باب الصلح .
796 - ـ مسألة : ( ومن أسقط بعض دينه أو وهب غريمه بعض العين التي له في يده جاز ما لم يجعل وفاء الباقي شرطا في الهبة والإبراء أو يمنعه حقه إلا بذلك ) وذلك لأن الإنسان لا يمنع من إسقاط حقه ولا من استيفائه قال أحمد : ولو شفع فيه شافع لم يأثم [ لأن النبي A كلم غرماء جابر فوضعوا عنه الشرط وكلم كعب بن مالك فوضع عن غريمه الشطر ويجوز للقاضي فعل ذلك لأن النبي A فعله ] ولو قال للغريم أبرأتك من بعضه بشرط أن توفيني بقيته - أو على أن توفيني باقيه - لم يصح لأنه جعل إبراءه عوضا عن إعطاءه فيكون معاوضا لبعض حقه ببعض ولا تصح بلفظ الصلح لأن معنى صالحني عن المائة بخمسين أي بعني وذلك غير جائز لما ذكرناه ولأنه ربا .
797 - ـ مسألة : ( أو يضع له بعض المؤجل ليعجل له الباقي ) يعني لو صالح عن المؤجل ببعضه حالا مثل أن يصالح عن المائة المؤجلة بخمسين حالة لم يجز لأنه ربا وهو بيع بعض ماله ولأن بيع الحلول غير جائز .
798 - ـ مسألة : ( ويجوز اقتضاء الذهب عن الورق بالورق عن الذهب إذا أخذها بسعر يومها وتقابضا في المجلس ) وذلك أنه إذا صالحه عن أثمان بأثمان فهذا صرف يعتبر له شروط الصرف من القبض في المجلس وسائر شروطه .
799 - ـ مسألة : ( ومن كان له على غيره حق لا يعلمه المدعى عليه فصالحه على شئ جاز فإن كان أحدهما يعلم كذبه في نفسه فالصلح باطل ) في حقه وهذا هو الصلح على الإنكار وهو أن يدعي على إنسان عينا في يده أو دينا في ذمته لمعاملة أو جناية أو إتلاف أو غصب أو تفريط في وديعة أو مضاربة ونحو ذلك فينكره ويصالحه بمال فيصح إذا كان المنكر معتقدا بطلان الدعوى فيدفع إليه المال افتداء ليمينه ودفعا للخصومة عن نفسه والمدعي يعتقد صحتها فيأخذه عوضا عن حقه الثابت له لأنه صلح يصح مع الأجنبي فيصح بين الخصمين كالصلح في الإقرار ويكون بيعا في حق المدعي لأنه يأخذ المال عوضا عن حقه فيلزمه حكم إقراره حتى لو كان العوض شقصا وجبت الشفعة وإن وجد به عيبا فله رده ويكون إبراء في حق المنكر لاعتقاده أن ملكه المدعي لم يتجدد بالصلح وإنما يدفع المال افتداء ليمينه لا عوضا فلو كان المدعي شقصا لم تجب فيه الشفعة ولو وجد فيه عيبا لم يملك رده كمن اشترى عبدا قد أقر بحريته فإن كان أحدهما يعلم كذب نفسه فالصلح باطل في الباطن وما يأخذه بالصلح حرام لأنه يأكل مال أخيه بباطله ويستخرجه منه بشره وهو في الظاهر صحيح لأن ظاهر حال المسلمين الصحة والحق .
800 - ـ مسألة : ( ومن كان له حق على رجل لا يعلمان قدره فاصطلحا عليه جاز ) لأن الحق لهما لا يخرج عنهما فإذا اتفقا عليه جاز كما لو اتفقا على أن يتبارأ