المسح على الجبيرة .
قوله ويمسح على جميع الجبيرة إذا لم يتجاوز قدر الحاجة .
أعلم أن الصحيح من المذهب : أنه يجزى المسح على الجبيرة من غير تيمم بشرطه ويصلى من غير إعادة وعليه الأصحاب قال في المستوعب وغيره : لا يجمع في الجبيرة بين المسح والتيمم قولا واحدا وقال ابن حامد : يمسح على جبيرة الكسر ولا يمسح على الصوف بل يتيمم إن خاف نزعه وعنه يلزمه أن يعيد كل صلاة صلاها به حكاها في المبهج قال الزركشي وحكى ابن أبي موسى و ابن عبدوس وغيرهما رواية بوجوب الإعادة لكنهم بنوها على ما إذا لم يتطهر وقلنا بالإشتراط قال : والذي يظهر لي عند التحقيق : أن هذا ليس بخلاف كما سيأتي انتهى قال في الرعاية : وقيل : إن قلنا الطهارة قبلها شرط أعاد وإلا فلا انتهى وعنه يلزمه التيمم مع المسح فعليهما لا يمسح الجبيرة بالتراب فلو عمت الجبيرة محل التيمم سقط على الصحيح من المذهب جزم به الزركشي وغيره وقدمه في الرعاية و الفروع وغيرهما وقيل : يعيد إذن وقيل : هل يقع التيمم على حائل في محله كمسحه بالماء أم لا لضعف التراب ؟ فيه وجهان وتقدم نظيرهما فيما إذا اشترطنا الطهارة وخاف من نزعها وتقدم أنه يمسح على الجبيرة إلى حلها وأن المسح عليها لا يتقيد بالوقت على الصحيح من المذهب .
قوله إذا لم يتجاوز قدر الحاجة .
هذا المذهب وعليه الجمهور وقطع به كثير منهم قال المجد في شرحه : وقد يتجاوزها إلى جرح أو ورم أو شئ يرجى به البرء أو سرعته وقد يضطر إلى الجبر بعظم يكفيه أصغر منه لكن لا يجد سواه ولا ما يجبر به انتهى ونقل المصنف ومن تبعه عن الخلال أنه قال : لا بأس بالمسح على العصائب كيفما شدها قال الزركشي : وليس بشئ .
فائدة : مراد الخرقي بقوله وإذا شد الكسير الجبائر وكان طاهرا ولم يعد بها موضع الكسر أن يتجاوز بها تجاوزا لم تجر العادة به فإن الجبيرة إنما توضع على طرفي الصحيح لينجبر الكسر قاله شراحه .
فوائد .
منها : إذا تجاوز قدر الحاجة وجب نزعه إن لم يخف التلف فإن التلف سقط عنه بلا نزاع وكذا إن خاف الضرر على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وخرج من قول أبي بكر فيمن جبر كسره بعظم نجس عدم السقوط هنا .
وحيث قلنا يقسط النزع فإنه يمسح على قدر الحاجة على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به وحكى القاضي وجها لا يمسح زيادة على موضع الكسر وإن كان لحاجة قال ابن تميم : وهو بعيد عليها يتيمم للزائد ولا يجزيه مسحه على الصحيح من المذهب والمشهور من الوجهين وقيل : يجزيه المسح أيضا اختاره الخلال والمجد وصاحب مجمع البحرين وقيل يجمع فيه بين المسح والتيمم وتقدم نظيره فيما إذا قلنا باشتراط الطهارة للجبيرة وخاف .
ومنها : لو تألمت فألقمها مرارة جاز المسح عليها قاله المجد وغيره ومنها : لو جعل في شق فأر أو نحوه وتضرر بقلعه جاز له المسح عليه على الصحيح من المذهب جزم به في الكافي وصححه في الرعايتين والحاويين والنظم واختاره المجد وغيره وقدمه ابن تميم وحواشي المقنع وعنه ليس له المسح بل يتيمم اختاره أبو بكر وأطلقهما في المستوعب و الفروع و الزركشي و ابن عبيدان وقال ابن عقيل يغسله ولا يجزيه المسح وقال القاضي : يقلعه إلا أن يخاف تلفا فيصلى ويعيد .
ومنها : لو انقطع ظفره أو كان بإصبعه جرح أو فصاد وخاف إن أصابه أن يندق في الجرح أو وضع دواء على جرح أو وجع ونحوه جاز المسح عليه نص عليه وقال القاضي في اللصوق على الجروح : إن لم يكن في نزعه ضرر غسل الصحيح وتيمم للجرح ويمسح على موضع الجرح وإن كان في نزعه ضرر فحكمه حكم الجبيرة يمسح عليها وقال ابن حامد : يمسح على جبيرة الكسر ولا يمسح على لصوق بل يتيمم إلا إن خاف نزعه كما تقدم عنه .
ومنها : الجبيرة النجسة كجلد الميتة والخرق النجسة يحرم الجبر بها والمسح عليها باطل والصلاة فيها باطلة كالخف النجس قاله ابن عقيل وغيره واقتصر عليه ابن عبيدان وغيره وقدمه في الرعاية الكبرى وقيل : النجسة كالطاهرة وإن كانت الجبيرة من حرير أو غصب ففي جواز المسح عليها احتمالان .
أحدهما : لا يصح المسح عليها كالخف المغضوب والحرير وهو الصحيح قال في الرعاية الصغرى : وإن شد جبيرة حلالا مسح وقدمه في الرعاية الكبرى .
والاحتمال الثاني : يصح المسح عليها وأطلقهما ابن تميم و ابن عبيدان .
قلت : الأولى أن يكون على الخلاف هنا إذا منعنا من جواز المسح على الخف الحرير والغضب على ما تقدم وإلا حيث أجزنا هناك فهنا بطريق أولى