إن وقف على ثلاثة ثم على المساكين فمن مات منهم رجع نصيبه على الآخرين .
قوله وإن وقف على ثلاثة ثم على المساكين فمن مات منهم رجع نصيبه على الآخرين وكذا لو ورد وهذا المذهب وعليه الأصحاب .
وذكر الحارثي في شرحه وجهين آخرين .
أحدهما : الصرف مدة بقاء الآخرين مصرف الوقف المنقطع لسكوته عن المصرف في هذه الحالة .
والوجه الثاني : الانتقال إلى المساكين لاقتضاء اللفظ له فإن مقتضاه : الصرف إلى المساكين بعد انقراض من عين فصرف نصيب كل منهم عند انقراضه إلى المساكين : داخل تحت دلالة اللفظ ورجحه على الذي قبله .
فوائد .
إحداها : لو وقف على ثلاثة ؟ ولم يذكر له مآلا فمن مات منهم فحكم نصيبه حكم المنقطع كما لو ماتوا جميعا قاله الحارثي .
وقال : على ما في الكتاب يصرف إلى من بقى .
وقطع به في القاعدة الخامسة عشر بعد المائة وكذا الحكم لو رد بعضهم قاله فيها أيضا .
الثانية : لو وقف على أولاده ثم على أولادهم ثم على الفقراء فالصحيح من المذهب : أن هذا ترتيب جملة على مثلها لا يستحق البطن الثاني شيئا قبل انقراض الأول قدمه في الفروع و الفائق .
وقال في القاعدة الثالثة عشر بعد المائة : هذا المعروف عند الأصحاب وهو الذي ذكره القاضي وأصحابة ومن اتبعهم فيكون من باب توزيع الجملة .
وقيل : ترتيب أفراد فيستحق الولد نصيب أبيه بعده فهو من ترتيب الأفراد بين كل شخص وأبيه اختاره الشيخ تقي الدين C وصاحب الفائق قال في الانتصار عند شهادة الواحد بالهلال : إذا قوبل جمع بجمع : اقتضى مقابلة الفرد منه بالفرد لغة .
قال الشيخ تقي الدين C : فعلى هذا : الأظهر استحقاق الولد وإن لم يستحق أبوه .
وقال : الأظهر أيضا فيمن وقف على ولديه نصفين ثم على أولادهما وأولاد أولادهما وعقبهما بعدهما بطنا بعد بطن : أنها ينتقل نصيب كل واحد إلى ولده ثم ولد ولده .
وقال : من ظن أن الوقف كالإرث فإن لم يكن أبوه أخذ شيئا لم يأخذ هو : فلم يقله أحد من الأئمة ولم يدر ما يقول .
ولهذا : لو انتفت الشروط في الطبقة الأولى أو بعضهم : لم تحرم الثانية مع وجود الشروط فيهم إجماعا ولا فرق انتهى .
قال في الفروع : وقول الواقف من مات فنصيبه لولده يعم ما استحقه وما يستحقه مع صفة الاستحقاق استحقه أو لا تكثيرا للفائدة ولصدق الإضافة بأدنى ملابسة ولأنه لم يرث هو وأبوه من الجد ولأن في صورة الإجماع ينتقل مع وجود المانع إلى ولده لكن هنا : هل يعتبر موت الوالد ؟ يتوجه الخلاف .
مع وجود المانع إلى ولده لكن هنا : هل يعتبر موت الوالد ؟ يتوجه الخلاف .
وإن لم يتناول إلا ما استحقه فمفهوم خرج مخرج الغالب وقد تناوله الوقف على أولاده ثم أولادهم .
قال في الفروع : فعلى قول شيخنا : إن قال بطنا بعد بطن ونحوه : فترتيب جملة مع انه محتمل .
فإن زاد الواقف على انه توفى أحد من أولاد الموقوف عليه ابتداء في حياة والده وله ولد ثم مات الأب عن أولاد لصلبه وعن ولد ولده الذي مات أبوه قبل استحقاقه فله معهم ما لأبيه لو كان حيا فهو صريح في ترتيب الأفراد .
وقال الشيخ تقي الدين C أيضا فيما إذا قال بطنا بعد بطن ولم يزد شيئا هذه المسألة فيها نزاع والأظهر : أن نصيب كل واحد ينتقل إلى ولده ثم إلى ولد ولده ولا مشاركة انتهى .
الثالثة : لو كان له ثلاث بنين فقال وقفت على ولدي فلان وفلان وعلى ولد ولدي كان الوقف على المسمين وأولادهما الثالث ولا شيء للثالث .
ذكره المصنف مختارا له وقدمه في الفروع و المغني و الشرح ونصراه .
وهو ظاهر ما قدمه في الفائق وقواه شيخنا في حواشيه وصححه الحارثي .
وقال القاضي و ابن عقيل : يدخل الابن الثالث .
ونقله حرب وقدمه الحارثي فقال : فالمنصوص دخول الجميع .
وقال في القاعدة الثانية والعشرين بعد المائة : ويتخرج وجه بالاختصاص بولد من وقف عليهم اعتبارا بآبائهم .
وكذا الحكم والخلاف والمذهب لو قال وقفت على ولدي فلان وفلان ثم على الفقراء هل يشمل ولد ولده أم لا ؟ .
وقيل : يشمله هنا ذكره المصنف احتمالا من عنده .
الرابعة : لو وقف على فلان فإذا انقرض أولاده فعلى المساكين : كان بعد موت فلان لأولاده ثم من بعدهم للمساكين اختاره القاضي و ابن عقيل وقدمه في الكافي .
وقيل : يصرف بعد موت فلان مصرف المنقطع حتى ينقرض أولاده ثم يصرف على المساكين .
الخامسة : لو وقف على أولاده وأولاد أولاده : اشتركوا حالا ولو قال فيه على أن من توفي عن غير ولد فنصيبه لذوي طبقته كان للإشتراك أيضا في أحد الوجهين .
قلت : وهو أولى .
قال في القواعد : وقد زعم المجد : أن كلام القاضي في المجرد يدل على أنه يكون مشتركا بين الأولاد وأولادهم ثم يضاف إلى كل ولد نصيب والده بعد موته .
قال : وليس في كلام القاضي ما يدل على ذلك لمن راجعه وتأمله .
والوجه الثاني : يكون للترتيب بين كل ولد وأبيه .
قال في القاعدة الثالثة عشر بعد المائة : وهو ظاهر كلام الإمام أحمد C .
وذكره وأطلقهما في الفائق .
ولو رتب بقوله الأعلى فالأعلى أو الأقرب فالأقرب أو البطن الأول ثم الثاني فهذا ترتيب جملة على مثلها لا يستحق البطن الثاني شيئا قبل انقراض الأول قاله في المغني و الشرح و الحارثي و الفائق وغيرهم .
قال في التلخيص : وكذا قوله قرنا بعد قرن .
ولو قال بعد الترتيب بين أولاده ثم على أنسالهم وأعقابهم فهل يستحقه أهل العقب مرتبا أو مشتركا ؟ فيه وجهان وأطلقهما في الفائق .
قلت : الصواب الترتيب .
ولو رتب بين أولاده وأولادهم بـ ثم ثم قال ومن توفى عن ولد فنصيبه لولده استحق كل ولد بعد أبيه نصيبه .
ولو قال على أولادي ثم على أولاد أولادي على من توفى منهم عن غير ولد فنصيبه لأهل درجته استحق كل ولد نصيب أبيه كالتي قبلها .
قال في الفائق : ذكره الشيخ تقي الدين C وغيره انتهى .
وهما ينزعان إلى أصل المسألة المتقدمة .
وقد تقدم كلام الشيخ تقي الدين فيها .
قلت : هذه المسألة أولى بالصحة .
وقد وافق الشيخ تقي الدين C على ذلك كثير من العلماء من أرباب المذهب وجعلوه من تخصيص العموم بالمفهوم وهو أظهر .
وصنف الشيخ تقي الدين في ذلك مصنفا حافلا خمس كراريس .
ولو قال ومن مات عن ولد فنصيبه لولده فالصحيح من المذهب : أنه يشمل النصيب الأصلي والعائد مثل أن يكون ثلاث إخوة فيموت أحدهم عن ولد ويموت الثاني عن غير ولد فنصيبه لأخيه الثالث .
فإذا مات الثالث عن ولد : استحق جميع ما كان في يد أبيه من الأصلي والعائد إليه من أخيه وقدمه في الفروع .
وقال الشيخ تقي الدين C : يشمل النصيب الأصلي ويشترك ولد الميت الأول وولد الميت الثالث في النصيب العائد إلى أخيه لأن والديهما لو كانا حيين لاشتركا في العائد فكذا ولدهما .
قلت : وهو الصواب .
ولو قال ومن توفى عن ولد فنصيبه لأهل درجته وكان الوقف مرتبا بالبطون كان نصيب الميت عن غير ولد : لأهل البطن الذي هو منه ولو كان مشتركا بين أهل البطون : عاد إلى جميع أهل الوقف في أحد الوجهين قلت : وهو الصواب فوجود هذا الشرط كعدمه .
والوجه الثاني : يختص البطن الذي هو منه فيستوي فيه إخوته وبنو عمه وبنو بني عم أبيه لأنهم في القرب سواء قدمه في النظم .
وأطلقهما في المغني و الشرح و الفائق و الفروع و الحاوي الصغير .
فإن لم يوجد في درجته أحد : فالحكم كما لو لم يذكر الشرط قاله في المغني و الشرح و الفروع وغيرهم .
ولو كان الوقف على البطن الأول على أن من مات عن ولد فنصيبه لولده وإن مات عن غير ولد : انتقل نصيبه إلى من في درجته فمات أحدهم عن غير ولد فقيل : يعود نصيبه إلى أهل الوقف كلهم وإن كانوا بطونا وحكم به التقي سليمان وهو الصواب .
وقيل : يختص أهل بطنه سواء كانوا من أهل الوقف حالا أو قوة مثل أن يكون البطن الأول ثلاثة فمات أحدهم عن ابن ثم مات الثاني عن ابنين فمات أحد الابنين وترك أخاه وابن عمه وعمه وابنا لعمه الحي فيكون نصيبه بين أخيه وابن عمه الميت وابن عمه الحي ولا يستحق العم شيئا .
وقيل : يختص أهل بطنه في أهل الوقف المتناولين له في الحال .
فعلى هذا : يكون لأخيه وابن عمه الذي مات أبوه ولا شئ لعمه الحي ولا لولده .
وأطلقهن في المغني و الشرح و الفروع و الفائق و الحاوي الصغير .
وقال الشيخ تقي الدين C : ذوو طبقته : إخوته وبنو عمه ونحوهم .
ومن هو أعلى منه : عمومته ونحوهم ومن هو أسفل منه : ولده وولد إخوته وطبقتهم .
ولا يستحق من في درجته من غير أهل الوقف بحال كمن له أربع بنين .
وقف على ثلاثة وترك الرابع فمات أحد الثلاثة من غير ولد : لم يكن للرابع فيه شئ لأنه ليس من أهل الاستحقاق قاله الأصحاب .
وإذا شرطه لمن في درجة المتوفي عند عدم ولده : استحقه أهل الدرجة حالة وفاته وكذا من سيوجد منهم في أصح الاحتمالين .
قال في الفائق : هذا أقوى الاحتمالين .
قال : ورأيت المشاركة بخط الشيخ تقي الدين يعني : الشارح و النووي قال ابن رجب في قواعده : يخرج فيه وجهان قال : والدخول هنا أولى وبه أفتى الشيخ شمس الدين .
قال : وعلى هذا لو حدث من هو اعلى من الموجودين وكان في الوقف استحقاق الأعلى فالأعلى : فإنه ينتزعه منهم قاله في القاعدة السابعة بعد المائة .
السادسة : لو قال على أولادي ثم أولادهم الذكور والإناث ثم أولادهم الذكور من ولد الظهر فقط ثم نسلهم وعقبهم ثم الفقراء على أن من مات منهم وترك ولدا وإن سفل : فنصيبه له فمات أحد الطبقة الأولة وترك بنتا فماتت ولها أولاد .
فقال الشيخ تقي الدين C : ما استحقه قبل موتها : فهو لهم .
قال في الفروع ويتوجه : لا انتهى .
ولو قال ومن مات من غير ولد وإن سفل : فنصيبه لإخوته ثم نسلهم وعقبهم عم من لم يعقب ومن أعقب ثم انقطع عقبه لأنه لا يقصد غيره واللفظ يحتمله فوجب الحمل عليه قطعا قاله الشيخ تقي الدين C .
قال في الفروع : ويتوجه نفوذ حكمه بخلافه .
السابعة : لو اجتمع صفتان أو صفات في شخص واحد فهو كاجتماع شخصين أو أشخاص على المشهور من المذهب فيتعدد الاستحقاق بها كالأعيان قاله في القاعدة التاسعة عشر بعد المائة .
وله نظائر في الوصايا والفرائض والزكاة فكذلك الوقف .
وأفتى به العلامة ابن رجب أيضا ورد قول المخالف في ذلك .
وقيل : لا يتعدد الاستحقاق بذلك .
ويأتي قريبا من ذلك في الفائدة السادسة من الفوائد الآتية قريبا .
الثامنة : إذا تعقب في المغني وجهين في قوله أنت حرام ووالله لا أكلمك إن شاء الله تعالى انتهى .
والاستثناء كالشرط على الصحيح من المذهب نص عليه .
وقيل : لا وقيل : والجمل من جنس كالشرط .
وكذا مخصص : من صفة وعطف بيان وتوكيد وبدل ونحوه والجار والمجرور نحو على أنه أو بشرط أنه ونحو ذلك كالشرط لتعلقه بفعل لا باسم .
قال الشيخ تقي الدين C : وعموم كلامهم : لا فرق بين العطف بواو وفاء ثم وذلك لما تقدم ذكر ذلك ابن عقيل وغيره .
التاسعة : لو وجد في كتاب وقف أن رجلا وقف على فلان وعلى بني بنيه واشتبه : هل المراد ببني بنيه جمع ابن أو بني بنته واحدة البنات ؟ .
فقال ابن عقيل في الفنون : يكون بينهما عندنا لتساويهما كما في تعارض البينات .
قال الشيخ تقي الدين C : ليس هذا من تعارض البينتين بل هو بمنزلة تردد البينة الواحدة ولو كان من تعارض البينتين فالقسمة عند التعارض رواية مرجوحة وإلا فالصحيح : إما التساقط وإما القرعة فيحتمل أن يقرع هنا ويحتمل أن يرجح بنو البنين لأن العادة أن الإنسان إذا وقف على ولد بنتيه لا يخص منهما الذكور بل يعم أولادهما بخلاف الوقف على ولد الذكور فإنه يخص ذكورهم كثيرا كآبأئهم ولأنه لو أراد ولد البنت لسماها باسمها أو لشرك بين ولدها وولد سائر بناته .
قال : وهذا أقرب إلى الصواب .
وأفتى أيضا C فيمن وقف على أحد أولاده وله عدة أولاد وجهل اسمه : أنه يميز بالقرعة