وكان كما لو وقف على من لا يجوز ثم على من يجوز .
قوله وكان كما لو وقف على من لا يجوز ثم على من يجوز .
هذا الوقف المنقطع الابتداء وهو صحيح على الصحيح من المذهب .
وعليه الأصحاب .
قال الحارثي : جزم به أكثر الأصحاب .
وبناه في المغني ومن تابعه على تفريق الصفقة فأجرى وجها بالبطلان .
قال : وفيه بعد .
فعلى المذهب : يصرف في الحال إلى من بعده كما قال المصنف وهذا الصحيح من المذهب .
قال الحارثي : وهو الأقوى .
وقدمه في المحرر و الفروع و الفائق و الرعايتين و الحاوي الصغير .
وفيه وجه آخر : أنه إن كان من لا يجوز الوقف عليه يعرف انقراضه كرجل معين صرف إلى مصرف الوقف المنقطع يعني المنقطع الانتهاء على ما يأتي .
صرح به الحارثي إلى أن ينقرض ثم يصرف إلى من بعده .
واختاره ابن عقيل و القاضي وقال : هو قياس المذهب .
وقيل : يصرف إلى أقارب الواقف قاله في الفائق .
قوله وإن وقف على جهة تنقطع ولم يذكر له مآلا أو على من يجوز ثم على من لا يجوز انصرف بعد انقراض من يجوز الوقف عليه إلى ورثة الواقف وقفا عليهم في إحدى الروايتين وهو المذهب قال في الكافي : هذا ظاهر المذهب .
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع و الرعايتين و الحاوي الصغير .
فعليها : يقسم على قدر إرثهم جزم به في الفروع وغيره .
قال الحارثي : قاله الأصحاب .
قال القاضي : فللبنت مع الابن الثلث وله الباقي وللأخ من الأم مع الأخ للأب السدس وله ما بقي .
وإن كان جد وأخ : قاسمه وإن كان أخ وعم : انفرد به الأخ وإن كان عم وابن عم : انفرد به العم .
وقال الحارثي : وهذا تخصيص بمن يرث من الأقارب في حال دون حال .
وتفضيل لبعض على بعض .
وهو لو وقف على أقاربه لما قالوا فيه بهذا التخصيص والتفضيل .
وكذا لو وقف على أولاده أو أولاد زيد لا يفضل فيه الذكر على الأنثى .
وقد قالوا هنا : إنما ينتقل إلى الأقارب وقفا انتهى .
فظاهر كلامه : إنه مال إلى عدم المفاضلة وما هو ببعيد .
قال في الفائق : وعنه : في أقاربه ذكرهم وأنثاهم بالسوية ويختص به الوارث انتهى .
والرواية الأخرى : يصرف إلى أقرب عصبته .
قال في الفروع : وعنه تصرف إلى عصبته ولم يذكر أقرب وأطلقهما ابن منجا في شرحه .
فعليهما : يكون وقفا على الصحيح من المذهب نص عليه .
وقطع به القاضي و أبو الخطاب و المجد وغيرهم .
وقدمه في النظم و الفروع و الزركشي و الفائق وغيرهم .
وهو ظاهر كلام المصنف هنا .
قال في المغني : نص عليه .
قال الحارثي : وإنما حذف ذكر الوقف في الرواية الثانية اختصارا واكتفاء بذكره المتقدم في رواية العود إلى الورثة انتهى .
وقال ابن منجا في شرحه : مفهوم قوله في الورثة يكون وقفا عليهم على أنه إذا انصرف إلى أقرب العصبة : لا يكون وقفا .
ورده الحارثي فقال : من الناس من حمل رواية العود إلى أقرب العصبة في كلام المصنف على العود ملكا .
قال : لأنه قيد رواية العود إلى الورثة بالوقف وأطلق هنا وأثبت بذلك وجها .
قال : وليس كذلك فإن العود إلى الأقرب ملكا إنما يكون بسبب الإرث ومعلوم أن الإرث لا يختص بأقرب العصبة .
وأيضا : فقد حكى خلافا في اختصاص العود بالفقراء بهم ولو كان إرثا لما اختص بالفقراء مع أن المصنف صرح بالوقف في ذلك في كتابه وكذلك الذين نقل من كتبهم كالقاضي و أبي الخطاب انتهى .
وعنه : يكون ملكا .
قال في الفائق : وقيل يكون ملكا اختاره الخرقي .
قال في المغني : ويحتمله كلام الخرقي .
قال في الفائق : وقال ابن أبي موسى : إن رجع إلى الورثة كان ملكا بخلاف العصبة .
قال الشيخ تقي الدين C : وهذا أصح وأشبه بكلام الإمام أحمد C .
وعلى الروايتين أيضا هل يختص به فقراؤهم ؟ على وجهين .
وأطلقهما في الهداية و المذهب و المستوعب و الرعاية الكبرى وغيرهم .
أحدهما : عدم الاختصاص وهو المذهب .
قال الحارثي : هذا الأصح في المذهب .
قال الناظم : هذا الأقوى وجزم به في المحرر وغيره .
قال الزركشي : هو ظاهر كلام الإمام أحمد C و الخرقي .
وقدمه في الخلاصة و الفروع و الفائق و الرعاية الصغرى و الحاوي الصغير .
والوجه الثاني : يختص به فقراؤهم اختاره القاضي في كتاب الروايتين .
فائدة : متى برجوعه إلى أقارب الواقف وكان الواقف حيا ففي رجوعه إليه أو إلى عصبته وذريته روايتان .
حكاهما ابن الزاغوني في الإقناع رواية .
إحداهما : يدخل قطع به ابن عقيل في مفرداته قاله في القاعدة السبعين .
وكذا لو وقف على أولاده وأنسالهم على أن من توفي منهم عن غير ولد : رجع نصيبه إلى أقرب الناس إليه فتوفي أحد أولاد الواقف عن غير ولد والأب الواقف حي فهل يعود نصيبه إليه لكونه أقرب الناس إليه أم لا ؟ تخرج على ما قبلها قاله ابن رجب .
والمسألة ملتفتة إلى دخول المخاطب في خطابه .
تنبيه : لو لم يكن للواقف أقارب : رجع على الفقراء والمساكين على الصحيح جزم به ابن عقيل في التذكرة والمصنف والشارح و صاحب التلخيص وغيرهم وقدمه في الفائق .
وقال ابن أبي موسى : يباع ويجعل ثمنه في المساكين .
وقيل : يصرف إلى بيت المال لمصالح المسلمين نص عليه في رواية ابن إبراهيم و أبي طالب وغيرهما .
وقطع به أبو الخطاب و صاحب المحرر وغيرهما .
وقدمه الزركشي .
وفي أصل المسألة ما قاله القاضي في موضع من كلامه : أنه يكون وقفا على المساكين .
والموضع الذي قاله القاضي فيه : هو في كتابه الجامع الصغير قاله الحارثي وهو رواية ثالثة عن الإمام C .
اختارها جماعة من الأصحاب منهم الشريفان أبو جعفر و الزيدي و القاضي أبو الحسين قاله الحارثي .
واختاره المصنف أيضا وصححه في التصحيح .
قال الناظم : هي أولى الروايات .
قال الحارثي : وهذا لا أعلمه نصا عن الإمام أحمد C .
قال المصنف : إن كان في أقارب الواقف فقراء : فهم أولى به لا على الوجوب وعنه رواية رابعة : يصرف في المصالح جزم به في المنور وقدمه في المحرر و الفائق وقال : نص عليه قال : ونصره القاضي و أبو جعفر .
قال الزركشي : أنص الروايات أن يكون في بيت المال يصرف في مصالحهم فعلى هاتين الروايتين : يكون وقفا أيضا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع .
وعنه يرجه إلى ملك واقفه الحي .
ونقل حرب : أنه قبل لورثة الموقوف عليه .
ونقل المروذي : إن وقف على عبيده لم يستقم قلت : فيعتقهم ؟ قال : جائز فإن ماتوا ولهم أولاد فهو لهم وإلا فللعصبة فإن يكن عصبة بيع وفرق على الفقراء .
فائدة : للوقف صفات .
إحداها : متصل الابتداء والوسط والانتهاء .
الثانية : منقطع الابتداء متصل الانتهاء .
الثالثة : متصل الابتداء منقطع الانتهاء عكس الذي قبله .
الرابعة : متصل الابتداء والانتهاء منقطع الوسط .
الخامسة : عكس الذي قبله منقطع الطرفين صحيح الوسط .
وأمثلتها واضحة وكلها صحيحة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب .
وخرج وجه بالبطلان في الوقف المنقطع من تفريق الصفقة على ما تقدم ورواية بأنه يصرف في المصالح .
قال في الرعاية في منقطع الآخر : صح في الأصح .
السادسة : منقطع الأول والوسط والأخير مثل أن يقف على من لا يصح الوقف عليه ويسكت أو يذكر مالا يصح الوقف عليه أيضا فهذا باطل بلا نزاع بين الأصحاب .
فالصفة الأولى : هي الأصل في كلام المصنف وغيره .
والصفة الثانية : تؤخذ من كلام المصنف حيث قال وكان كما لو وقف على من لا يجوز ثم على من يجوز .
والصفة الثالثة : تؤخذ من كلامه أيضا حيث قال وإن وقف على جهة تنقطع ولم يذكر له مآلا أو على من يجوز ثم على من لا يجوز .
والرابعة والخامسة : لم يذكرهما المصنف لكن الحكم واحد