باب الاعتكاف .
535 - ـ مسألة : ( وهو لزوم المسجد لطاعة الله تعالى فيه ) لأن الاعتكاف في اللغة لزوم الشئ وحبس النفس عليه برا كان أو غيره قال سبحانه : { ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون } 'سورة الأنبياء : الآية 52 ' وهو في الشرع الإقامة في المسجد على صفة نذكرها ( وهو سنة ) لأن النبي A فعله وداوم عليه واعتكف معه أزواجه وهذا معنى السنة وقالت عائشة : [ كان رسول الله A يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده ] متفق عليه .
( إلا أن يكون نذرا فيلزم الوفاء به ) قال ابن المنذر : اجمع أهل العلم على أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضا إلا أن يوجب المرء على نفسه الاعتكاف نذرا فيجب عليه لقول النبي A : [ من نذر أن يطيع الله فليطعه ] .
536 - ـ مسألة : ( ويصح من المرأة في كل مسجد غير مسجد بيتها ) لأن صلاة الجماعة غير واجبة عليها فلم يوجد المانع في حقها .
537 - ـ مسألة : ( ولا يصح في الرجل إلا في مسجد تقام فيه الجماعة ) لقوله سبحانه : { وأنتم عاكفون في المساجد } 'سورة البقرة : الآية 187 ' ولأنه مسجد بني للصلاة فيه فأشبه المتفق عليه وإنما اشترط في مسجد تقام فيه الجماعة لأن الجماعة واجبة على الرجل فاعتكافه في مسجد لا تقام فيه الجماعة يفضي إلى خروجه إلى الجماعة فيتكرر ذلك معه مع إمكان التحرز منه وذلك مناف للاعتكاف الذي هو لزوم المعتكف والإقامة على طاعة الله D فيه .
538 - ـ مسألة : ( واعتكافه في مسجد تقام فيه الجمعة أفضل ) لئلا يحتاج إلى الخروج إليها ولأن ثواب الجماعة في الجامع أكثر .
539 - ـ مسألة : ( ومن نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد فله فعل ذلك في غيره ) لأن المساجد كلها في الفضيلة سواء قال عليه السلام : [ جعلت لي الأرض مسجدا وترابا طهورا ] ( إلا المساجد الثلاثة ) المسجد الحرام ومسجد النبي A والمسجد الأقصى لقوله E : [ لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا ] متفق عليه ( فإذا نذر الاعتكاف في المسجد الحرام لزمه ) ولم يجز أن يعتكف في سواه لأنه أفضلها ( وإن نذر الاعتكاف في مسجد رسول الله A جاز أن يعتكف في المسجد الحرام ) لأنه أفضل منه ولم يجز له أن يعتكف في المسجد الأقصى لأن مسجد النبي A أفضل منه ( وإن نذر أن يعتكف في المسجد الأقصى جاز له أن يعتكف في أي المسجدين أحب ) لأنهما أفضل منه بدليل قول النبي A : [ صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ] أخرجه مسلم .
540 - ـ مسألة : ( ويستحب للمعتكف الاشتغال بالقرب واجتنابه ما لا يعنيه من قول وفعل ) ولا يكثر الكلام فإن كثرته لا تخلو من اللغو والسقط وقد جاء في الحديث : [ من كثر كلامه كثر سقطه ] ويجتنب الجدال والمراء والسباب والفحش فإن ذلك مكروه في غير الاعتكاف ففي الاعتكاف أولى .
541 - ـ مسألة : ( ولا يبطل الاعتكاف بشئ من ذلك ) لأنه لما لم يبطل بمباح الكلام لم يبطل بمحظوره وإنما استحب ذلك ليكون مشتغلا بما اعتكف لأجله من طاعة الله سبحانه واجتناب معاصيه فيحقق ما اعتكف لأجله .
542 - ـ مسألة : ( ولا يخرج من المسجد إلا لما لا بد له منه ) قالت عائشة Bها : [ السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لما لا بد منه ] رواه أبو داود .
وقالت أيضا [ كان رسول الله A إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان ] متفق عليه ولا خلاف أن له الخروج لما لا بد له منه قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أنه للمعتكف أن يخرج من معتكفه للغائط والبول ولو كان ذلك يبطل لم يصح لأحد اعتكاف وفي معناه الحاجة إلى الأكل والشرب إذا لم يكن له من يأتيه به يخرج إليه .
543 - ـ مسألة : ( إلا أن يشترط ) عيادة المريض وصلاة الجنازة وزيارة أهله أو رجل صالح أو قصد بعض أهل العلم أو يتعشى في أهله أو يبيت في منزله لأنه يجب بعقده فكان الشرط فيه إليه كالوقف .
544 - ـ مسألة : ( ولا يباشر امرأة ) فإن وطىء فسد اعتكافه لقوله تعالى : { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } ' سورة البقرة : الآية 187 ' ولأنها عبادة يحرم فيها الوطء فأفسدها كالوطء في الصوم ولا قضاء عليه إلا أن يكون واجبا .
545 - ـ مسألة : ( والوطء محرم في الاعتكاف بالإجماع لقول الله سبحانه : { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها } ' سورة البقرة : الآية 187 ' .
546 - ـ مسألة : ( وإن سأل عن المريض في طريقه أو عن غيره ولم يعرج إليه جاز ) لما روت عائشة Bها قالت : [ كان النبي A يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو فلا يعرج يسأل عنه ]