الدعوى في كل حق لآدمي غير معين .
تنبيه : وكذا الحكم في أن الدعوى لا تصح ولا تسمع وتسمع البينة قبل الدعوى في كل حق لآدمي غير معين كالوقف على الفقراء أو على مسجد أو رباط أو وصية لأحدهما .
قال الشيخ تقي الدين C : وكذا عقوبة كذاب مفتر على الناس والتكلم فيهم .
وتقدم في التعزيز كلام الإمام أحمد C والأصحاب .
وقال الشيخ تقي الدين C في حفظ وقف وغيره بالثبات عن خصم مقدر : تسمع الدعوى والشهادة فيه بلا خصم .
وهذا قد يدخل في كتاب القاضي وفائدته : كفائدة الشهادة .
وهو مثل كتاب القاضي إذا كان فيه ثبوت محض فإنه هناك يكون مدع فقط بلا مدعي عليه حاضر .
لكن هنا المدعي عليه متخوف وإنما المدعي يطلب من القاضي سماع البينة أو الإقرار كما يسمع ذلك شهود الفرع فيقول القاضي ثبت ذلك عندي بلا مدعي عليه .
قال : وقد ذكره قوم من الفقهاء وفعله طائفة من الفقهاء وفعله طائفة من القضاة ولم يسمعها طوائف من الحنفية والشافعية والحنابلة لأن القصد بالحكم فصل الخصومة .
ومن قال بالخصم المسخر : نصب الشر ثم قطعه .
وذكر الشيخ تقي الدين C ما ذكره القاضي ـ من احتيال الحنفية على سماع البينة من غير وجود مدعى عليه ـ فإن المشتري المقر له بالبيع قد قبض المبيع وسلم الثمن فهو لا يدعي شيئا ولا يدعى عليه شيء وإنما غرضه تثبيت الإقرار والعقد .
والمقصود سماع القاضي البينة وحكمه بموجبها من غير وجود مدعي عليه ومن غير مدع على أحد لكن خوفا من حدوث خصم مستقبل فيكون هذا الثبوت بمنزلة الشهادة فإن لم يكن القاضي يسمع البينة بلا هذه الدعوى وإلا امتنع من سماعها مطلقا وعطل هذا المقصود الذي احتالوا له .
قال الشيخ تقي الدين C : وكلامه يقتضي أنه هو لا يحتاج إلى هذا الاحتيال مع أن جماعات من القضاة المتأخرين ـ من الشافعية والحنابلة ـ دخلوا مع الحنفية في ذلك وسموه الخصم المسخر .
قال : وأما على أصلنا الصحيح وأصل مالك C : فإما أن نمنع الدعوى على غير خصم منازع فتثبت الحقوق بالشهادات على الشهادات كما ذكره من ذكره من أصحابنا .
وإما أن نسمع الدعوى والبينة بلا خصم كما ذكره طائفة من المالكية والشافعية .
وهو مقتضى كلام الإمام أحمد C وأصحابنا في مواضع لأنا نسمع الدعوى والبينة على الغائب والممتنع وكذا على الحاضر في البلد في المنصوص .
فمع عدم خصم : أولى .
قال وقال أصحابنا : كتاب الحاكم كشهود الفرع .
قالوا : لأن المكتوب إليه يحكم بما قام مقامه غيره لأن إعلام القاضي للقاضي قائم مقام الشاهدين .
فجعلوا كل واحد من كتاب الحاكم وشهود الفرع : قائما مقام غيره : وهو يدل عن شهود الأصل .
وجعلوا كتاب القاضي كخطابه .
وإنما خصوه بالكتاب : لأن العادة تباعد الحاكمين .
وإلا فلو كانا في محل واحد : كان مخاطبة أحدهما للآخر أبلغ من الكتاب .
وبنوا ذلك على أن الحاكم يثبت عنده بالشهادة ما لم يحكم به وإنما يعلم به حاكما آخر ليحكم به كما يعلم الفروع بشهادة الأصول .
قال : وهذا كله إنما يصح إذا سمعت الدعوى والبينة في غير وجه خصم .
وهو يفيد : أن كل ما يثبت بالشهادة على الشهادة : يثبته القاضي بكتابه .
قال : ولأن الناس بهم حاجة إلى إثبات حقوقهم بإثبات القضاة كإثباتها .
بشهادة الفروع وإثبات القضاة أنفع لكونه كفى مؤنة النظر في الشهود وبهم حاجة إلى الحكم فيما فيه شبهة أو خلاف لرفع وإنما يخافون من خصم حادث