العمل الكثير من غير جنس الصلاة يبطلها .
قوله والعمل المستكثر في العادة من غير جنس الصلاة يبطلها عمده وسهوه .
اعلم أن الصلاة تبطل بالعمل الكثير عمدا بلا نزاع أعلمه وتبطل به أيضا سهوا على الصحيح من المذهب كما جزم به المصنف هنا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وحكاه الشارح وغيره إجماعا وحكى بعض الأصحاب في سهوه روايتين واختار المجد في شرحه : لا تبطل بالعمل الكثير سهوا لقصة دي اليدين فإنه مشى وتكلم ودخل منزله وبنى على صلاته على ما تقدم .
تنبيه : مراده ببطلان الصلاة بالعمل المستكثر : إذا لم تكن حاجة إلى ذلك على ما تقدم في الباب قبله عند قوله ( فإن طال الفعل في الصلاة أبطلها ) وتقدم هناك حد الكثير واليسير والخلاف فيه فليعاود وتقدم حكم عمل الجاهل في الصلاة هناك أيضا .
قوله ولا تبطل باليسير ولا يشرع له سجود .
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم صاحب الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقيل : يشرع له السجود قال في الرعاية وقيل : يحتمل وجهين .
فائدة : لا بأس بالعمل اليسير لحاجة ويكره لغيرها .
قوله وإن أكل أو شرب عمدا بطلت صلاته قل أو كثر .
إذا أكل عمدا : فتارة يكون في نفل وتارة يكون في فرض فإن كان في فرض بطلت الصلاة بقليله وكثيره على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به وحكاه ابن المنذر إجماعا وحكى في الرعاية قولا بأنها لا تبطل بشرب يسير .
وإن كان في نفل : فتارة يكون كثيرا وتارة يكون يسيرا فإن كان كثيرا بطلت الصلاة وإن كان يسيرا فظاهر كلام المصنف : أنها تبطل أيضا وهو إحدى الروايات قال في المغني و الشارح : هذا الصحيح من المذهب قال في الكافي - بعد أن قدمه - هذا أولى قال ابن رزين : وقدمه ابن تميم و الرعايتين و الحاويين و إدراك الغاية قال في الحواشي : قدمه جماعة .
والرواية الثانية : لا تبطل قدمه في الفروع و مجمع البحرين ونصره فهو إذن المذهب وأطلقهما في الهداية و المذهب و المستوعب و الهادي و التلخيص و شرح المجد و المحرر و الخلاصة و الفائق .
والرواية الثالثة : تبطل بالأكل فقط قال ابن هبيرة : هي المشهورة عنه قال في الفروع : هي الأشهر عنه .
قوله وإن كان سهوا لم تبطل إذا كان يسيرا .
وهذا المذهب فرضا كان أو نفلا وعليه أكثر الأصحاب وعنه تبطل قدمه في الكافي وقيل : لا تبطل بالأكل فقط .
تبيه : مفهوم كلام المصنف : أن الأكل والشرب سهوا يبطل الصلاة إذا كان كثيرا وهو صحيح فرضا كان أو نفلا وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه لا تبطل وهو ظاهر المستوعب و التلخيص وأطلقهما ابن تميم وقيل : يبطل الفرض فقط .
فوائد .
منها : الجهل بذلك كالسهو على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع .
وقال : ولم يذكر جماعة الجهل في الأكل والشرب منهم المصنف و الشارح وصاحب الفائق .
ومنها : لو كان في فمه سكر أو نحوه مذاب وبلعه فالصحيح من المذهب : أنه كالأكل قدمه في الفروع و الرعاية وجزم به في المغني و الشرح .
وقيل : لا تبطل وهما وجهان في التلخيص و ابن تميم وأطلقهما وذكر في المذهب في النفل روايتين قال : وكذا لو فتح فاه فنزل فيه ماء المطر فابتلعه وذكر في الرعاية : إن بلع ماء وقع عليه من ماء مطر لم تبطل .
ومنها : لو بلع ما بين أسنانه مما يجري فيه الريق من غير مضغ لم تبطل صلاته نص عليه وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب وجزم به المصنف و الشارح وغيرهما وقدمه في الفروع و ابن تميم و الرعاية وغيرهم .
وقيل : تبطل وقال في الروضة : ما يمكن إزالته من ذلك يفسد ابتلاعه .
قوله وإن أتى بقول مشروع في غير موضعه - كالقراءة في السجود والقعود والتشهد في القيام وقراءة السورة في الأخيرتين - لم تبطل الصلاة به .
هذا المذهب سواء كان عمدا أو سهوا وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه وقيل : تبطل بقراءته راكعا وساجدا عمدا اختاره ابن حامد و أبو الفرج وقيل : تبطل به عمدا مطلقا ذكر هذا الوجه في المذهب و مسبوك الذهب فعلى القول بالبطلان بالعمدية : يجب السجود لسهوه .
تنبيه : مراد المصنف بذلك : غير السلام على ما يأتي بعد ذلك من التفصيل في كلام المصنف فيما إذا سلم عمدا أو سهوا .
قوله ولا يجب السجود لسهوه .
يعني إذا قلنا : لا يبطل بالعمدية على ما تقدم .
قوله وهل يشرع ؟ على روايتين .
وأطلقهما في الهداية و المذهب و المستوعب و التلخيص و البلغة و المحرر و النظم و الشرح و الحاويين و الكافي .
إحداهما : يشرع وهو المذهب قال في الفروع و الرعاية : ويستحب لسهوه على الأصح قال ناظم المفردات : يشرع في الأصح .
قال المجد في شرحه : هذه أقوى وجزم به في الوجيز و المنور وقدمه أبو الحسين في فروعه و الخلاصة و ابن تميم و الرعاية الصغرى ونصره أبو الخطاب و ابن الجوزي في التحقيق وهو من مفردات المذهب .
الرواية الثانية : لا يشرع قال الزركشي : الأولى تركه .
قوله وإن سلم قبل إتمام صلاته عمدا أبطلها .
بلا نزاع فإن كان سهوا ثم ذكر قريبا : أتمها وسجد بلا خلاف أعلمه ولو خرج من المسجد نص عليه في رواية ابن منصور وهذا إن لم يكن شرع في صلاة أخرى أو تكلم على ما يأتي ذلك مفصلا .
وشرط المصنف في المغني و الكافي و الشارح و ابن تميم وغيرهم أيضا : عدم الحدث فإن أحدث بطلت ولو كان الفصل يسيرا قال الزركشي : والذي ينبغي أن يكون حكم الحدث هنا حكم الحدث في الصلاة هل يبنى معه أو يستأنف أو يفرق بين حدث البول والغائط وغيرهما ؟ على الخلاف .
تنبيه : كلامه كالصريح أنها لا تبطل وهو صحيح إن كان سلامه ظنا أن صلاته قد انقضت أما لو كان السلام من العشاء يظنها التراويح أو من الظهر يظنها الجمعة أو الفجر فإنه تبطل ولا تناقض عليه لاشتراط دوام النية ذكرا أو حكما وقد زالت باعتقاد صلاة أخرى قاله الزركشي وغيره .
قلت : يتوجه عدم البطلان .
قوله فإن طال الفصل بطلت .
هذا المذهب جزم به في المغني و الشرح و ابن تميم و الزركشي وغيرهم .
فائدة : لو لم يطل الفصل ولكن شرع في صلاة أخرى فالصحيح من المذهب : أنه يعود إلى الأولى بعد قطع ما شرع فيها وهو ظاهر كلام المصنف هنا : و الخرقي وغيرهما قال الزركشي : هذا المشهور وقدمه في المغني و المجد في شرحه و الشرح و ابن تميم و الزركشي وغيرهم .
وقال في المبهج : يجعل ما يشرع فيه من الصلاة الثانية تماما للصلاة الأولى فيبنى إحداهما على الأخرى ويصير وجود السلام كعدمه لأنه سهو معذور فيه وسواء كان ما شرع فيه فرضا أو نفلا ورده المصنف و الشارح وغيرهما .
وعنه تبطل الأولى إن كان ما شرع فيه نفلا وإلا فلا .
وعنه تبطل الأولى مطلقا نقله أبو الحارث ومهنا وهو الذي في الكافي ويأتي ذلك فيما إذا ترك ركنا ولم يذكره غلا بعد سلامه .
قوله أو تكلم لغير مصلحة الصلاة بطلت .
يعني إذا ظن أن صلاته قد تمت وتكلم عمدا لغير مصلحة الصلاة كقوله : يا غلام اسقني ماء ونحوه فالصحيح من المذهب : بطلان الصلاة نص عليه وعليه الأصحاب وعنه لا تبطل والحالة هذه وأطلقهما جماعة .
قوله وإن تكلم لمصلحتها ففيه ثلاث روايات إحداهن لا تبطل .
نص عليها في رواية جماعة من أصحابه واختارها المصنف و الشارح لقصة ذي اليدين وهي ظاهر كلام الخرقي وجزم به في الإفادات وقدمه ابن تميم و ابن مفلح في حواشيه .
وأجاب القاضي وغيره عن القصة : بأنها كانت حالة إباحة الكلام وضعفه المجد وغيره لأن الكلام حرم قبل الهجرة عند ابن حبان وغيره أو بعدها بيسير عند الخطابي وغيره .
فعلى هذه الرواية : لو أمكنه إصلاح الصلاة بإشارة ونحوها فتكلم فقال في المذهب وغيره : تبطل .
والرواية الثانية تبطل .
وهي المذهب وعليه أكثر الأصحاب قاله المجد وغيره منهم أبو بكر الخلال و أبو بكر عبد العزيز و القاضي و أبو الحسين .
قال المجد : هي أظهر الروايات وصححه الناظم وجزم به في الإيضاح وقدمه في الفروع و المحرر و الفائق .
والثالثة : تبطل صلاة المأموم دون الإمام اختارها الخرقي .
فعلى هذه : المنفرد كالمأموم قاله في الرعاية وهو ظاهر كلامه في المحرر وغيره وعنه راية رابعة : لا تبطل إذا تكلم لمصلحتها سهوا اختاره المجد في شرحه وفي المحرر وصاحب مجمع البحرين و الفائق ونصره ابن الجوزي