باب الوكالة .
801 - ـ مسألة : ( وهي جائزة في كل ما تجوز النيابة فيه إذا كان الموكل والوكيل ممن يصح ذلك منه ) تجوز الوكالة بإجماع الأمة في الجملة وتجوز في الشراء والبيع والنكاح لأن النيابة تدخلها بدليل أن النبي A أعطى عروة بن الجعد دينارا وأمره أن يشتري به شاة وقال الله سبحانه وتعالى : { فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه } 'سورة الكهف : الآية 19 ' وقال تعالى : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها } ' سورة التوبة : الآية 60 ' فجوز العمل عليها وقال جابر بن عبد الله للنبي A : [ إني أريد الخروج إلى خبير فقال : ائت وكيلي فخذ منه خمسة عشرة وسقا فإذا ابتغى منك آية فضع يدك على ترقوته ] وروي [ أن النبي A وكل عمرو بن أمية الضمري في قبول نكاح أم حبيبة وأبا رافع في قبول نكاح ميمونة ] وتجوز الوكالة بشرط أن تكون فيما تدخله النيابة كالبيع والشراء والنكاح لما سبق وتجوز في الرهن والحوالة والضمان والكفالة والشركة والوديعة والمضاربة والجعالة والمساقاة والإجارة والقرض والوصية والهبة والوقف والصدقة لأنها كلها تدخلها النيابة وهي في معنى البيع في الحاجة إلى التوكيل فيها فيثبت فيها حكمه ولا نعلم في شئ من ذلك خلافا ويشترط أن يكون الموكل والوكيل ممن يصح ذلك منه بنفسه لأن من لا يصح تصرفه بنفسه فكيف يصح بنائبه .
802 - ـ مسألة : ( وهي عقد جائز تبطل بموت كل واحد منهما وجنونه والحجر عليه لسفه ) لأنه يخرج بذلك عن أهلية التصرف ويبطل بفسخ كل واحد منهما لأنه إذن في التصرف فملك كل واحد منهما إبطاله كالإذن في أكل الطعام .
803 - ـ مسألة : ( وكذلك الحكم في كل عقد جائز كالشركة والمساقاة والمزارعة والجعالة والمسابقة ) لذلك .
804 - ـ مسألة : ( وليس للوكيل أن يفعل إلا ما تناوله الإذن لفظا أو عرفا ) لأن الإنسان ممنوع من التصرف في حق غيره وإنما أبيح لوكيله التصرف فيه بإذنه فيجب اختصاص تصرفه فيما تناوله إذنه إما لفظا كقوله بع ثوبي بعشرة وإما عرفا كبيعه الثوب بعشرة وزيادة إما من جنس العشرة كبيعه بأحد عشر وما زاد عليها أو من غير جنسها كعشرة وثوب لأن الزيادة تنفعه ولا تضره وكل أحد يريد ذلك ويرضاه بحكم العرف .
805 - ـ مسألة : ( وليسى للوكيل توكيل غيره ) وذلك أن الوكيل لا يخلو من ثلاثة أحوال : أحدها أن ينهاه الموكل عن التوكيل فلا يجوز له ذلك رواية واحدة لأن ما نهاه عنه غير داخل في إذنه فلم يجز له كما لو لم يوكله الثاني أذن له في التوكيل فيجوز له رواية واحدة لأنه عقد أذن له فيه فكان له ذلك كما لو أذن له في البيع ولا نعلم في هذين خلافا الثالث أطلق الوكالة فلا يخلو من ثلاثة أحوال : أحدها أن يكون العمل مما يرتفع الوكيل عن مثله كالأعمال الدينية في حق أشراف الناس المرتفعين عن فعلها في العادة فإنه يجوز له التوكيل فيها لأنها إذا كانت مما لا يفعله الوكيل بنفسه عادة انصرف الإذن إلى ما جرت به العادة من الاستبنابة به فيه الحال الثاني أن يكون عملا لا يرتفع عن مثله إلا أنه عمل كثير لا يقدر الوكيل على فعله جميعه فإنه يجوز له التوكيل فيه أيضا لما ذكرنا الحال الثالث أن يكون مما لا يرتفع عنه الوكيل ويمكنه عمله بنفسه فليس له أن يوكل فيه لأنه لم يأذن له في التوكيل ولا تضمنه إذنه فلم يجز كما لو نهاه عنه ولأنه استئمان فإذا استأمنه فيما يمكنه النهوض به لم يكن له أن يوليه من لم يأمنه عليه كالوديعة وعنه له أن يوكل فيه لأن الوكيل يملك التصرف بنفسه فيملكه بنائبه كالملك وكما لو وكله فيما لا يتولى مثله بنفسه .
806 - ـ مسألة : ( وليس للوكيل الشراء من نفسه ولا البيع لها إلا بإذن ) لأن العرف في العقد أن يعقده مع غيره فحمل التوكيل عليه ولأنه يلحقه تهمة ويتنافى الغرضان يجز كما لو نهاه عنه وعنه يجوز لأنه امتثل أمره وحصل غرضه فصح كما لو كان من أجنبي وإنما يصبح بشرط أن يزيد على مبلغ ثمنه في النداء أو يوكل من يبيع ويكون هو أحد المشترين لتنتفي التهمة قال القاضي : ويحتمل أن لا يشترط ذلك لأنه قد امتثل أمره فأما إذا أذن له في ذلك فقد عمل بمقتضى التوكيل .
807 - ـ مسألة : ( وإن اشترى لإنسان ما لم يأذن له فيه فأجازه جاز ) لأن المشتري في الذمة لا ينصرف في حق المشتري له إنما ينصرف في ذمة نفسه فتحصيل شئ له موقوف على إجازته ورضاه فإن أجازه كان له ( وإن رده لزم من اشتراه ) لأنه ألزم به .
808 - ـ مسألة : ( والوكيل أمين لا ضمان عليه فيما يتلف إذا لم يتعد ) لأنه نائب والمالك أشبه المودع ( والقول قوله في الرد والتلف ونفي التعدي ) لذلك .
809 - ـ مسألة : ( وإن قضى الدين بغير بينة ) وأنكره الغريم ( ضمن ) لأن الموكل لا يقبل قوله على الغريم فكذلك وكيله .
810 - ـ مسألة : ( إلا أن يكون قضاه بحضرة الموكل ) فلا ضمان عليه لأن التفريط من الموكل حيث لم يشهد وإن قضاه في غيبته ولم يشهد ضمن لأنه أذن له في قضاء مبرم ولم يوجد وعن أحمد C لا يضمن إلا أن يكون أمره بالإشهاد فلم يفعل فعلى هذه الرواية إن صدقه الموكل لم يضمن الوكيل وإن كذبه فالقول قول الوكيل لأنه أمينه فيقبل قوله عليه في تصرفه كما يقبل قوله في البيع والقبض .
811 - ـ مسألة : ( ويجوز التوكيل بجعل وبغيره ) لأنه تصرف لغيره لا يلزمه فجاز أخذ العوض عنه كرد الآبق ( فإذا قال : بع بعشرة فما زاد فهو لك صح ) وله الزيادة لأن ابن عباس Bه كان لا يرى بذلك بأسا