باب الموصى إليه .
( وتجوز الوصية إلى كل مسلم عاقل عدل من الذكور والإناث بما يجوز للموصي فعله : من قضاء ديونه وتفريق وصيته والنظر في أمر أطفاله ) فأما الوصية إلى المسلم العاقل العدل فتصح إجماعا ولا تصح وصية مسلم إلى كافر بغير خلاف ولا الوصية إلى المجنون والطفل لأنهما ليسا من أهل التصرف فى أموالهما فلا يليان على غيرهما والكافر ليس من أهل الولاية على المسلم .
962 - ـ مسألة : وتصح الوصية إلى المرأة في قول أكثرهم لما روي أن عمر وصى إلى حفصة ولأنها من أهل الشهادة أشبهت الرجل فهؤلاء تصح الوصية إليهم فيما ذكرنا من قضاء ديونه واقتضائها وتفريق وصيته ورد ودائعه لأنه يجوز له فعل ذلك بنفسه فجاز توصيته لأنه أقامه مقام نفسه .
963 - ـ مسألة : فأما الفاسق فلا تصح الوصية إليه وعنه ما يدل على صحتها وقال الخرقي : إذا كان الوصي خائنا ضم إليه أمين لأنه عاقل بالغ فصحت الوصية إليه كالعدل ولأنه من أهل التصرف وله نظر وتصح استنابته في حال الحياة فكذلك بعد الموت ويمكن تحصيل نظره مع حفظ المال بأمين ووجه الأولى أنه لا يجوز إفراده بالوصية فلا تجوز الوصية إليه كالمجنون .
964 - ـ مسألة : أما النظر لورثته في أموالهم فإن كان ذا ولاية عليهم كأولاده الصغار فله أن يوصي إلى من ينظر لهم في أموالهم بحفظها والتصرف لهم فيها وإن لم يكن ذا ولاية عليهم كالعقلاء الراشدين أو ممن لا ولاية له كالأخ والعم وسائر من عدا الأب لم تصح وصيته بذلك عليهم ولا نظر له في أموالهم في الحياة فكذلك لا نظر لنائبه بعد الممات وهذا لا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم .
965 - ـ مسألة : ( ومتى أوصى إليه بولاية أطفاله أو مجانينه ثبتت له ولايتهم وينفذ تصرفه لهم بما لهم فيه الحظ : من البيع والشراء وقبول ما يوهب لهم والإنفاق عليهم وعلى من تلزمهم مؤنته بالمعروف والتجارة لهم ودفع أموالهم مضاربة بجزء من الربح ) لأنه إنما يتصرف لمصلحتهم وهذا من مصلحتهم ولأن العقلاء البالغين يفعلون ذلك لأنفسهم فكذلك هذا لهؤلاء .
966 - ـ مسألة : ( إن اتجر لهم بنفسه فليس له من الربح شئ ) وذلك أنه يستحب لمن ولي يتيما أن يتجر بماله لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص [ أن النبي A قال : من ولي يتيما فليتجر له ولا يتركه حتى تأكله الصدقة ] [ رواه الترمذي الحديت 641 ] وروي ذلك عن عمر وهو أصح من المرفوع ولأن ذلك أحفظ لليتيم لتكون نفقته من فاضله لما يفعل البالغون في أموالهم وإذا اتجر لهم فالربح كله لليتيم لأن الولي وكيل اليتيم بالشرع وتصرف الوكيل نفع للموكل ولا يستحق الوكيل من الربح شيئا إلا أن يجعل له .
967 - ـ مسألة : ( وله أن يأكل من مالهم عند حاجته بقدر عمله ولا غرم عليه ولا يأكل إذا كان غنيا لقوله سبحانه : { ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف } 'سورة النساء : الآية 6 ' فله أقل الأمرين من أجرته أو قدر كفايته لأنه يستحقه بالعمل والحاجة جميعا فلم يجز أن يأخذ إلا ما وجد فيه كلاهما فإذا أكل منه ذلك القدر ثم أيسر فإن كان أبا لم يلزمه عوضه رواية واحدة وإن كان غير الأب فهل يلزمه ؟ على روايتين : إحداهما يلزمه لأنه استباحه بالحاجة من مال غيره فلزمه قضاؤه كمن اضطر إلى طعام غيره والأخرى لا يقضي لأن الله سبحانه أمر بالأكل ولم يذكر عوضا ولأنه عوض جعل له عن عمله فلم يلزمه بدله كالأجير والمضارب .
968 - ـ مسألة : ( وليس له أن يوصي بما أوصى إليه به ) لأنه تصرف بولاية فلم يكن له التفويض كالوكيل ويخالف الأب لأنه يلي بغير تولية وعنه له أن يوصي إلى غيره لأن الأب أقامه مقام نفسه فكان له الوصية كالأب .
969 - ـ مسألة : ( وليس للوصي أن يبيع ويشتري لهم من مالهم لنفسه ) كما لا يجوز ذلك للوكيل ولأنه متهم في ذلك ( ويجوز ذلك للأب ) لأنه غير متهم فيه .
970 - ـ مسألة : ( ولا يلي مال الصبي والمجنون إلا الأب أو وصيه أو الحاكم ) فيلي الأب مال أولاده الصغار والمجانين لكمال شفقته عليهم وحسن نظره ووصيه قائم مقامه وبعدهما الحاكم لأن ولايته عامة