باب في تعارض الدعاوى .
1736 - ـ مسألة : ( إذا تنازعا قصيما أحدهما لابسه والآخر آخذ بكمه فهو للابسه ) لأن تصرفه في الثوب أقوى ويده آكد وهو المستوفي لمنفعته .
1737 - ـ مسألة : ( وإن تنازعا دابة أحدهما راكبها أو له عليها حمل ) والآخر آخذ بزمامها ( فهي للراكب ) ولصاحب الحمل كذلك .
1738 - ـ مسألة : ( وإن تنازعا أرضا فيها شجر أو بناء أو زرع لأحدهما فهي له ) لأنه صاحب اليد لكونه المستوفي لمنفعتها فكانت له كما لو تنازعا عينا في يده فإنها تكون لمن هي في يده .
1739 - ـ مسألة : ( وإن تنازع صانعان في قماش دكان فآلة كل صناعة لصاحبها ) فإذا كان نجار وعطار في دكان واحد فاختلفا فيما فيها حكم بآلة العطارين للعطار وبآلة النجارين للنجار لأن تصرفه في آلة صنعته أظهر والظاهر معه أيضا فإن الظاهر أن العطار لا يستعمل آلة النجار والنجار لا يستعمل آلة العطار وإن لم يكونا في دكان واحد لكن اختلفا في عين تصلح لأحدهما لم يرجح أحدهما بصلاحية المختلف فيه له بل إن كان في أيديهما فهو بينهما وإن كان في يد أحدهما فهو له مع يمينه وإن كان في يد غيرهما أقرع بينهما فمن قرع صاحبه حلف وأخذها .
1740 - ـ مسألة : ( وإن تنازع الزوجان في قماش البيت فللرجل ما يصلح للرجل وللمرأة ما يصلح للنساء وما يصلح لهما فهو بينهما ) فمتى اختلفا في شئ ولأحدهما بينة فهو له بغير خلاف وإن لم تكن له بينة فالمنصوص عنه أنه ما يصلح للرجال من العمائم وقمصانهم وجبابهم والأقبية والطيالسة وأشباه ذلك القول فيه قول الرجل مع يمينه وما يصلح للنساء من الحلي والمقانع وقمصهن ومغازلهن فالقول فيه قول المرأة مع يمينها وما يصلح لهما كالمفارش والأواني فهو بينهما لأن أيديهما جميعا على متاع البيت بدليل ما لو نازعهما فيه أجنبي فإن القول قولهما وقد يرجح أحدهما على صاحبه يدا وتصرفا فيجب أن يقدم كما لو تنازعا دابة أحدهما راكبها والآخر آخذ بزمامها .
1741 - ـ مسألة : ( وإن تنازعا حائطا معقودا ببنائهما أو محلولا منهما فهو بينهما وإن كان معقودا ببناء أحدهما وحده فهو له ) فمتى كان الحائط بين ملكيهما وتساويا في كونه معقودا ببنائها معا يعني متصلا به اتصالا لا يمكن إحداثه بعد بناء الحائط مثل اتصال البناء بالطين كهذه الحظائر التي لا يمكن إحداث اتصال بعضها ببعض أو يكون لكل واحد منهما عليه عقد أو قبة أو تساويا في كونه محلولا من بنائهما أي غير متصل ببنائهما الاتصال الذي ذكرناه فإنهما يتحالفان فيحلف كل واحد منهما على النصف الذي في يده لأن الحائط في أيديهما فيجعل بينهما نصفين لتساويهما في ذلك وهذا إذا لم يكن لأحدهما بينة فإن كان لأحدهما بينة حكم له بها لأنها كالإقرار وإن كان لهما بينتان تعارضتا وصارا كمن لا بينة لهما فإن لم يكن بينة ونكلا عن اليمين كان الحائط في أيديهما على ما كان وإن حلف أحدهما ونكل الآخر قضى على الناكل فكان الكل للآخر مسألة : وإن كان الحائط متصلا ببناء أحدهما كان له مع يمينه لأن هذا مما لا يمكن إحداثه فوجب أن يرجح به كالأزج يعني العقد ولأن الظاهر أن هذا البناء بني كله بناء واحدا فإذا كان بعضه لرجل فالظاهر أن بقيته له .
1742 - ـ مسألة : ( وإن تنازع صاحب العلو والسفل في السقف الذي بينهما فهو بينهما ) لأن يديهما عليه سواء ( وإن تنازع صاحب الأرض والنهر في الحائط الذي بينهما فهو بينهما ) لأنه حاجز بين ملكيهما فأشبه الحائط بين البيتين ( وإن تنازعا قميصا أحدهما آخذ بكمه وباقيه مع الآخر فهو بينهما ) لأن يد الممسك بكمه ثابتة على نصفه ألا ترى أنه لو كان آخذا بكمه وباقيه على الأرض فادعاه مدع كان القول قول من هو آخذ بكمه ولا يلتفت إلى من أخذ بالكثير ومثله إذا اختلفا في عمامة أحدهما آخذ بطرفها والآخر آخذ ببقيتها لأنها في أيديهما ويتحالفان في هذه المسائل .
1743 - ـ مسألة : ( وإن تنازع مسلم وكافر ميراث ميت يزعم كل واحد منهما أنه كان على دينه فإن عرف أصل دينه حمل عليه ) لأن الأصل بقاؤه عليه فالقول قول من ينفيه مع يمينه ( وإن لم يعرف أصل دينه فالميراث للمسلم ) لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ولأن الظاهر الإسلام في دار الإسلام ولأنه يغلب إسلامه في الصلاة عليه ودفنه فكذلك في ميراثه ( وإن كانت لهما بينتان فكذلك ) يعني أن الحكم كالتي قبلها لأن البينتين سقطتا وصارا كمن لا بينة لهما ( وإن كانت لأحدهما بينة حكم له بها ) لأن البينة كالإقرار ولو أقر له الآخر حكم له فكذلك إذا قامت له بينة وحده .
1744 - ـ مسألة : ( وإذا ادعى كل من الشريكين في العبد أن شريكه أعتق نصيبه منه وهما موسران عتق كله ) لأن كل واحد منهما يعترف بحرية نصيبه مدعيا نصف القيمة على شريكه لكونه أعتق نصيب نفسه وهو موسر فيسري إلى نصيب الآخر ( ولا ولاء عليه لواحد منهما ) لأنه لا يدعيه واحد منهما لآن كل واحد منهما يقول : أنت المعتق له وولاؤه لك لا حق لي فيه .
1745 - ـ مسألة : ( وإن كان أحدهما موسرا والآخر معسرا عتق نصيب الموسر وحده ) لأنه اعترف بحرية نصيبه بعتق شريكه الموسر لأن الموسر إذا عتق نصيبه سرى إلى نصيب المعسر ولا يعتق نصيب الموسر لأن اعترافه بعتق شريكه نصيبه لا يكون اعترافا بعتق نصيبه ولأن إعتاق المعسر لا يسري ولا يثبت للمعسر الولاء لأنه غير معتق .
1746 - ـ مسألة : ( وإن كانا معسرين لم يعتق منه شئ ) لأن اعتراف كل واحد منهما بعتق الآخر لا يوجب اعترافا بعتق نصيبه لأن عتق المعسر لا يسري .
1747 - ـ مسألة : ( وإن اشترى أحدهما نصيب صاحبه عتق حينئذ ولم يسر إلى باقيه ) الذي كان له قديما لأن عتقه عليه باعترافه بأن كان حرا ( ولا يثبت له عليه ولاء لأنه لا يدعي إعتاقه بل يعترف أن المعتق غيره وإنما هو مخلص له ممن هو في يده ظلما فهو كمخلص الأسير من أيدي الكفار ) .
1748 - ـ مسألة : ( وإن ادعى كل واحد من الموسرين أنه أعتقه تحالفا وكان ولاؤه بينهما ) وقد ذكرنا فيما سبق أنه لا ولاء لواحد من الشريكين الموسرين لأن كل واحد منهما يقول لشريكه : أنت المعتق والولاء لك لا حق لي فيه فإن عاد كل واحد منهما فادعى أنه المعتق وأن الولاء له ثبت لهما الولاء لأنه لا مستحق له سواهما وإنما لم يثبت لواحد منهما لإنكاره فإذا اعترف به زال الإنكار فثبت له فعند ذلك يتحالفان ويكون الولاء بينهما كما لو تنازعا في شئ في أيديهما ولا بينة لأحدهما فإنه يكون بينهما .
1749 - ـ مسألة : ( وإن قال السيد لعبده إن برئت من مرضي هذا فأنت حر وإن قتلت فأنت حر فادعى العبد برءه أو قتله وأنكرت الورثة فالقول قولهم ) لأن الأصل معهم .
1750 - ـ مسألة : ( وإن أقام كل واحد منهم بينة بقوله عتق العبد لأن بينته تشهد بزيادة ) لأنها مثبتة وبينتهم نافية والإثبات مقدم على النفي في أحد الوجهين وفي الآخر تتعارض البينتان ويبقى العبد رقيقا لأن كل واحدة منهما تثبت ما شهدت به وتنفي ما شهدت به الأخرى فهما سواء .
1751 - ـ مسألة : ( ولو مات رجل وخلف ابنين وعبدين متساويي القيمة لا مال له سواهما فأقر الابنان أنه أعتق أحدهما في مرضه عتق ثلثاه إن لم يجيزا عتقه كله ) ولأن ثلثيه ثلث جميع المال فإنه لو كانت قيمتهما ستمائة كل واحد منهما ثلاثمائة كان ثلثها مائتين وهي ثلثا العبد فإن أجازا عتق جميعه لأن الحق لهما إن شاءا أخذاه وإن شاءا تركاه .
1752 - ـ مسألة : ( وإن قال أحدهما : أبي أعتق هذا وقال الآخر : بل هذا عتق ثلث كل واحد منهما فكان لكل ابن سدس الذي اعترف بعتقه ونصف الآخر ) لأن كل واحد من الابنين إذا عين واحدا صار مدعيا أنه أعتق منه ثلثاه وأنه لم يبق منه على الرق إلا ثلثه ميراثا بينهما لكل واحد منهما سدسه وإن الآخر كله رقيق لكل واحد منهما نصفه فيعمل بقول كل واحد منهما في توريثه منهما فيصير له سدس العبد الذي اعترف بعتقه ونصف الآخر ويصير ثلث كل واحد من العبدين حرا لأن كل واحد من الابنين نصف العبدين فقبل قوله في نصيبه فعتق ثلث نصيبة من العبدين وجمعناه في العبد الذي اعترف بعتقه وذلك ثلثه .
1753 - ـ مسألة : ( وإن قال الثاني : أبي أعتق أحدهما لا أدري من منهما أقرع بينهما وقامت القرعة مقام تعيينه ) يعني إذا عين أحدهما عبدا وقال الآخر لا أدري من منهما فإنا نقرع بينهما فإن وقعت القرعة على الذي عينه أخوه صارا كأنهما عيناه ويعتق ثلثاه إلا أن يجيزا عتقه كله وإن وقعت على الآخر صار كأنه عينه وعين أخوه الآخر يعتق من كل واحد ثلثه ويبقى له السدس في الذي عينه ونصف الآخر على ما سبق لأن القرعة قامت مقام التعيين عند الإشكال والالتباس