لا يترخص من قصد مشهدا أو مسجدا غير المساجد الثلاثة أو قصد قبرا .
فائدة : قال في الرعاية الكبرى : لا يترخص من قصد مشهدا أو مسجدا غير المساجد الثلاثة أو قصد قبرا غير قبر النبي A .
قلت : أو نبي غيره وجزم بهذا في الرعاية الصغرى .
قال في التلخيص : قاصد المشاهد وزيارتها لا يترخص انتهى ( وجزم به في النظم ) والصحيح من المذهب : جواز الترخص قال في المغني وغيره .
القسم الثاني : السفر المكروه فلا يجوز القصر فيه صرح به ابن منجا في شرحه وقاله ابن عقيل في السفر إلى المشاهد قال في الفروع : وهو ظاهر كلام الأصحاب .
قلت : قال في الهداية : إذا سافر سفرا في غير معصية فله أن يقصر وكذا في الخلاصة .
فظاهرهما : جوز المسح في السفر المكروه قال في تذكرة ابن عبدوس : ويسن لمسافر لغير معصية انتهى ومن يجيز القصر في سفر فهنا بطريق أولى .
قوله يبلغ ستة عشر فرسخا .
الصحيح من المذهب : أنه يشترط في جواز القصر : ان تكون مسافة السفر ستة عشر فرسخا برأ أو بحرا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه يشترط أن يكون عشرين فرسخا حكاها ابن أبي موسى فمن بعده .
واختار الشيخ تقي الدين جواز القصر في مسافة فرسخ وقال أيضا : إن حد فتحديده ببريد أجود .
وقال المصنف و الشيخ تقي الدين أيضا : لا حجة للتحديد بل الحجة مع من أباح القصر لكل ماسفر إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه .
فوائد .
إحداها : الصحيح من المذهب أن مقدار المسافة : تقريب لا تحديد قال في الفروع : وظاهر كلامهم تقريبا وهو أولى .
قلت : هذا مما لا يشك فيه .
وقال أبو المعالي : المسافة تحديد قال ابن رجب في شرح البخاري : الأميال تحديد نص عليه الإمام أحمد .
الثانية : الستة عشر فرسخا يومان قاصدان وذلك أربعة برد والبريد أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال هاشمية وبأميال بني أمية ميلان ونصف والميل اثنا عشر ألف قدم قاله القاضي وغيره وقطع به في الفروع وغيره وذلك ستة الآف ذراع والذراع أربعة وعشرون إصبعا معترضة معتدلة قطع به في الفروع وغيره وقال أبو الفرج بن أبي الفهم : الميل أربعة الآف ذراع بالواسطى انتهى .
وقيل : هو ألف خطوة بخطى الجمل .
وقدم في الرعاية أنه ألفا خطوة ثم قال قلت : يحتمل أن يكون الخلاف باختلاف خطوتيه ثم قال : وقيل الميل ألف باع كل باع أربعة أذرع فقط كل ذراع أربعة وعشرون إصبعا كل إصبع ست حبات شعير بطون بعضها إلى بطون بعض عرض كل شعيرة ست شعرات برذون انتهى .
وقال الحافظ العلامة ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري : وقيل : الميل ثلاثة الآف ذراع نقله صاحب البيان وقيل : ثلاثة الآف وخمسمائة وصححه ابن عبد البر ثم قال : الذراع الذي ذكر : قد حرر بذراع الحديد المستعمل الآن في مصر والحجاز في هذه الأعصار ينقص عن ذراع الحديد بقدر الثمن فعلى هذا : فالميل بذراع الحديد على القول المشهور : خمسة الآف ذراع ومائتان وخمسون ذراعا قال : وهذه فائدة نفيسة قل من تنبه إليها انتهى .
الثالثة : قال الجوهري : الميل من الأرض : منتهى مد البصر وقيل : حده أن ينظر إلى الشخص في أرض مسطحة فلا يدري : هو رجل أو امرأة أهو ذاهب أم هو آت ؟ .
الرابعة : المعتبر نية المسافة لا حقيقتها فلو رجع قبل استكمالها فلا إعادة عليه على الصحيح من المذهب وعنه يعيد من لم يبلغ المسافة حكاها القاضي في شرحه قال : وهي أصح وهي من المفردات .
ولو شك في قدر المسافة لم يقصر فلو خرج لطلب آبق ونحوه على أنه متى وجده رجع : لم يقصر ولو بلغ مسافة القصر على الصحيح من المذهب نص عليه واختار ابن أبي موسى و ابن عقيل : القصر ببلوغ المسافة وإن لم ينوها وجزم به في المستوعب كنية بلد بعينه يجهل مسافته ثم علمها فإنه يقصر بعد علمه كجاهل بجواز القصر ابتداء .
ويأتي إذا سافر غير مكلف سفرا طويلا ثم كلف في أثنائه بعد قوله ( وإذا أقام لقضاء حاجته ) .
الخامسة : لا يقصر سائح ولا هائم لا يقصد مكانا معينا جزم به في الرعاية الصغرى قال في الكبرى : لا يترخص في الأصح وقال : كذا لا يترخص تائه .
تنبيه : ظاهر كلام المصنف : أن أهل مكة ومن حولهم كغيرهم إذا ذهبوا إلى عرفة ومزدلفة ومنى وهو صحيح فلا يجوز لهم القصر ولا الجمع على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المستوعب وغيره وقدمه في الفروع وقال : اختاره الأكثر وقدمه في الفائق وقال : لا يجمعون ولا يقصرون عند جمهور أصحابنا واختار أبو الخطاب في العبادات الخمس و الشيخ تقي الدين : جواز القصر والجمع لهم فيعايي بها واختار المصنف جواز الجمع فقط قال في الفروع : وهو الأشهر عن أحمد فيعايي بها .
تنبيهات .
أحدها : ظاهر قوله إذا فارق بيوت قريته أنه لا بد أن يفارق البيوت العامرة والخربة وهو وجه اختاره القاضي والصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب : أنه لا يشترط أن يفارق البيوت الخربة بل له القصر إذا فارق البيوت العامرة سواء وليها بيوت خربة أو البرية ويحتمله كلام المصنف هنا .
أما إن ولى البيوت الخربة بيوت عامرة : فلا بد من مفارقة البيوت الخربة والعامرة التي تليها قال أبو المعالي : وكذا لو جعل الخراب مزارع وبساتين يسكنه أهل ولو في فصل النزهة .
الثاني : مفهوم كلامه : أنه لا يقصر إلا إذا فارق البيوت سواء كانت داخل السور أو خارجه وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب .
وقيل : له القصر إذا فارق سور بلده ولو لم يفارق البيوت قدمه في الفائق .
الثالث : ظاهر كلامه أيضا - وكثير من الأصحاب - : جواز القصر إذا فارق بيوت قريته سواء اتصل به بلد آخر أو لا واعتبر أبو المعالي انفصاله ولو بذراع موجود في كلام المجد وغيره : لا يتصل وقال في الرعاية الكبرى : إذا تقاربت قريتان أو حلتان فهما كواحدة وإن تباعدتا فلا