باب الشهادة على الشهادة والرجوع عنها .
1801 - ـ مسألة : ( وتجوز الشهادة على الشهادة فيما يجوز فيه كتاب القاضي إذا تعذرت شهادة الأصل بموت أو غيبة أو مرض ) ويجوز كتاب القاضي في المال وما يقصد به المال كالبيع والإجارة والرهن والوصية له وإنما كان كذلك لأن كتاب القاضي يتضمن الشهادة على القاضي فمهما جاز فيه جاز فيها والشهادة على الشهادة في الجملة جائزة بإجماع أهل العلم قال أبو عبيد : أجمعت العلماء من أهل الحجاز والعراق على إمضاء الشهادة على الشهادة في الأموال ولأن الحاجة داعية إليها فلو لم تقبل لبطلت الشهادة بالوقوف وما يتأخر إثباته عند الحاكم ثم بموت الشهود وفي ذلك ضرر على الناس ومشقة شديدة فوجب أن تقبل كشهادة الأصل .
1802 - ـ مسألة : وإنما تقبل ( إذا تعذرت شهادة الأصل ) لموت أو مرض أوغيبة إلى مسافة قصر وعنه لا تقبل إلا أن يموت شاهدا الأصل لأنهما إذا كانا حيين رجي حضورهما فهما كالحاضرين ودليل جوازها مع التعذر بالغيبة أنه قد تعذرت شهادة الأصل فجاز الحكم بشهادة الفرع كما لو ماتا ويخالف الحاضرين فإنه لا عذر لهما إذا ثبت هذا فذكر القاضي أن الغيبة أن يكون شاهد الأصل بموضع لا يمكنه أن يحضر للشهادة ثم يرجع من يومه لأن على الشاهد في تكليفه لمثل ذلك ضررا وقد قال الله سبحانه : { ولا يضار كاتب ولا شهيد } 'سورة البقرة : الآية 282' وإذا لم يكلف الحضور تعذر سماع شهادته فاحتيج إلى سماع شهادة الفرع وقال أبو الخطاب : تعتبر مسافة القصر لأن ما دون ذلك في حكم الحاضر في الرخص وفي كون الأقرب من عصبات المرأة إذا كان فيها لم يزوج الأبعد ولا الحاكم وإذا كان في مسافة القصر زوج غيره فكذا ها هنا .
1803 - ـ مسألة : ( ولا يجوز لشاهد الفرع أن يشهد حتى يسترعيه شاهد الأصل فيقول اشهد على شهادتي أني أشهد أن فلانا ) بن فلان قد عرفته بعينه واسمه ونسبه ( أقر عندي أو أشهدني ) على نفسه طوعا ( بكذا ) نص عليه أحمد C تعالى وإنما اشترط الاسترعاء لأنه إذا سمع شاهدا يقول أشهد لفلان على فلان بكذا احتمل أنه أراد أن له ذلك عليه من وعد فلم يجز أن يشهد مع الاحتمال بخلاف ما إذا استرعاه فإنه لا يسترعيه إلا على واجب .
1804 - ـ مسألة : ( وتعتبر معرفة العدالة في شهود الأصل والفرع ) لأنهم شهود ومن شرط الشهادة العدالة لقوله سبحانه : { وأشهدوا ذوي عدل منكم } 'سورة الطلاق : الآية 2 ' وقوله تعالى : { ممن ترضون من الشهداء } ' سورة البقرة : الآية 282 ' .
1805 - ـ مسألة : ( ومتى لم يحكم بشهادة الفرع حتى حضر شهود الأصل وقف الحكم على سماع شهادتهم ) لأنه قدر على الأصل فأشبه المتيمم إذا قدر على الماء قبل الشروع في الصلاة .
1806 - ـ مسألة : ( وإن حدث من بعضهم ما يمنع قبول الشهادة لم يحكم بها ) يعني إن فسق شهود الأصل أو رجعوا عن الشهادة قبل الحكم لم يحكم بها لأن الحكم ينبني على شهادتهما فأشبه ما لو فسق شهود الفرع أو رجعوا