باب سجود السهو .
قوله ولا يشرع في العمد .
هذا المذهب وعليه الأصحاب وبنى الحلواني سجوده لترك سنة على كفارة قتل العمد قال في الرعاية : وقيل يسجد لعمد مع صحة صلاته .
تنبيهات .
أحدها : يستثنى من قوله ويشرع للسهو في زيادة ونقص وشك للنافلة والفرض سوى صلاة الجنازة وسجود التلاوة فلا يسجد للسهو فيهما قاله الأصحاب زاد ابن تميم و ابن حمدان وغيرهما : وسجود الشكر وكذا لا يسجد إذا سها في سجدتي السهو نص عليه وكذا إذا سها بعدهما وقيل : سلامه في السجود بعد السلام لأنه في الجائز .
فأما سهوه في سجود السهو قبل السلام : فلا يسجد له أيضا في أقوى الوجهين قاله في مجمع البحرين و النكت قال في المغني و الشرح : ولو سها بعد سجود السهو لم يسجد لذلك وقطعا به .
والوجه الثاني : يسجد له وأطلقهما المجد في شرحه و ابن تميم و الفروع و الرعايتين .
وكذا لا يسجد لحديث النفس ولا للنظر إلى شيء على الصحيح من المذهب وعنه أنه يسجد وقال : لخصت ذلك في الكتاب .
الثاني : ظاهر قوله فأما الزيادة : فمتى زاد فعلا من جنس الصلاة - قياما أو قعودا أو ركوعا أو سجودا عمدا - بطلت صلاته وإن كان سهوا سجد له .
أنه لو جلس سهوا في محل جلسة الاستراحة بمقدارها : أنه يسجد للسهو وهو أحد الوجهين والصحيح منهما صححه في النظم وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره القاضي وقدمه في الرعايتين و ابن رزين في شرحه وجزم به في المغني و الشارح في موضع وفي آخر : ظاهره إطلاق الخلاف وصححه المجد في شرحه وقال : هو ظاهر كلام أبي الخطاب .
والوجه الثاني : لا يلزمه السجود وهو احتمال في المغني قال في الحاويين : وهو أصح عندي قال الزركشي : إن كان جلوسه يسيرا فلا سجود عليه قال في التلخيص : هذا قياس المذهب ولا وجه لما ذكره القاضي إلا إذا قلنا تجبر الهيئات بالسجود انتهى وأطلقهما في الفروع و ابن تميم .
الثالث : ظاهر كلام المصنف وغيره : أنه يسجد للسهو في صلاة الخوف وغيرها في شدة الخوف وغيرها وقال في الفائق : ولا سجود لسهو في الخوف قال بعضهم واقتصر عليه .
قلت : فيعايي بها .
لكن لم أر أحدا من الأصحاب ذكر ذلك في شدة الخوف وهو موافق لقواعد المذهب .
ويأتي أحكام سجود السهو في صلاة الخوف إذا لم يشتد في الوجه الثاني وتقدم سجود السهو للنفل إذا صلى على الراحلة في استقبال القبلة .
( الرابع : قال ابن أبي موسى ومن تبعه : من كثر منه السهو حتى صار كالوسواس فإنه يلهو عنه لأنه يخرج به إلى نوع مكابرة فيفضي إلى الزيادة في الصلاة مع تيقن إتمامها ونحوه فوجب اطراحه وكذا في الوضوء والغسل وإزالة النجاسة نحوه ) .
قوله وإن سبح به اثنان لزمه الرجوع .
يعني إذا كانا ثقتين هذا المذهب وعليه الأصحاب سواء قلنا : يعمل بغلبة ظنه أو لا وعنه يستحب الرجوع فيعمل بيقينه أو بالتحري وذكر في مجمع البحرين في الفاسق احتمالا يرجع إلى قوله إن قلنا يصح أذانه قال في الفروع : وفيه نظر وقيل : إن قلنا يبني على غلبة ظنه رجع وإلا فلا اختاره ابن عقيل ذكره في القاعدة التي قبل الأخيرة .
تنبيهات .
الأول : ظاهر كلام المصنف ويغره من الأصحاب : أنه يرجع إلى ثقتين ولو ظن خطأهما وهو صحيح جزم به المصنف و ابن تميم و الفائق وقال : نص عليه قال في الفروع : وهو ظاهر كلامهم قال : ويتوجه تخريج واحتمال من الحكم مع الريبة يعني أنه لا يلزمه الرجوع إذا ظن خطأهما .
الثاني : مفهوم كلام المصنف : أنه لا يلزمه الرجوع إذا سبح به واحد وهو صحيح وهو المذهب وأطلق الإمام أحمد أنه لا يرجع لقوله .
وقيل : يرجع إلى ثقة في زيادة فقط واختار أبو محمد الجوزي : يجوز رجوعه إلى واحد يظن صدقه وجزم به في الفائق .
قال في الفروع : ولعل المراد ما ذكره الشيخ - يعني به المصنف - إن ظن صدقه عمل بظنه لا بتسبيحه .
الثالث : محل قبول الثقتين والواحد إذا قلنا يقبل إذا لم يتيقن صواب نفسه فإن تيقن صواب نفسه لم يرجع إلى قولهم ولو كثروا هذا جادة المذهب وعليه جماهير الأصحاب .
وقال أبو الخطاب : يرجع إلى قولهم ولو تيقن صواب نفسه قال المصنف : وليس بصحيح قال في الفائق : وهو ضعيف وذكره الحلواني رواية كحكمه بشاهدين وتركه يقين نفسه .
قال في الفروع : وهذا سهو وهو خلاف ما جزم به الأصحاب إلا أن يكون المراد ما قاله القاضي بترك الإمام اليقين ومراده الأصل قال : كالحاكم يرجع إلى الشهود ويترك الأصل واليقين وهو براءة الذمم وكذا شهادتهما برؤية الهلال يرجع إليهما ويترك اليقين والأصل وهو بقاء الشهر .
الرابع : قد يقال : شمل كلام المصنف المصلي وحده وأنه كالإمام في تنبيهه وهو صحيح وهو المذهب فحيث قلنا : يرجع الإمام إلى المنبه : يرجع المنفرد إذا نبه .
قال القاضي : هو الأشبه بكلام الإمام أحمد وقدمه في الفروع .
وقيل : لا يرجع المنفرد وإن رجع الإمام لأن من في الصلاة أشد تحفظا وأطلقهما ابن تميم .
الخامس : قال في الفروع : ظاهر كلامهم : أن المرأة كالرجل في هذا وإلا لم يكن في تنبيهما فائدة ولما كره تنبيها بالتسبيح ونحوه وقد ذكره في مجمع البحرين احتمالا له وقواه ونصره وقال في الفروع : ويتوجه في المميز خلافه وكلامهم ظاهر فيه .
السادس : لو اختلف عليه من ينبهه سقط قولهم ولم يرجع إلى أحد منهم على الصحيح من المذهب ونقله المروذي عن الإمام أحمد واختاره ابن حامد وقدمه في الفروع و الفائق .
وقيل : يعمل بقول موافقه قال في الوسيلة : هو أشبه بالمذهب وهو اختيار أبي جعفر .
وقيل : يعمل بقول مخالفه اختاره ابن حامد قاله ابن تميم .
( السابع : يلزم المأمومين تنبيه الإمام إذا سها قاله المصنف وغيره فلو تكروه فالقياس فساد صلاتهم ) .
قوله فإن لم يرجع بطلت صلاته وصلاة من اتبعه عالما .
على الصحيح من المذهب : أن صلاة من اتبعه عالما تبطل وعليه الأصحاب وعنه لا تبطل وعنه تجب متابعته في الركعة لاحتمال ترك ركن قبل ذلك فلا يترك بتعين المتابعة بالشك وعنه يخير في متابعته وعنه يستحب متابعته .
وقيل : لا تبطل إلا إذا قلنا : يبنى على اليقين فأما إن قلنا يبنى على غلبة ظنه لم تبطل ذكره في الرعاية .
قوله وإن فارقه أو كان جاهلا لم تبطل .
يعني صلاته وكذا إن نسى وهذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه تبطل وأطلق في الفائق فيما إذا جهلوا وجوب المفارقة الروايتين .
فوائد .
الأولى : تجب المفارقة على المأموم على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعنه يجب انتظاره نقلها المروذي واختارها ابن حامد وعنه يستحب انتظاره وعنه يخير في انتظاره كما تقدم التخيير في متابعته .
الثانية : تنعقد صلاة المسبوق معه فيها على الصحيح من المذهب وهو ظاهر ما جزم به في الفروع .
قال في الرعاية الكبرى : وإن أدرك المأموم ركعة من رباعية وقام الإمام إلى خامسة سهوا فتبعه يظنها رابعة : انعقدت صلاته في الأصح انتهى .
وقيل : لا تنعقد فعلى المذهب لا يعتد بهذه الركعة على الصحيح من المذهب نص عليه جزم به في المحرر وغيره وقدمه في الرعاية وغيره .
وقال القاضي و المصنف : يعتد بها وتوقف الإمام أحمد في رواية أبي الحارث وقال في الحاوي الكبير وغيره : ويحتمل أن يعتد بها المسبوق إن صح اقتداء المفترض بالمنتفل واختاره القاضي أيضا وقدمه ابن تميم .
الثالثة : ظاهر كلام الأصحاب : إن الإمام لا يرجع إلى فعل المأموم من قيام وقعود وغير ذلك للأمر بالتنبيه وصرح به بعضهم قال في مجمع البحرين : قاله شيخنا وتابعه على ذلك قال في الفروع : ويتوجه تخريج واحتمال وفيه نظر .
قلت : فعل ذلك بعضهم مما يستأنس به ويقوي ظنه .
ونقل أبو طالب : إذا صلى بقوم تحرى ونظر إلى من خلفه فإن قاموا تحرى وقام وإن سبحوا به تحرى وفعل ما يفعلون .
قال القاضي في الخلاف : ويجب حمل هذا على أن للإمام رأيا فإن لم يكن له رأي بني على اليقين .
الرابعة : لو نوى صلاة ركعتين نفلا وقام إلى ثالثة فالأفضل له أن يتمها أربعا ولا يسجد للسهو لإباحة ذلك وله أن يرجع ويسجد للسهو هذا إذا كان نهارا وإن كان ليلا فرجوعه أفضل فيرجع ويسجد للسهو نص عليه فلو لم يرجع ففي بطلانها وجهان وأطلقهما ابن تميم و الفائق .
والمنصوص عن الإمام أحمد : أن حكم قيامه إلى ثالثة ليلا كقيامه إلى ثالثة في صلاة الفجر وجزم به في المغني و الشرح وقدمه ابن مفلح في حواشيه وهو المذهب ويأتي ما يتعلق بذلك عند قوله ( وإن تطوع في النهار بأربع فلا بأس ) في الباب الذي بعده