معنى خلوة المرأة بالماء .
قوله وإن خلت بالطهارة .
اعلم أن في معنى الخلوة روايتين إحداهما وهي المذهب أنها عدم المشاهدة عند استعمالها من حيث الجملة قال الزركشي هي المختارة قال في الفروع وتزول الخلوة بالمشاهدة على الأصح وقدمه في المستوعب والمغنى و الشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفائق .
والرواية الثانية : معنى الخلوة انفرادها بالاستعمال سواء شوهدت ام لا .
اختارها ابن عقيل وقدمها ابن تميم و مجمع البحرين قال في الحاوي الكبير وهي أصح عندي وأطلقها في الفصول و الحاوي الكبير والمذهب .
وتزول الخلوة بمشاركته لها في الاستعمال بلا نزاع قاله في الفروع فعلى المذهب يزول حكم الخلوة بمشاهدة مميز وبكافر وامرأة فهي كخلوة النكاح على الصحيح من المذهب أختاه الشريف أبو جعفر و الشيرازي وجزم به في المستوعب وقدمه في الكافي ونظمه والشرح و النظم وألحق السامري المجنون بالصبي المميز ونحوه قال في الرعاية الكبرى وهو خطأ على ما يأتي .
وقيل : لا تزول الخلوة إلا بمشاهدة مكلف مسلم اختاره القاضي في المجرد وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وأطلقهما في المغنى و الحاوي الكبير وابن تميم وابن عبيدان والزركشي والفائق و الفروع .
وقيل : لا تزول الخلوة إلا بمشاهدة رجل مسلم حر قدمه في الرعاية الكبرى فقال : ولم يرها ذكر مسلم مكلف حر وقيل أو عبد وقيل : أو مميز وقيل : أو مجنون وهو خطأ وقيل : إن شاهد طهارتها منه أنثى أو كافر فوجهان انتهى .
تنبيهات .
الأول : قوله بالطهارة يشمل طهارة الحدث والخبث أما الحدث فواضح وأما خلوتها به لإزالة نجاسة فالصحيح من المذهب : أنه ليس كالحدث فلا تؤثر خلوتها فيه قال ابن حامد فيه وجهان أظهرهما جواز الوضوء به واقتصر عليه في الشرح وقدمه في الفروع وقطع به ابن عبدوس المتقدم وقيل : حكمه حكم الحدث اختاره القاضي قال المجد : وهو الصحيح قال في مجمع البحرين : ولا يختص المنع بطهارة الحدث في الأصح وقدمه في الحاوي الكبير وقال إنه الأصح وأطلقهما في المغنى والنظم والرعايتين وابن تميم وابن عبيدان والفائق والحاوي الصغير وأطلقهما في الشرح في الاستنجاء واقتصر على كلام ابن حامد في غيره .
الثاني : شمل قوله بالطهارة الطهارة الواجبة والمستحبة وهو ظاهر المحرر والوجيز والحاوي الكبير وغيرهم وجزم به في الفصول وقدمه ابن رزين وقيل : لا تأثير لخلوتها في طهارة مستحبة كالتجديد ونحوه وهو الصحيح قدمه في الفروع وأطلقهما في المغنى والشرح وابن تميم والرعايتين والحاوي الصغير وابن عبيدان والزركشي والفائق وغيرهم .
الثالث : ظاهر قوله بالطهارة الطهارة الكاملة فلا تؤثر خلوتها في بعض الطهارة وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وهو المذهب وقدمه في الفروع وقيل : خلوتها في بعض الطهارة كخلوتها في جميعها اختاره ابن رزين في شرحه وقدمه في الفصول ويحتمله كلام المصنف هنا وأطلقهما في المغنى و الشرح و الرعاية الكبرى وابن تميم وابن عبيدان .
الرابع : مفهوم قوله بالطهارة أنها لو خلت به للشرب : أنه لا يؤثر وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب ولا يكره على الصحيح من المذهب اختاره المجد وغيره وقدمه في الرعاية الكبرى و شرح ابن عبيدان وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وعنه يكره وأطلقهما الزركشي وعنه حكمه حكم الخالية به للطهارة .
الخامس : مراده بقوله بالطهارة الطهارة الشرعية فلا تؤثر خلوتها به في التنظيف قاله ابن تميم ولا غسلها ثوب الرجل ونحوه قاله في الرعاية الكبرى قال : ولم يكره .
السادس : مفهوم قوله منه يعني من الماء : أنها إذا خلت بالتراب للتيمم : أنها لا تؤثر وهو صحيح وهو ظاهر كلام غيره وفيه احتمال : أن حكمه حكم الماء وأطلقهما في الرعاية الكبرى .
السابع : مفهوم قوله امرأة أن الرجل إذا خلا به لا تؤثر خلوته منعا .
وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونقله الجماعة عن أحمد وحكاه القاضي وغيره إجماعا وذكر ابن الزاغوني عن الأصحاب وجها بمنع النساء من ذلك قال في الرعاية : وهو يعبد وأطلقهما ناظم المفردات وقال في الفائق : ولا يمنع خلوة الرجل بالماء الرجل وقيل : بلى ذكره ابن الزاغوني .
قلت : في صحة هذا الوجه الذي ذكره في الفائق عنه نظر وعلى تقدير صحة نقله : فهو ضعيف جدا لا يلتفت إليه ولا يعرج عليه ولا على الذي قبله وهو مخالف للإجماع .
الثامن ظاهر قوله امرأة أن خلوة المميزة : لا تأثير لها وهو صحيح وهو ظاهر كلامه في المحرر والوجيز وابن تميم وغيرهم وهو المذهب وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الكبرى فإنه قال مكلفة وقدمه في الفروع وقيل : خلوة المميزة كالمكلفة وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير فإنهما قالا : أو رفعت به مسلمة حدثا .
التاسع : شمل قوله امرأة المسلمة والكافرة وهو ظاهر كلامه في الفروع و المحرر والوجيز والحاوي الكبير وغيرهم فإنهم قالوا امرأة وهو أحد الوجهين وقدمه ابن رزين في شرحه وقيل : لا تأثير لخلوة غير المسلمة وهو ظاهر الرعايتين والحاوي الصغير فإنهما قالا مسلمة .
قلت : وهو بعيد .
وأطلقهم في المغنى والزركشي وأطلقهما ابن تميم في خلوة الذمية للحيض وذكر في الفصول ومن بعده : احتمالا بالفرق بين الحيض والنفاس وبين الغسل فتؤثر خلوة الذمية للحيض والنفاس دون الغسل لأن الغسل لم يفد إباحة شئ .
العاشر : مفهوم قوله امرأة أنه لا تأثير لخلوة الخنثى المشكل به وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم منهم ابن عقيل في الفصول و المجد في شرح الهداية وابن تميم والرعاية الصغرى و الحاوي الصغير وابن عبيدان والزركشي وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وقيل الخنثى في الخلوة كالمراة اختاره ابن عقيل .
الحادي عشر : مفهوم قوله ولا يجوز للرجل الطهارة به أنه يجوز للصبي الطهارة به وهو صحيح وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وهو المذهب قدمه في الفروع وقيل : حكمه حكم الرجل قال في الرعاية الكبرى : هل يلحق الصبي بالمرأة أو بالرجل ؟ يحتمل وجهين .
الثاني عشر : مفهوم قوله ولا يجوز للرجل الطهارة به أنه يجوز الطهارة به للخنثى المشكل وهو مفهوم كلام كثير من الأصحاب واختار ابن عقيل وجزم به الزركشي والصحيح من المذهب : أن الخنثى المشكل كالرجل جزم به في الرعاية الصغرى و الحاوي الصغير و المنور وقدمه في الفروع وقال في الرعاية الكبرى : هل يلتحق الخنثى المشكل بالرجل ؟ يحتمل وجهين .
الثالث عشر : عموم قوله الطهارة يشمل الحدث والخبث أما الحدث : فالصحيح من المذهب : أنه ليس كالحدث فيجوز للرجل غسل النجاسة به وهو المذهب اختاره ابن أبي موسى والمصنف قال ابن عبيدان : وهو الصحيح وقدمه في الفروع و المحرر و الرعاية الكبرى والشرح وابن رزين في شرحه وابن خطيب السلامية في تعليقه وقيل : يمنع منه كطهارة الحدث اختاره القاضي والمجد وابن عبد القوى في مجمع البحرين وحكاه الشيرازي عن الأصحاب غير ابن أبي موسى قال ابن رزين : هذا القول أصح وقدمه في الحاوي الكبير قال في الرعاية الكبرى : وهو بعيد أطلقهما في المستوعب وابن تميم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وابن عبيدان .
الرابع عشر : مفهوم قوله ولا يجوز للرجل الطهارة به انه يجوز لامرأة أخرى الطهارة به وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الفصول و الزركشي وصححه في الفروع وابن رزين و ابن عبيدان وقدمه ابن منجا في شرحه وهو ظاهر كلامه في المحرر و الوجيز وقيل : هي كالرجل في ذلك وقدمه في الفائق فقال طهور ولا يستعمل في الحدث وأطلقهما في الرعايتين و الحاوي الصغير و ابن تميم و المستوعب و ناظم المفردات .
الخامس عشر : فعلى المذهب هنا وفي كل مسألة قلنا يجوز الطهارة به محله على القول بأنه طهور أو طاهر أما إن قلنا إنه طاهر فلا يجوز الطهارة به وصرح به في الحاوي الصغير : وإن توضأ به الرجل فروايتان وقيل مع طهوريته فظاهره : أن المقدم سواء قلنا إنه طهور أو طاهر وقال في الرعاية الكبرى : ولها التطهير به يعنى الخالية به ثم قال : قلت : إن بقي طهورا وإلا فلا وفي جواز تطهر امرأة أخرى به إذن : وجهان وفي جواز تطهير الرجل به إذن : روايتان وقيل : بل مطلقا وقيل إن قلنا : هو طهور جاز وإلا فلا انتهى .
فحكى خلافا في الجواز مع القول بأنه طاهر .
والذي يظهر أن هذا ضعيف جدا .
السادس عشر : مفهوم كلامه : أنه يجوز للمرأة الخالية به الطهارة به وهو الصحيح من المذهب قطع به كثير من الأصحاب وقال في الرعاية الكبرى ولها التطهر به ثم قال قلت : إن بقى طهورا كما تقدم وقال في الحاوي الصغير : ولها التطهر به في ظاهر المذهب فدل أن في باطنه قولا : لا يجوز لها ذلك .
قلت : هو قول ساقط فإنه يفضى إلى أن المرأة لا تصح لها طهارة ألبته في بعض الصور وهو مخالف لإجماع المسلمين .
السابع عشر : كلام المصنف مقيد بما إذا كان الماء الخالية به دون القلتين وهو الواقع في الغالب : أما إن كان قلتين فأكثر فالصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب : أن الخلوة لا تؤثر فيه منعا وقطع به كثير منهم وقال ابن عقيل : الكثير كالقليل في ذلك قال المجد في شرحه وتبعه في الحاوي الكبير : هذا بعيد جدا قال في الرعاية : وهو بعيد وأطلقهما ناظم المفردات