باب أركان النكاح وشروطه .
قوله ولا ينعقد الإيجاب إلا بلفظ ( النكاح ) و ( التزويج ) .
والقبول أن يقول : قبلت هذا النكاح أو هذا الترويج .
ومن ألفاظ صيغ القبول ( تزويجها ) .
قال في الفروع ( أو رضيت هذا النكاح ) .
اعلم أن الصحيح من المذهب : أن النكاح لا ينعقد إلا بالإيجاب والقبول بهذه الألفاظ لا غير وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم : صاحب الرعايتين و الحاوي الصغير و الوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره .
وقيل : يصح وينعقد بالكناية أيضا .
وخرجه ابن عقيل في عمد الأدلة من جعله عتق الأمة صداقها .
وخرجه بعضهم من قول الخاطب والولى ( نعم ) فإنه لم يقع من المتخاطبين لفظ صريح .
وقال الشيخ تقي الدين C : ينعقد بما عده الناس نكاحا بأى لغة ولفظ وفعل كان قال : ومثله كل عقد .
وقال : الشرط بين الناس ما عدوه شرطا فالأسماء : تعرف حدودها تارة بالشرع وتارة بالغة وتارة بالعرف وكذلك العقود انتهى نقله صاحب الفروع .
وقال ابن خطيب السلامية في نكته على المحرر : قال الشيخ تقي الدين C - ومن خطه نقلت - الذى عليه أكثر العلماء : أن النكاح ينعقد بغير لفظ ( الإنكاح ) و ( التزويج ) قال : وهو المنصوص عن الإمام أحمد C وقياس مذهبه وعليه قدماء أصحابه فإن الإمام أحمد C نص فى غير موضع على أنه ينعقد بقوله ( جعلت عتقك صداقك ) وليس فى هذا اللفظ ( إنكاح ) و ( لا تزويج ) ولم ينقل عن الإمام أحمد C أنه خصه بهذين اللفظين وأول من قال من أصحاب الإمام أحمد C - فيما علمت - أنه يختص بلفظ ( الإنكاح ) و ( التزويج ) ابن حامد وتبعه على ذلك القاضى ومن جاء بعده لسبب انتشار كتبه وكثرة أصحابه وأتباعه انتهى .
وقال في الفائق وقال شيخنا : قياس المذهب صحته بما تعارفاه نكاحا من هبة وتمليك ونحوهما أخذا من قول الإمام أحمد C ( أعتقتك وجعلت عتقك صداقك ) .
قال في الفائق : وهو المختار .
ثم قال : قلت ليس في كلام الإمام أحمد تخصيص ما ذكره الأصحاب إلا قوله إذا وهبت نفسها فليس بنكاح .
ثم قال : والأظهر أن في صحته بلفظ ( الهبة ) ونحوها روايتين أخذا من قول ابن عقيل - في الفصول في الخصائص من كتاب النكاح - واختلفت الرواية عن الإمام أحمد C : هل النكاح بلفظ الهبة من خصائصه - A - أم لا ؟ انتهى كلام صاحب الفائق .
وسئل الشيخ تقى الدين C عن رجل لم يقدر أن يقول إلا ( قبلت تجويزها ) بتقديم الجيم ؟ فأجاب بالصحة بدليل قوله ( جوزتي طالق ) فإنها تطلق انتهى .
قلت : يكتفى منه بقوله ( قبلت ) على ما يأتى ويكون هذا قول الأصحاب .
وهو المذهب .
فائدة : لو قال الولى للزوج ( زوجتك فلانة ) بفتح التاء : هل ينعقد النكاح ؟ توقفت فيها ناصح الإسلام ابن أبي الفهم .
وبعض الأصحاب فرق بين العارف باللغة والجاهل كقوله ( أنت طالق إن دخلت الدار ) بفتح الهمزة وكسرها منهم الشيخ يحيى الدين يوسف بن الجوزى وأفتى المصنف بصحته مطلقا .
وقال في الرعاية : يصح جهلا أو عجزا وإلا احتمل وجهين .
وقال في الفروع في أوائل ( باب صريح الطلاق وكنايته ) يتوجه أن هذه المسألة كمثل مالو قال لامرأته ( كلما قلت لى شيئا ولم أقل لك مثله فأنت طالق ثلاثا ) على ما يأتى في أوائل باب صريح الطلاق وكنايته .
ويأتى هناك لو قال لها ( أنت طالق ) بفتح التاء .
وهذه حادثة وقعت بحران زمن ابن الصيرفي فسأل عنها العلماء ذكرها في النوادر .
تنبيه : ظاهر كلام المصنف وغيره : أن النكاح ينعقد إذا وجد الإيجاب والقبول سواء وقع من هازل أو ملجأ أو غيرهما وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب .
فائدة : لا يصح تعليق النكاح على شرط مستقبل قاله الأصحاب على ما يأتى في كلام المصنف في باب الشروط في النكاح فيما إذا علق ابتدأ النكاح على شرط .
قال ابن رجب : إنما قال الأصحاب ذلك ليخرجوا الشروط الحاضرة والماضية مثل قوله زوجتك هذا المولود إن كان أنثى أو زوجتك ابنتى إن كانت عدتها قد انقضت أو إن كنت وليها وهما يعلمان ذلك فإنه يصح وكذلك تعليقه بمشيئة الله تعالى فإنه يصح .
قال ابن شاقلا : لا نعلم فيه خلافا لأنه شرط موجود إذا الله شاءه حيث استجمعت أركانه وشروطه .
وكذلك لو قال ( زوجتك ابنتة إن شئت ) فقال ( قد شئت وقبلت ) فإنه يصح لأنه شرط موجب العقد ومقتضاه لأن الإيجاب إذا صدر كان القبول إلى مشيئة القابل مقارنة للقبول ولا يتم العقد بدونه انتهى