فصل : ( ومتى غير العدل شهادته قبل الحكم بها فزاد فيها أو نقص قبلت ) وذلك أن يشهد بمائة ثم يقول مائة وخمسون أو يقول بل لقي تسعون فإنه يقبل منه رجوعه ويحكم بما شهد به آخرا وقيل تبطل شهادته وقيل يؤخذ بأول قبوله لأنه أداها وهو غير متهم فلم يقبل رجوعه عنها كما لو اتصل بها الحاكم ولنا أن شهادته الأخيرة شهادة من عدل غير متهم لم يرجع عنها فوجب أن يحكم بها كما لو لم يتقدمها ما يخالفها وأما الأولى فلا يحكم بها لأنه رجع عنها فزالت برجوعه وهي شرط الحكم فيعتبر استمرارها إلى انقضائه .
1807 - ـ مسألة : ( وإن حدث منه ما يمنع قبولها بعد أدائها ردت وإن حدث ذلك بعد الحكم بها لم يؤثر ) يعني إذا فسق الشاهد قبل الحكم بشهادته لم يجز الحكم بها لأن من شرط الحكم بالشهادة العدالة وقد نص تعالى بقوله : { وأشهدوا ذوي عدل منكم } 'سورة البقرة : الآية 282' وليس هذا بعدل فترد شهادته وإن كان فسقه بعد حكم الحاكم بشهادته لم ينقض الحكم لأن الحكم تم بشرطه لأن شرطه شهادة عدل وقد وجدت .
1808 - ـ مسألة : ( وإن رجع الشهود بعد الحكم بشهادتهم لم ينقض الحكم ) لأنه تم بشرطه فلم يجز نقضه باحتمال الخطأ كما لو بان للحاكم أنه أخطأ في اجتهاده باجتهاد ثان وبيان احتمال الخطأ أنه يحتمل أن الشهود كذبوا في الرجوع لا في الشهادة وإذا ثبت هذا فللمشهود له استيفاء الحق المالي سواء كان قائما أو تالفا لأن الحق ثبت له على المشهود عليه فكان له استيفاؤه كما لو لم يرجعوا عن الشهادة ( إلا في الحدود والقصاص ) إذا رجع الشهود قبل الاستيفاء وقالوا أخطأنا فعليهم دية ما تلف لأنهم تسببوا إلى الجناية خطأ ولا تحملها العاقلة لأنها وجبت باعترافهما وهي لا تحمل ما وجب بالاعتراف .
1809 - ـ مسألة : ( وعليهم غرامة ما فات بشهادتهم بمثله إن كان مثليا أو قيمته إن لم يكن مثليا ) للمشهود عليه لأنهم حالوا بينه وبين ماله بعدوان فلزمهم الضمان كما لو غصباه .
1810 - ـ مسألة : ( ويكون الضمان بينهم على عددهم ) لأن الإتلاف حصل من جهتهم فأشبه ما لو غصبوه فإذا كانوا ثلاثة غرم كل واحد منهم ثلث الواجب ( وإن رجع منهم واحد غرم الثلث ) .
1811 - ـ مسألة : ( وإن كان المشهود به قتلا أو جرحا فقالوا تعمدنا فعليهم القصاص ) لأنهم تسببوا إلى القتل العمد العدوان فلزمهم القصاص كما لو باشروا ( وإن قالوا أخطأنا غرموا الدية وأرش الجرح ) لأنهم تسببوا إلى القتل الخطأ فلزمهم ضمانه بأرشه كما لو باشروا