتيمم لما يستحب الوضوء له لعذر على الصحيح من المذهب .
وظاهر ما قدمه في الرعاية : أنه لا يتيمم لغير عذر قال في الفروع : وتيممه عليه أفضل الصلاة والسلام لئلا يفوت المقصود وهو رده على الفور وجوز المجد وغيره : التيمم لما يستحب له الوضوء مطلقا لأنها مستحبة فخف أمرها وتقدم ما تسن له الطهارة في باب الوضوء عند قوله فإن نوى ما تسن له الطهارة