إن اختلفا في أصل الجعل أو قدره فالقول قول الجاعل .
قوله وإن اختلفا في أصل الجعل أو قدره : فالقول قول الجاعل .
هذا المذهب في قدره وعليه جمهور الأصحاب .
قال القاضي : هذا قياس المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني و الشرح و شرح الحارثي و الفروع وغيرهم .
وقيل : يتحالفان في قدر الجعل قياسا على اختلاف الأجير والمستأجر في قدر الأجرة وهذا احتمال للقاضي وتبعه من بعده على ذلك وهو تخريج في الرعاية .
فعليه : يفسخ العقد وتجب أجرة المثل .
تنبيه : قال الحارثي - في شرحه - في قول المصنف فالقول قول الجاعل تجوز منه فإنه ليس بجاعل فيما إذا اختلفا في أصل الجعالة انتهى .
قلت : إنما حكم بكونه جاعلا في المسألتين في الجملة .
أما في اختلافهم في قد الجعل : فهو جاعل بلا ريب .
وأما في اختلافهم في أصل الجعل : فليس بجاعل بالنسبة لنفسه وهو جاعل بالنسبة إلى زعم غريمه .
فعلى الأول : يكون من باب إطلاف اللفظ المتواطئ إذا أريد به بعض محاله وهو كثير شائع في كلامهم على ما تقدم في كتاب الطهارة .
فائدة : وكذا الحكم لو اختلفا في قدر المسافة .
تنبيه : ظاهر قوله ومن عمل لغيره عملا بغير جعل : فلا شيء له .
ولو كان العمل تخلص متاع غيه من فلاة ولو كان هلاكه فيه محققا أو قريبا منه - كالبحر وفم السبع - وهو قول القاضي في المجرد وله احتمال بذلك في غير المجرد وهو ظاهر كلام جماعة من الأصحاب .
والصحيح من المذهب المنصوص عن الإمام أحمد C : أنه يستحق أجرة مثله في ذلك بخلاف اللقطة وعليه الأصحاب .
وكذلك لو انكسرت السفينة فخلص قوم الأموال من البحر فإنه يجب لهم الأجرة على الملاك ذكره في المغني و الشرح و شرح ابن رزين وغيرهم .
وألحق القاضي و ابن عقيل والمصنف وجماعة بذلك : العبد إذا خلصه من فلاة مهلكة وقدمه في الفروع وغيره .
ذكره في باب إحياء الموات .
وتقدمت الإشارة إلى ذلك هناك .
وحكى القاضي احتمالا في العبد : بعدم الوجوب كاللقطة .
وأورد في المجرد على نص الإمام أحمد C - فيمن خلص من فم السبع شاة أو خروفا أو غيرهما - أنه لمالكه الأول ولا شيء للمخلص .
وقال المجد ي مسودته : وعندي أن كلام الإمام أحمد C على ظاهره في وجوب الأجرة على تخليص المتاع من المهالك دون الآدمي لأن الآدمي أهل في الجملة لحفظ نفسه .
قال في القاعدة الرابعة والثمانين : وفيه نظر فقد يكون صغيرا أو عاجزا وتخليصه أهم وأولى من المتاع وليس في كلام الإمام أحمد تفرقة انتهى .
فائدتان .
إحداهما : لو تلف ما خلصه من هلكة : لم يضمنه منقذه على الصحيح من المذهب .
وقيل : يضمنه حكاه في التلخيص .
قال في القاعدة الثالثة والأربعين : وفيه بعد .
الثانية : متى كان العمل في مال الغير إنقاذا له من التلف المشرف عليه : كان جائزا كذبح الحيوان المأكول إذا خيف موته صرح به في المغني و الشرح وشرح ابن رزين وغيرهم واقتصر عليه في آخر القاعدة الرابعة والسبعين وقال : ويفيد هذا أنه لا يضمن ما نقص بذبحه .
تنبيه : مراد المصنف وغيره : بقولهم ومن عمل لغيره عملا بغير جعل فلا شيء له غير المعد لأخذ الأجرة .
فأما المعد لأخذها : فله الأجرة قطعا كالملاح والمكاري والحجام والقصار والخياط والدلال ونحوهم ممن يرصد نفسه للتكسب بالعمل فإذا عمل استحق أجرة المثل نص عليه .
وتقدم بعض ذلك في باب الإجارة