باب الوديعة .
( وهي أمانة عند المودع لا ضمان عليه فيها إلا أن يتعدى ) سواء ذهب معها شئ من مال المودع أو لم يذهب وعنه إن ذهبت من بين ماله غرمها لما روي عن عمر بن الخطاب أنه ضمن أنس بن مالك وديعة ذهبت من بين ماله ودليل الأولى أن الله سبحانه سماها أمانة والضمان ينافي الأمانة ويروى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [ أن النبي A قال : ليس على المودع ضمان ] ويروى ذلك عن جماعة من الصحابة ولأن المستودع يحفظها لصاحبها متبرعا فلو ضمن لامتنع الناس من قبول الودائع فيضربهم لحاجتهم إليها وما روي عن عمر محمول على التفريط من أنس في حفظها فلا ينافي ما ذكرناه فأما إن تعدى فيها أو فرط في حفظها فتلفت ضمنها بغير خلاف نعلمه .
852 - ـ مسألة : ( ويلزمه حفظها في حرز مثلها فإن تركها في دون حرز مثلها ضمن ) لأن الإيداع يقتضي الحفظ فإن أطلق حمل على المتعارف وهو حرز المثل وهو ما جرت العادة بحفظ مثلها فيه والدراهم والدنانير في الصناديق من وراء الأقفال والثياب في البيوت والمخازن من وراء السكاكر والأغلاق والخشب في الحضائر والغنم في الصير .
853 - مسألة : ( فإن أمره صاحبها بإحرازها في حرز فجعلها في دونه ضمن ) لأن صاحبها لم يرضه وإن أحرزها في مثله أو فوقه لم يضمن لأن من رضي شيئا رضي مثله وفوقه وقيل يضمن لأنه خالف أمره لغير حاجة أشبه ما لو نهاه .
854 - ـ مسألة : ( وإن تصرف فيها لنفسه ) فركب الدابة لغير نفعها أو لبس الثوب فتلف ( ضمن ) لأنه تعدى فيها فبطل استئمانه .
855 - ـ مسألة : ( وإن خلطها بما لا تتميز منه ) فقد فوت على نفسه إمكان ردها بعينها فوجب أن ( يضمنها ) كما لو ألقاها في مهلكة .
856 - ـ مسألة : ( وإن أخرجها لينفقها ثم ردها ضمن ) لأنه هتك الحرز بغير عذر .
857 - ـ مسألة : ( وإن كسر ختم كيسها ضمن ) لذلك .
858 - ـ مسأله : ( وإن جحدها ثم أقر بها ضمنها ) لأنه بجحده بطل استئمانه عليها .
859 - ـ مسألة : ( وإن امتنع من ردها عند طلبها مع إمكانه ضمنها ) لأنه تعدى بالامتناع من ردها فصار كالغاصب .
860 - ـ مسألة : ( وإن قال : ما أودعتني ثم ادعى تلفها أو ردها لم يقبل منه ) لأنه مكذب لإنكاره الأول معترف على نفسه بالكذب المنافي للأمانة .
861 - ـ مسألة : ( وإن قال ما لك عندي شئ ثم ادعى ردها أو تلفها قبل ) لأن من تلفت الوديعة عنده من غير تفريط من حرزه فلا شئ لمالكها عنده .
862 - ـ مسألة : ( والعارية مضمونة وإن لم يتعد فيها المستعير ) لما روي عن النبي A أنه قال في خطبته عام حجة الوداع : [ العارية مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم ] وروى صفوان بن أمية [ أن النبي A استعار منه يوم حنين أدراعا فقال : أغصبا يا محمد ؟ قال : بل عارية مضمونة ] رواه أبو داود