فصل .
1685 - ـ مسألة : ( وما تركه الكفار فزعا وهربوا لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب أو أخذ منهم بغير قتال فهو فيء يصرف في مصالح المسلمين ) والفيء هو الراجع للمسلمين من مال الكفار يقال فاء الفيء إذا رجع نحو المشرق والإيجاف أصله التحريك والمراد ها هنا الحركة في السير قال قتادة : { فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب } 'سورة الحشر : الآية 6' : ما قطعتم واديا ولا سرتم إليها إنما كانت حوائط بني النضير أطعمها الله رسوله A فيصرف ذلك في مصالح المسلمين وروي عن عمر Bه أنه قرأ قوله تعالى : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } - حتى بلغ - { عليم حكيم } ' سورة التوبة : الآية 60' ثم قال : هذه لهؤلاء ثم قرأ { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول } - حتى بلغ - { وابن السبيل } 'سورة الأنفال : الآية 41 ' ثم قال : هذه لهؤلاء ثم قرأ { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى } - حتى بلغ - { والذين جاؤوا من بعدهم } 'سورة الحشر : الآية 7' ثم قال : هذه استوعبت المسلمين عامة واختلفت الرواية عن أحمد في الفيء هل يخمس أو لا ؟ فروي عنه أنه يخمس اختارها الخرقي وعنه لا يخمس وهو قول عامتهم لأن الله سبحانه قال : { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى } - إلى قوله - { والذين جاؤوا من بعدهم } 'سورة الحشر : الآية 7' فجعله كله لهم ولم يذكر خمسا ولما قرأها عمر قال : هذه استوعبت المسلمين ووجه الأولى قوله سبحانه : { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل } 'سورة الحشر : الآية 7' وظاهر هذا أن جميعه لهؤلاء الأصناف وهم أهل الخمس وجاءت الأخبار عن عمر وغيره دالة على اشتراك جميع المسلمين فيه فوجب الجمع بينهما كيلا تتناقض الآية والأخبار وتتعارض وفي إيجاب الخمس فيه جمع بينهما وتوفيق فإن خمسه لمن سمي في الآية وسائره مصروف إلى من في الحرب كالغنيمة ولأنه مال مشترك مظهور عليه فوجب أن يخمس كالغنيمة والركاز .
1686 - ـ مسألة : ( ومن وجد كافرا ضالا عن الطريق أو غيره في دار الإسلام فأخذه فهو له ) في إحدى الروايتين لأنه وجده في دار الإسلام فأشبه المباحات والصيد واللقطة والأخرى يكون فيئا لأنه لم يوجف عليه وهو من مال الكفار فأشبه ما لو أخذ من دراهم .
1687 - ـ مسألة : ( وإن دخل قوم لا منعة لهم أرض الحرب متلصصين بغير إذن الإمام فما أخذوه فهو لهم بعد الخمس ) وفي هذه المسألة ثلاث روايات : إحداهن أن غنيمتهم كغنيمة غيرهم يخمسها الإمام ويقسم الباقي بينهم وهو قول أكثرهم لقوله تعالى : { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } 'سورة الأنفال : الآية 41' الآية وبالقياس على ما إذا دخلوا بإذن الإمام والثانية هو لهم من غير أن يخمس وهو قول أبي حنيفة لأنه اكتساب مباح من غير جهاد أشبه الاحتطاب فإن الجهاد إنما يكون بإذن الإمام أو من طائفة لهم منعة فأما هذا فتلصص وسرقة ومجرد اكتساب والثالثة أنه فيء لا حق لهم فيه لأنهم عصاة بفعلهم فلم يكن لهم فيه حق والأولى أولى قال الأوزاعي : لما نقل عمر بن عبد العزيز الجيش الذي كانوا مع مسلمة كسر مركب بعضهم فأخذ المشركون ناسا من القبط فكانوا خداما لهم فخرجوا يوما إلى عيد لهم وخلفوا القبط في مركبهم وشرب الآخرون فرفع القبط القلع وفي المركب متاع الآخرين وسلاحهم فلم يضعوا قلعهم حتى أتوا بيروت فكتب في ذلك إلى عمر بن عبد العزيز فكتب عمر : نفلوهم القلع وكل شئ جاءوا به إلا الخمس رواه سعيد والأثرم وكذا إن كانت الطائفة ذات منعة في إحدى الروايتين وفي الأخرى لا شئ لهم