الجلوس بين الخطبتين .
قوله ويجلس بين الخطبتين .
الصحيح من المذهب : أن جلوسه بين الخطبتين سنة وعليه جمهور الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه أنه شرط جزم به في النصيحة وقاله أبو بكر النجاد .
فائدتان .
إحداهما : حيث جوزنا الخطبة جالسا - على ما يأتي بعد ذلك - فالمستحب أن يجعل بين الخطبتين سكتة بدل الجلسة قاله الأصحاب .
الثانية : تكون الجلسة خفيفة جدا قال جماعة : بقدر سورة الإخلاص .
وحكاه في الرعاية قولا وجزم به في التلخيص فلو أبى الجلوس فصل بينهما بسكتة .
قوله ويخطب قائما .
الصحيح من المذهب : أن الخطبة قائما سنة نص عليه وعليه جمهور الأصحاب قاله في الحواشي وغيره قال الزركشي : هذا المشهور عند الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره وعنه : شرط جزم به في النصيحة وقدمه في الفائق .
فوائد .
منها : قوله ويعتمد على سيف أو قوس أو عصى .
بلا نزاع وهو مخير بين أن يكون ذلك في يمناه أو يسراه ووجه في الفروع توجيها يكون في يسراه وأما اليد الأخرى فيعتمد بها على حرف المنبر أو يرسلها وإذا لم يعتمد على شيء أمسك يمينه بشماله أو أرسلهما .
ومنها : قوله ويقصر الخطبة هذا بلا نزاع لكي تكون الخطبة الثانية أقصر قاله القاضي في التعليق : والواقع كذلك .
ومنها : يرفع صوته حسب طاقته .
ومنها : قوله ويدعو للمسلمين يعني عموما وهذا بلا نزاع ويجوز لمعين مطلقا على الصحيح من المذهب .
وقيل : يستحب للسلطان وما هو ببعيد والدعاء له مستحب في الجملة حتى قال الإمام أحمد وغيره : لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها لإمام عادل لأن في صلاحه صلاح للمسلمين قال في المغني وغيره : وإن دعا لسلطان المسلمين فحسن وأطلقهما ابن تميم و ابن حمدان .
ومنها : لا يرفع يديه في الدعاء والحالة هذه على الصحيح من المذهب .
قال الشيخ تقي الدين : هذا أصح الوجهين لأصحابنا وقيل : يرفعهما وجزم به في الفصول وهو من المفردات وقيل : لا يستحب قال المجد : هو بدعة .
قوله ولا يشترط إذن الإمام .
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه يتشرط وعنه يشترط إن قدر على إذنه وإلا فلا قال في الإفادات : تصح بلا إذن الإمام مع العجز عنه وعنه يشترط لوجوبها لا لجوازها ونقل أبو الحارث و الشالنجي : إذا كان بينه وبين المصر قدر ما يقصر فيه الصلاة جمعوا ولو بلا إذن .
تنبيه : حيث قلنا : يشترط إذنه فلو مات ولم يعلم بموته إلا بعد الصلاة : لم تلزم الإعادة على أصح الروايتين للمشقة .
قال ابن تميم : هذا أصح الروايتين وصححهما في الحواشي .
وعنه عليهم الإعادة لبيان عدم الشرط اختاره أبو بكر .
قال في التلخيص : ومع اعتباره فلا تقام إذا مات حتى يبايع عوضه وأطلقهما في الفروع قال في الرعاية : وإن علم موته بعد الصلاة ففي الإعادة روايتان وقيل : مع اعتبار الإذن وقيل : إن اعتبرنا الإذن أعادوا وإلا فلا وقيل : إن اعتبر إذنه فمات لم تقم حتى يبايع عوضه .
فائدتان .
إحداهما : لو غلب الخوارج على بلد فأقاموا فيه الجمعة فنص أحمد على جواز اتباعهم قاله ابن عقيل قال القاضي : ولو قلنا من شرطها الإمام إذا كان خروجهم بتأويل سائغ وقال ابن أبي موسى : إذا غلب الخارجي على بلد وصلى فيه الجمعة أعيدت ظهرا .
الثانية : إذا فرغ من الخطبة نزل وهل ينزل عند لفظة الإقامة أو إذا فرغ بحيث يصل إلى المحراب عند قولها ؟ يحتمل وجهين قاله في التلخيص : وتبعه في الفروع و ابن تميم في أول صفة الصلاة .
أحدهما : ينزل عند لفظ الإقامة قدمه في الرعايتين و الحاويين .
والثاني : ينزل عند فراغه .
قوله ويستحب أن يقرأ في الأولى بسورة الجمعة وفي الثانية : بالمنافقين .
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في النظم و تذكرة ابن عبدوس و المنور و المنتخب و التسهيل وقدمه في الهداية و المستوعب و الخلاصة و المحرر و ابن تميم و الرعايتين و الحاويين و الفروع و شرح ابن رزين و الفائق و مجمع البحرين وغيرهم .
وعنه : يقرأ في الأولى بسورة ( الجمعة ) وفي الثانية بسورة ( سبح ) اختاره أبو بكر في التنبيه وأطلقهما في المذهب و التلخيص .
وعنه : يقرأ في الأولى ( بسبح ) وفي الثانية ( بالغاشية ) قدمه في تجريد العناية قال المصنف و الشارح و ابن تميم و ابن رزين في شرحه وغيرهم : وإن قرأ في الأولى ( بسبح ) وفي الثانية ( بالغاشية ) فحسن وقال الخرقي : يقرأ بالحمد وسورة وقال في الوجيز : يصليها ركعتين جهرا .
فوائد .
يستحب أن يقرأ في فجر يوم الجمعة في الركعة الأولى ( آلم السجدة ) وفي الثانية ( { هل أتى على الإنسان } ) قال الشيخ تقي الدين : لتضمنهما ابتداء خلق السماوات والأرض وخلق الإنسان إلى أن يدخل الجنة أو النار انتهى وتكره المداومة عليهما على الصحيح من المذهب نص عليه .
قال الإمام أحمد : لئلا يظن أنها مفضلة بسجدة وقال جماعة من الأصحاب : لئلا يظن وجوبها وقيل : تسحب المداومة عليهما قال ابن رجب في شرح البخاري : ورجحه بعض الأصحاب وهو أظهر انتهى .
قال الشيخ تقي الدين : ويكره تحرية قراءة سجدة غيرها قال ابن رجب : وقد زعم بعض المتأخرين من أصحابنا أن تعمد قراءة سورة سجدة غير ( الم تنزيل ) في يوم الجمعة بدعة قال : وقد ثبت أن الأمر بخلاف ذلك .
فائدة : الصحيح من المذهب : أنه يكره قراءة سورة الجمعة في ليلة الجمعة زاد في الرعاية : والمنافقين وعنه : لا يكره .
تنبيه : قد يقال : إن مفهوم قول المصنف ( وتجوز إقامة الجمعة في موضعين من البلد للحاجة ) لا يجوز إقامتها في أكثر من موضعين ولو كان هناك حاجة وهو قول لبعض الأصحاب وذكره القاضي في كتاب التخريج وهو بعيد جدا .
والصحيح منالمذهب وعليه جماهير الأصحاب : جواز إقامتها في أكثر من موضعين للحاجة قال في النكت : هذا المذهب عند الأصحاب وهو المنصور في كتب الخلاف انتهى ويحتمله كلام المصنف هنا قال الزركشي : هو المشهور ومختار الأصحاب وأطلقهما في الفائق وعنه : لا يجوز إقامتها في أكثر من موضع واحد وأطلقهما في المحرر .
قوله ولا يجوز مع عدمها .
يعني : لا يجوز إقامتها في أكثر من موضع واحد إذا لم يكن حاجة وهذا المذهب وعليه الأصحاب قال في النكت : هذا هو المعروف في المذهب .
وعنه : يجوز مطلقا وهو من المفردات وحمله القاضي على الحاجة .
فائدتان .
إحداهما : الحاجة هنا الضيق أو الخوف من فتنة أو بعد وقال ابن عقيل في الفصول : إن كان البلد قسمين بينهما نائرة كان عذرا أبلغ من مشقة الازدحام .
الثانية : الحكم في العيد في جواز صلاته في موضعين فأكثر والاقتصار على موضع مع عدم الحاجة : كالجمعة قاله ابن عقيل واقتصر عليه في الفروع .
قوله فإن فعلوا فجمعة الإمام هي الصحيحة .
يعني إذا أقاموا في أكثر من موضع لغير حاجة - وقلنا : لا يجوز - فتكون جمعة الإمام هي الصحيحة .
واعلم أنه إذا كانت الجمعة التي أذن فيها الإمام هي السابقة - والحالة هذه - فهي الصحيحة بلا نزاع وإن كانت مسبوقة فهي الصحيحة أيضا على الصحيح من المذهب جزم به في الإفادات و الوجيز و المنور و المنتخب وقدمه في الفروع و المغني و الشرح وصححاه وغيرهم قال في مجمع البحرين : اختاره الشيخ وأكثر الأصحاب قال في الرعاية الكبرى : وهو أولى .
وقيل : السابقة هي الصحيحة جزم به في التسهيل و نهاية ابن رزين و نظمها وصححه في النظم وقدمه في الرعايتين و الحاويين وأطلقهما في التلخيص و الفائق .
وقال ابن تميم فإن كانت إحداهما بإذن الإمام - وقلنا : إذنه شرط - فهي الصحيحة فقط وإن قلنا : ليس إذنه بشرط فوجهان أحدهما : صحة ما أذن فيها وإن تأخرت والثاني : صحت السابقة .
فوائد .
إحداها : لو استويا في الإذن أو عدمه لكن إحداهما في المسجد الأعظم والأخرى في مكان لايسع الناس أو لا يقدرون عليه لاختصاص السلطان وجنده به أو كانت إحداهما في قصبة البلد والأخرى في أقصى المدينة : فالصحيح من المذهب أن السابقة هي الصحيحة قدمه في الفروع و الرعاية .
وقيل : صلاة من في المسجد الأعظم ومن في قصبة البلد هي الصحيحة مطلقا صححه ابن تميم وصاحب مجمع البحرين و الحواشي وقدمه في المغني و الشرح .
الثانية : السبق يكون بتكبيرة الإحرام على الصحيح من المذهب وجزم به في المغني و الشرح و ابن منجا في شرحه و الإفادات و الرعاية الصغرى و الحاويين وغيرهم وقدمه في الفروع و الرعاية الكبرى و التلخيص و مجمع البحرين و ابن تميم و الفائق وغيرهم .
وقيل : بالشروع في الخطبة وقال في الرعاية الكبرى : وقلت : أو بالسلام .
الثالثة : حيث صححنا واحدة منهما - أو منها - فغيرها باطلة ولو قلنا : يصح بناء الظهر على تحريم الجمعة لعدم انعقادها لفوتها هذا هو الصحيح من المذهب .
وقيل : يتمون ظهرا كالمسافر ينوي القصر فيتبين إن إمامه مقيم .
قوله وإن وقعتا معا بطلتا معا .
بلا نزاع ويصلون جمعة إن أمكن بلا نزاع .
قوله فيما إذا استويا في إذن الإمام أو عدمه أو جهلت الأولى بطلتا معا .
بلا نزاع أيضا ويصلون ظهرا على الصحيح من المذهب قال في القواعد الفقهية و مجمع البحرين : هذا أصح واختاره المصنف وقدمه في الفروع و الفائق و المغني و الشرح وصححه .
وقيل : يصلون جمعة اختاره ابن عقيل قال في مجمع البحرين : وهذا ظاهر عبارة أبي الخطاب .
قال القاضي : يحتمل أن لهم إقامة الجمعة لأنا حكمنا بفسادهما معا فكأن المصر ما صليت فيه جمعة صحيحة وقدمه في الرعاية وأطلقهما ابن تميم .
فوائد .
إحداها : لو جهل هل وقعتا معا أو وقعت إحداهما : قبل الأخرى ؟ بطلتا معا فإن قلنا تعاد في التي قبلها جمعة فهنا أولى وإن قلنا تعاد ظهرا أعيدت هنا ظهرا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع و المغني و الشرح وقال : هو أولى وقيل : تعاد هنا جمعة قال ابن تميم : وهو الأشبه وهو احتمال القاضي وقدمه في الرعاية .
الثانية : لو علم سبق إحداهما وجهلت السابقة منهما صلو ظهرا على أصح الوجهين قاله في الرعاية .
الثالثة : لو علم سبق إحداهما وعلمت السابقة في وقت ثم نسيت : صلوا ظهرا جزم به في الرعاية .
الرابعة : لو علم أنه سبقه غيره : أتمها ظهرا وقيل : يستأنف ظهرا .
وقيل : إن علم قبل السلام أن غيرها سبقت أو فرغت فإن قلنا : لا ينبني الظهر على نية الجمعة أستأنفوا ظهرا وإن قلنا : ينبني فوجهان في البناء والابتداء