باب عطية المريض .
924 - ـ مسألة : ( تبرعات المريض مرض الموت المخوف ومن هو في الخوف كالمريض - مثل الواقف بين الصفين عند التحام الحرب ومن قدم ليقتل وراكب البحر عند هيجانه ومن وقع الطاعون ببلده إذا اتصل بهم الموت - حكمها حكم وصيته في ستة أحكام ) والمرض المخوف كالبرسام وذات الجنب والرعاف الدائم والقيام المتدارك والفالج في ابتدائه والسل في انتهائه وما قال عدلان من أهل الطب إنه مخوف وكذلك من هو في الخوف فعطاؤهم كالوصية في ستة أحكام : ( أحدها أنها لا تجوز لأجنبي بزيادة على الثلث ولا لوارث شئ إلا بإجازة الورثة ) لما روى عمران بن حصين [ أن رجلا أعتق ستة أعبد له عند موته لم يكن له مال غيرهم فبلغ ذلك النبي A فدعاهم فجزأهم ثلاثة أجزاء فأقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة وقال قولا شديدا ] رواه مسلم ولأنه في هذه الحال لا يأمن الموت فجعل كحال الموت ( الثاني أن الحرية تجمع في بعض العبيد بالقرعة إذا لم يف الثلث بالجميع للخبر ( الثالث أنه إذا أعتق عبدا غير معين أو معينا فأشكل أخرج بالقرعة ) للخبر ( الرابع أنه يعتبر خروجها من الثلث حال الموت فلو أعتق عبدا لا مال له سواه أو تبرع به ثم ملك عند الموت ضعف قيمته تبينا أنه أعتق كله حين إعتاقه وكان ما كسبه بعد ذلك له ) لخروجه من الثلث عند الموت .
925 - ـ مسألة : ( وإن صار عليه دين يستغرقه لم يعتق منه شئ ) لأن الدين يقدم على الوصية لما روي عن علي Bه [ أن رسول الله A قضى بالدين قبل الوصية ] ( ولا يصح تبرعه به ) لأنه تبرع به عند الموت فينزل بمنزلة الوصية والدين يقدم عليها لحديث علي Bه .
926 - ـ مسألة : ( ولو وصى له بشئ فلم يأخذه الموصى له زمانا قوم وقت الموت لا وقت الأخذ ) لأن الاعتبار بقيمة الموصى به وخروجه من الثلث وعدم خروجه منه بحالة موت الموصي لأنها حال لزوم الوصية فتعتبر قيمة المال فيها لا نعلم في ذلك خلافا فينظر فإن كان الموصى به وقت الموت ثلث التركة في القيمة أو دونه نفذت الوصية واستحقه الموصى له ولو زادت قيمته بعد ذلك حتى يصير معادلا لسائر المال ولو هلك جميع المال سواه كان للموصى له وإن كان حين الموت زائدا عن الثلث فللموصى له نصفه فإن نقص الموصى به بعد ذلك أو زاد أو نقص سائر التركة أو زاد فليس للموصى له إلا ما خرج عن الثلث ( الخامس أن كونه وارثا يعتبر حالة الموت فيهما فلو أعطاه أخاه أو أوصى له ولا ولد له فولد له ابن صحت العطية والوصية ) لأنه عند الموت صار غير وارث ( ولو كان له ابن ) وقت العطية ( فمات ) الابن ( بطلت ) لأنه صار عند الموت وارثا لأن اعتبار الوصية بالموت لا خلاف في ذلك نعلمه ( السادس أنه لا يعتبر رد الورثة وإجازتهم إلا بعد الموت فيهما ) وما قبل ذلك لا عبرة به لأنه لا حق للوارث قبل الموت فلم يصح إسقاطه كما لو أسقط الشفعة قبل البيع وكما لو أسقطت المرأة نفقتها قبل التزويج .
927 - ـ مسألة : ( وتفارق العطية الوصية في أحكام أربعة : أحدها أن العطية تنفذ من حينها فلو أعتق عبدا أو أعطاه إنسانا صار المعتق حرا وملكه المعطي وكسبه له ) يعني إن خرج من الثلث عند الموت فكسبه له إن كان معتقا وللموهوب له إن كان موهوبا وإن خرج بعضه فلهما من كسبه بقدر ذلك فلو أعتق عبدا لا مال له سواه فكسب مثل قيمته قبل موت سيده عتق نصفه وله نصف كسبه ويحصل للورثة نصفه ونصف كسبه وذلك مثل ما أعتق منه ولا يمكن أن يسترق منه ثلثاه لأنه لو استرق ثلثاه تبعه ثلثا الكسب فيصير من مال الميت ينتقل إلى الورثة فيجب أن يحتسب على الورثة ويعتق من العبد بقدره ولا يحتسب على العبد بما حصل له من الكسب لأنه ملكه بجزئه الحر لا من جهة السيد ولم يدخل ذلك في ملك السيد بحال فيستخرج بالجبر فيقال : عتق من العبد شئ وله من كسبه مثله شئ آخر بقي العبد والكسب للورثة إلا شيئين ويجب أن يكون ذلك مثل ما جاز فيه العتق فيكون إذا شيئين لأن العتق إنما جاز في شئ فقد حصل للورثة شيئان وللعبد شيئان شئ من عتقه وشئ من كسبه فصار لهم مثل ما له فله النصف من نفسه وكسبه ولهم النصف ولو كسب مثلي قيمته قلت : عتق منه شئ وتبعه من كسبه شيئان وللورثة شيئان فصار العبد وكسبه يقابل خمسة أشياء له منها ثلاثة فيعتق منه ثلاثة أخماسه وله ثلاثة أخماس من كسبه ولهم الخمسان منهما ولو كان العبد موهوبا فللموهوب له منه بقدر ما عتق منه وبقدره من كسبه وأما الموصى به أو بعتقه فلا يملكه الموصى له به ولا يعتق إلا بعد الموت لأن ذلك إنما يلزم بالموت لما سبق وما كسب من شئ أو حدث فيه من نماء فإنه يكون للورثة لأنه إلى حين الموت باق على ملك السيد فيرثه ورثته بعد موته ( الثاني أن العطية يعتبر قبولها وردها حين وجودها كعطية الصحيح والوصية لا يعتبر قبولها وردها إلا بعد موت الموصي ) لأن العطية هبة منجزة فاعتبر لها القبول عند وجودها كعطية الصحيح بخلاف الوصية فإنه لا حكم لقبولها ولا ردها إلا بعد الموت لأنها عطية بعد الموت ( الثالث أنها تقع لازمة لا يملك المعطي الرجوع فيها ) وإن كثرت لأنها هبة منجزة اتصل بها القبض أشبهت هبة الصحيح ( بخلاف الوصية فإن له الرجوع فيها متى شاء ) لأنها عطية معلقة على شرط أشبهت الهبة ( الرابع أن يبدأ بالأول فالأول منها إذا ضاق الثلث عن جميعها ) لأن السابق استحق الثلث فلم يسقط بما بعده ( والوصية يسوى بين الأول منها والآخر ويدخل النقص على كل واحد بقدر وصيته سواء كان فيها عتق أو لم يكن ) لأنها توجد عقب موته دفعة واحدة فتساوت كلها وعنه يقدم العتق لأنه مبني على السراية والتغليب فكان آكد من غيره .
928 - ـ مسألة : ( وكذا الحكم في العطايا إذا وقعت دفعة واحدة ) لما ذكرنا