المرجع في شؤون الوقف : شرط الواقف في قسمه .
قوله ويرجع إلى شرط الواقف في قسمه على الموقوف عليه وفي التقديم والتأخير والجمع والترتيب والتسوية والتفضيل وإخراج من شاء بصفة وإدخاله بصفة وفي الناظر فيه والإنفاق عليه وسائر أحواله .
وكذا لو شرط عدم إيجاره أو قدر مدة قاله الأصحاب .
وقال الحارثي : وعن بعضهم : جواز زيادة مدة الإجارة على ما شرطه الناظر بحسب المصلحة .
قال : وهو يحتاج عندي إلى شئ من تفصيل .
فقوله يرجع في قسمه أي في تقدير الاستحقاق .
و التقديم البداءة ببعض أهل الوقف دون بعض كوقف على زيد وعمرو وبكر ويبدأ بالدفع إلى زيد أو وقفت على طائفة كذا ويبدأ بالأصلح أو الأفقه .
و التأخير عكس ذلك وإذا أضيف تقدير الاستحقاق : كان للمؤخر ما فضل وإن لم يفضل شئ سقط .
و والجمع جمع الاستحقاق مشتركا في حالة واحدة .
و الترتيب جعل استحقاق بطن مرتبا على آخر كما تقدم .
و الترتيب مع التقديم والتأخير متحد معنى لكن المراد في صورة التقديم بقاء أصل الاستحقاق للمؤخر على صفة أن له ما فضل وإلا سقط وفي صورة الترتيب عدم استحقاق المؤخر مع وجود المقدم .
و التسوية جعل الريع بين أهل الوقف متساويا .
و التفضيل جعله متفاوتا .
ومعنى الإخراج بصفة و الإدخال بصفة جعل الاستحقاق والحرمان مرتبا على وصف مشترك .
فترتب الاستحقاق : كالوقف على قوم بشرط كونهم فقراء أو صلحاء .
وترتب الحرمان أن يقول : ومن فسق منهم أو استغنى فلا شئ له .
تنبيه : ظاهر كلام المصنف وغيره : أن الشرط المباح الذي لا يظهر قصد القربة منه : يجب اعتباره في كلام الواقف .
قال الحارثي : وهو ظاهر كلام الأصحاب والمعروف في المذهب : الوجوب .
قال : وهو الصحيح .
وقال في الفائق وقال شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين C يخرج من شرط كونه قربة : اشترط القربة في الأصل يلزم الشروط المباحة انتهى .
وقال في الفروع : واختار شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين لزوم العمل بشرط مستحب خاصة .
وذكره صاحب المذهب لأنه لا ينفعه ويعذر عليه فبذل المال فيه سفه ولا يجوز انتهى .
قال الحارثي : ومن متأخري الأصحاب من قال : لا يصح اشتراطه يعني المباح في ظاهر المذهب وعلله قال : وهذا له قوة على القول باعتبار القربة في أصل الجهة كما هو ظاهر المذهب .
وإياه أراد بقوله في ظاهر المذهب فيما أرى .
ويؤيده من نص الإمام أحمد وذكر النص في الوصية انتهى .
والظاهر : انه أراد بقوله من متأخري الأصحاب الشيخ تقي الدين C وكان في زمنه .
وفي كلام صاحب الفروع إيماء إلى ذلك .
وقال الشيخ تقي الدين أيضا : من قدر له الواقف شيئا فله أكثر منه إن استحقه بموجب الشرع .
وقال أيضا الشرط المكروه باطل اتفاقا .
فائدة : لو خصص المدرسة بأهل مذهب أو بلد أو قبيلة : تخصصت وكذلك الرباط والخانقاة والمقبرة وهذا المذهب جزم به في التلخيص وغيره وصححه الحارثي وغيره .
قال الحارثي : وذكر بعض شيوخنا في كتابه احتمالا بعدم الاختصاص .
وأما المسجد : فإن عين لإمامته شخصا : تعين وإن خصص الإمامة بمذهب : تخصصت به ما لم يكن في شئ من أحكام الصلاة مخالفا لصريح السنة أو ظاهرها لاختلاف المذاهب في أحكام الصلاة .
قال الحارثي : وقال غير صاحب التلخيص من متأخري الأصحاب : يحتمل وجهين وقوى الحارثي عدم الاختصاص .
قلت : وهو الصواب .
قال في الفائق قلت : واختار ابن هبيرة عدم الاختصاص في المسجد بمذهب في الإمام .
قال في الفروع وقيل : لا تتعين طائفة وقف عليها مسجد أو مقبرة كالصلاة فيه .
وقال أبو الخطاب : يحتمل إن عين من يصلي فيه من أهل الحدث أو تدريس العلم : اختص وإن سلم فلأنه لا يقع التزاحم بإشاعته ولو وقع : فهو أفضل لأن الجماعة تراد له .
وقيل : تمنع التسوية بين فقهاء كمسابقة .
وقال الشيخ تقي الدين C : قول الفقهاء نصوص الواقف كنصوص الشارع يعني في الفهم والدلالة لا في وجوب العمل مع أن التحقيق : أن لفظه ولفظ الموصى والحالف والناذر وكل عاقد : يحمل على عادته في خطابه ولغته التي يتكلم بها وافقت لغة العرب أو لغة الشارع أو لا .
قال : والشرط إنما يلزم الوفاء بها إذا لم تفض إلى الإخلال بالمقصود الشرعي ولا تجوز المحافظة على بعضها مع فوات المقصود بها .
قال : ومن شرط في القربات : أن يقدم فيها الصنف المفضول : فقد شرط خلاف شرط الله كشرطه في الإمامة تقديم غير الأعلم والناظر منفذ لما شرطه الواقف انتهى .
وإن شرط أن لا ينزل فاسق ولا شرير ولا متجوه ونحوه : عمل به وإلا توجه أن لا يعتبر في فقهاء ونحوهم .
وفي إمام ومؤذن الخلاف .
قال في الفروع : وهو ظاهر كلامهم وكلام شيخنا في موضع .
وقال الشيخ تقي الدين أيضا : لا يجوز أن ينزل فاسق في جهة دينية كمدرسة وغيرها مطلقا لأنه يجب الإنكار عليه وعقوبته فكيف ينزل ؟ .
وقال أيضا : إن نزل مستحق تنزيلا شرعيا : لم يجز صرفه بلا موجب شرعي انتهى .
فائدة : قال الشيخ تقي الدين C : لو حكم حاكم بمحضر كوقف فيه شروط ثم ظهر كتاب الوقف غير ثابت : وجب ثبوته والعمل به إن أمكن وقال أيضا : لو أقر الموقوف عليه : أنه لا يستحق في هذا الوقف إلا مقدارا معلوما ثم ظهر شرط الواقف بأنه يستحق أكثر : حكم له بمقتضى شرط الواقف ولا يمنع من ذلك الإقرار المتقدم انتهى .
تنبيه : ظاهر قوله وإخراج من شاء بصفة وإدخاله بصفة .
أن الواقف لو شرط للناظر إخراج من شاء بصفة من أهل الوقف وإدخال غيره بصفة منهم : جاز لأنه ليس بإخراج للموقوف عليه من الوقف وإنما هو تعليق الاستحقاق بصفة فكأنه جعل له حقا في الوقف إذا اتصف بإرادة الناظر ليعطيه ولم يجعل له حقا إذا انتفت تلك الصفة فيه .
وإن شرط له أن يخرج من شاء من أهل الوقف ويدخل من شاء من غيرهم : لم يصح لأنه شرط ينافي مقتضى الوقف فأفسده كما لو شرط أن لا ينتفع به .
قال ذلك المصنف ومن تابعه وقدمه في الفروع .
وقال الحارثي : فرق المصنف بين المسألتين قال : والفرق لا يتجه .
وقال الشيخ تقي الدين C : كل متصرف بولاية إذا قيل له يفعل ما يشاء فإنما هو لمصلحة شرعية حتى لو صرح الواقف بفعل ما يهواه وما يراه مطلقا : فشرط باطل لمخالفته الشرع وغايته : أن يكون شرطا مباحا وهو باطل على الصحيح المشهور حتى تساوي فعلان عمل بالقرعة .
وإذا قيل هنا بالتخيير : فله وجه