مسح الرأس وصفته .
قوله ثم يمسح رأسه .
الصحيح من المذهب : أنه يشترط في الرأس المسح أو ما يقوم مقامه وعليه جماهير الأصحاب وقيل : يجزىء بل الرأس من غير مسح .
فائدتان .
إحداهما : لو غسله عوضا عن مسحه أجزأ على الصحيح من المذهب إن أمر يده صححه في الفروع وقدمه ابن تميم و مجمع البحرين قال الزركشي : هذا المعروف المشهور واختاره ابن شاقلا قال في المذهب و الرعايتين و الحاويين ولا يجزىء غسله في أصح الوجهين زاد في الكبرى والقواعد الفقهية بل يكره وأطلقهما في المغنى والشرح وابن عبيدان وعنه يجزىء وإن لم يمر يده أطلق الروايتين فيما إذا لم يمر يد المجد في شرحه وابن تميم .
الثانية : لو أصاب الماء رأسه : أجزأ إن أمر يد على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه في الفروع واختاره المجد وقدمه ابن عبيدان وصححه .
وعنه لا يجزىء حتى يمر يده ويقصد وقوع الماء عليه قال في الرعاية ولا يجزىء وقوع المطر بلا قصد وقيل يجزىء إن أمر يده ينوى به مسح الوضوء وقطع بعدم الإجزاء في التلخيص وابن عقيل وزعم أنه تحقيق المذهب فإن لم يمرها ولم يقصد فكعكسه على ما تقدم .
تنبيه : قوله فيبدأ بيديه هذا الأولى والكامل والصحيح من المذهب أنه يجزىء المسح ببعض يده وعنه يجزىء إذا مسح بأكثر يده قال في الفروع لا يجزىء مسحه بإصبع واحدة في الأصح فيه وقيل على الأصح .
وقيل إن وجب مسحه كله وإلا أجزأه انتهى والصحيح من المذهب أن المسح بحائل يجزىء مطلقا فيدخل في ذلك المسح بخشبة وخرقه مبلولتين ونحوهما وقيل لا يجزىء وقال في الرعاية ولا يجزىء مسحه بغير يد كخشبة وخرقه مبلولتين ونحوهما وقيل يجزىء وأطلق الوجهين في المغنى والشرح في المسح بالخرقة المبلولة والخشبة .
ولو وضع يده مبلولة على رأسه ولم يمرها عليه او وضع خرقة مبلولة أو بلها وهي عليه لم يجزئه في الأصح وقطع به المجد وغيره ويحتمل أن يصح قاله المصنف .
قوله من مقدم رأسه ثم يمرهما إلى قفاه ثم يردهما إلى مقدمه .
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وعنه لا يردهما من انتشر شعره .
ويردهما من لا شعر له أو كان مضفورا وعنه تبدأ المرأة بمؤخرة وتختم به وقيل ما لم تكشفه وعنه لا تردهما إليه وعنه تمسح المرأة كل ناحية لمصب الشعر وهو قول في الرعاية .
تنبيه : ظاهر كلامه أن ذلك يكون بماء واحد وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه يردهما إلى مقدمة بماء جديد .
فائدة : كيفما مسحه أجزأ والمستحب عند الأصحاب : كما قال المصنف قال في الرعاية الكبرى : والأولى أن يفرق بين مسبحتيه ويضعهما على مقدم رأسه ويجعل إبهامية في صدغيه ثم يمر بيديه إلى مؤخر رأسه ثم يعيدهما إلى حيث بدأ ويدخل مسبحتيه في صماخى أذنيه ويجعل إبهامية لظاهرهما .
وقيل بل يغمس يديه في الماء ثم يرسلهما حتى يقطر الماء ثم يترك طرف سبابته اليمنى على طرف سبابته اليسرى انتهى .
قال الزركشي : وصفة المسح : أن يضع أحد طرفى سبابتيه على طرف الأخرى ويضعهما على مقدم رأسه ويضع الإبهامين على الصدغين ثم يمرهما إلى قفاه ثم يردهما إلى مقدمه نص عليه وهو المشهور والمختار .
قوله ويجب مسح جميعه .
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب متقدهم ومتأخرهم وعفى في المبهج والمترجم عن يسيره للمشقة .
قلت : وهو الصواب .
قال الزركشي : وظاهر كلام الأكثرين بخلافه وعنه يجزىء مسح أكثره أختاره في مجمع البحرين وقال القاضي في التعليق وأبو الخطاب في خلافه الصغير أكثره الثلثان فصاعدا واليسير الثلث فما دونه واطلق الأكثر الأكثر فشمل أكثر من النصف ولو بيسير وعنه يجزىء مسح قدر الناصية واطلق الأولى وهذا قول ابن عقيل في التذكرة والقاضي في الجامع فعليها لا تتعين الناصية للمسح على الصحيح بل لو مسح قدرها من وسطه أو من أى جانب منه أجزأ ذكره القاضي و ابن عقيل عن أحمد وقدمه في المغني و الشرح و الرعايتين و الحاويين و ابن عبيدان و ابن رزين وغيرهم قال الزركشي : قال القاضي وعامة من بعدهم لا تتعين الناصية على المعروف قال في مجمع البحرين و الحاوي و ابن حمدان : هذا أصح الوجهين وقال ابن عقيل : يحتمل أن تتعين الناصية للمسح واختاره القاضي في موضع من كلامه وأطلقهما في الفروع وابن تميم .
تنبيه : الناصية مقدم الرأس قاله القاضي وقدمه في الفروع وجزم به في الرعاية وقيل هي قصاص الشعر قدمه ابن تميم وقال ذكره شيخنا وعنه يجزىء مسح بعض الرأس من غير تحديد قال الزركشي وصرح ابن أبي موسى بعدم تحديد الرواية فقال وعنه يجب مسح البعض من غير تحديد وذكر في الانتصار احتمالا يجزىء مسح بعضه في التجديد دون غيره وقال القاضي في التعليق : يجزىء مسح بعضه للعذر واختار الشيخ تقي الدين : أنه يمسح معه العمامة لعذر كالنزلة ونحوها وتكون كالجبيرة فلا توقيت وعنه يجزىء مسح بعضه للمرأة دون غيرها قال الخلال والمصنف هذه الرواية هي الظاهرة عن أحمد قال الخلال العمل في مذهب أبي عبد الله C أنها إن مسحت مقدم رأسها أجزأها .
فائدتان .
إحداهما : إذا قلنا يجزىء مسح بعض الرأس لم يكف مسح الأذنين عنه على المشهور من المذهب قال في الفروع ولا يكفي أذنيه في الأشهر قال الزركشي واتفق الجمهور أنه لا يجزىء مسح الأذنين عن ذلك البعض وللقاضي في شرحه الصغير وجه بالأجزاء قال في الرعاية وهو بعيد قال ابن تميم وقطع غيره بعدم الإجزاء وقال الشيخ تقى الدين يجوز الاقتصار على البياض الذي فوق الأذنين دون الشعر إذا قلنا يجزىء مسح بعض الرأس .
والثانية : لو مسح رأسه كله دفعة واحدة وقلنا الفرض منه قدر الناصية فهل الكل فرض أو قدر الناصية ؟ فيه وجهان والصحيح منهما أن الواجب قدر الناصية .
قلت : ولها نظائر في الزكاة والهدى فيما إذا وجبت عليه شاة في خمس من الإبل أو دم في الهدى فأخرج بعيرا .
قوله ويجب مسح جميعه مع الأذنين .
إذا قلنا يجب مسح جميعه وأنهما من الرأس مسحهما وجوبا على الصحيح من المذهب نص عليه قال الزركشي اختاره الأكثرون وقدمه في الشرح وغيره وقال هو والناظم وغيرهما الأولى مسحهما وجزم بالوجوب في التلخيص وغيره وهو من مفردات المذهب وعنه لا يجب مسحهما قال الزركشي : هي الأشهر نقلا قال الشارح : هذا ظاهر المذهب قال في الفائق هذا أصح الروايتين قال في مجمع البحرين هذا أظهر الروايتين واختارها الخلال والمصنف وجزم به في العمدة وأطلقهما في الرعايتين والحاويين و الفروع و ابن عبيدان و ابن تميم وحكى في الرعاية الصغرى و الحاويين : الخلاف وجهين وقدمه في الرعاية الكبرى وحكاه روايتين في الفروع و مجمع البحرين والفائق و ابن تميم و الزركشي وهو الصواب .
فائدة : البياض الذي فوق الأذنين دون الشعر من الرأس على الصحيح من المذهب اختاره القاضي وابن عقيل وجماعة وجزم به في الفروع في باب الوضوء وقدمه في باب محظورات الإحرام .
قلت : وذكر جماعة : انه ليس من الرأس إجماعا وتقدم بعض فروع هذه المسألة في أواخر باب السواك عند قوله وأخذ ماء جديد للأذنين .
فائدة الواجب : مسح ظاهر الشعر فلو مسح البشرة لم يجزه كما لو غسل باطن اللحية ولو حلق البعض فنزل عليه شعر ما لم يحلق : أجزأه المسح عليه قاله الزركشي وغيره قال في الرعاية فإن فقد شعره مسح بشرته وغن فقد بعضه مسحهما وإن انعطف بعضه على ما علا منه اجزأ مسح شعره فقط انتهى .
قلت : ويحتمل عدم الإجزاء .
قوله ولا يستحب تكراره .
هذا المذهب وعليه الجمهور قال الشارح هذا الصحيح من المذهب قال في مجمع البحرين و الفائق هذا أصح الروايتين وصححه في النظم واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور وغيره وقدمه في الفروع و الكافي و المستوعب و الخلاصة و ابن رزين في شرحه وغيرهم وعنه يستحب بماء جديد اختاره أبو الخطاب و ابن الجوزي في مسبوك الذهب وأطلقهما في الهداية و التلخيص و البلغة و المحرر و الرعايتين و الحاويين