باب الحضانة .
( وأحق الناس بحضانة الطفل أمه ) إذا افترق الزوجان وبينهما ولد فأمه أحق بحضانته إذا كملت الشرائط فيها لا نعلم فيه خلافا [ لقوله عليه السلام : أنت أحق به ما لم تنكحي ] ولأنها أقرب إليه وأشفق عليه ولا يشاركها في ذلك إلا أبوه وليس له مثل شفقتها وإنما يتولى الحضانة النساء دون الرجال وروي أن أبا بكر الصديق Bه حكم على عمر بن الخطاب وقضى بعاصم لأمه أم عاصم وقال : حجرها وريحها ومسها خير له منك حتى يشب فيختار رواه سعيد وقال : ريحها وشمها ولفظها خير له منك .
1315 - ـ مسأله : ( ثم أمهاتها وإن علون ) الأقرب فالأقرب لأنهن نساء ولادتهن متحققة فهن في معنى الأم وعنه رواية أخرى أن أم الأب تقدم على أم الأم لأنها تدلي بعصبة فعلى هذه الرواية يكون الأب أولى بالتقديم لأنهن يدلين به فيكون الأب بعد الأم ثم أمهاته والأولى هي المشهورة وأن المقدم الأم ثم أمهاتها وإن علون ( ثم الأب ثم أمهاته ثم الجد ثم أمهاته ) ثم جد الأب ثم أمهاته وإن لم يكن وارثات لأنهن يدلين بعصبة من أهل الحضانة بخلاف أم أبي الأم فإنها لا حق لها لأنها تدلي بمن ليس له حق منهما .
1316 - ـ مسألة : ( ثم الأخت من الأبوين ) لأنها أقرب ( ثم الأخت من الأب ) لأنها تليها في الميراث ( ثم التي من الأم ) فلو اجتمعت مع أخيها قدمت على الأخ في الحضانة لأنها امرأة من أهل الحضانة فقدمت على من في درجتها من الرجال كتقدم الأم على الأب لأنها تلي الحضانة بنفسها والرجل لا يليها بنفسه .
1317 - ـ مسألة : ( فإذا انقرض الأخوات ( فبعدهن الخالات ) لأنهن أخوات الأم فتقدم الخالة من الأبوين ثم الخالة من الأب ثم من الأم كالأخوات ويقدمن على الأخوال لأنهن نساء من أهل الحضانة كما تقدم الأخت على أخيها ( ثم ) بعد الخالات ( العمات ) لأنهن أخوات الأب فتقدم التي من الأبوين على التي من الأب ثم التي من الأم كما قلنا في الخالات ويقدمن على الأعمام لأنهن نساء من أهل الحضانة كما قلنا في تقديم الخالات على الأخوال وعلى الرواية التي تقول بتقديم أم الأب على أم الأم ينبغي أن تقدم العمات على الخالات لأنهن يدلين بالأب وهو عصبة فهن أولى من الخالات .
1318 - ـ مسألة : ( ثم الأقرب فالأقرب من النساء ) إذا انقرض العمات انتقلت الحضانة إلى خالات الأم لأنهن أخوات أمها وعلى الرواية الأخرى تنتقل إلى خالات الأب لأنهن أخوات أم الأب فيقدمن لأنهن نساء من أهل الحضانة ولأنهن يدلين بعصبة وهو الأب فإذا انقرض النساء فالحضانة للعصبات من الرجال وأولاهم الأب ثم الجد أبو الأب وإن علا ثم الأخ للأبوين ثم الأخ للأب ثم بنوهم وإن سفلوا ثم العم للأبوين ثم العم للأب على حسب تقديمهم في الميراث .
1319 - ـ مسألة : ( ولا حضانة لرقيق ) لعجزه عنها بخدمة سيده ( ولا لفاسق ) لأنه لا يوفي الحضانة حقها ولا حظ للولد في حضانته لأنه ينشأ على طريقته .
1320 - ـ مسألة : ( ولا حضانة لامرأة مزوجة لأجنبي من الطفل ) لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص [ أن امرأة قالت : يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء وإن أباه طلقني وأراد أن ينزعه مني فقال رسول الله A : أنت أحق به ما لم تنكحي ] رواه أبو داود ولأنها تشتغل بالاستمتاع عن الحضانة فإذا زوجت المرأة بمن هو من أهل الحضانة كالجدة المزوجة بالجد لم تسقط حضانتها لأن كل واحد منهما له الحضانة منفردا فمع اجتماعهما أولى ولأن النبي A جعل بنت حمزة عند خالتها لما كانت مزوجة بجعفر ابن عمتها إذ كانت من أهل الحضانة لكونه عصبة .
1321 - ـ مسألة : ( فإذا زالت الموانع منهم ) مثل إن طلقت المزوجة أو عتق الرقيق أو أسلم الكافر أو عدل الفاسق ( عاد حقهم من الحضانة ) لأنه زال المانع فثبت الحكم بالسبب الخالي من المانع .
1323 - ـ مسألة : ( وإذا بلغ الغلام سبع سنين خير بين أبويه فكان عند من اختار منهما ) لما روى أبو هريرة [ أن رسول الله A خير غلاما بين أبيه وأمه ] رواه سعيد وروى أبو داود عن أبي هريرة قال : [ جاءت امرأة إلى رسول الله A فقالت : يا رسول الله إن زوجي يريد أن يذهب بابني وقد سقاني من بئر أبي عتبة وقد نفعني فقال له النبي A : هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت فأخذ بيد أمه فانطلقت به ] ولأنه إجماع الصحابة وروي عن عمر أنه خير غلاما بين أبيه وأمه رواه سعيد وعن عمارة الحرير قال : خيرني علي بين أمي وأبي وكنت ابن سبع سنين أو ثمان وروي نحو ذلك عن أبي هريرة وهذه قصص في مظنة الشهرة ولم تنكر فكانت إجماعا .
1323 - ـ مسألة : ( وإذا بلغت الجارية سبعا فأبوها أحق بها ) لأن الغرض بالحضانة الحظ للجارية في الكون عند أبيها لأنها تحتاج إلى الحفظ والأب أولى بذلك فإن الأم تحتاج إلى من يحفظها ويصونها ولأن الجارية إذا بلغت السبع فقد قاربت الصلاح للتزويج و [ قد تزوج النبي A عائشة وهي بنت سبع ] وإنما تخطب الجارية من أبيها لأنه المالك لتزويجها وهو أعلم بالكفاءة وأقدر على البحث فيقدم على غيره كما يقدم في العقد .
1324 - ـ مسألة : ( وعلى الأب أن يسترضع لولده ) لأن نفقته عليه واجبة فكذلك رضاعه ( إلا أن تشاء الأم أن ترضعه بأجر مثلها فتكون أحق به من غيرها سواء كانت في حبال الزوج أو مطلقة ) لأنها أقرب إليه وأشفق عليه ولا نعلم في ذلك خلافا وقد قال سبحانه : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } 'سورة البقرة : الآية 233' فقدمهن على غيرهن وقال سبحانه : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } ' سورة الطلاق : الآية 6 ' .
1325 - ـ مسألة : ( فإن لم يكن للصبي أب ولا مال فعلى ورثته أجرة رضاعه على قدر ميراثهم منه ) لأن الله سبحانه قال : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن } - إلى قوله - { وعلى الوارث مثل ذلك } 'سورة البقرة : الآية 223' فأوجب على الوارث أجرة الرضاع وتكون واجبة عليهم على قدر ميراثهم منه لأن الله سبحانه رتب النفقة على الإرث بقوله : { وعلى الوارث مثل ذلك } ' سورة البقرة : الآية 223' فيجب أن تترتب في المقدار عليه فإذا كان للصبي أم وجد فعلى الأم الثلث والباقي على الجد وإن كان له جد وأخ فعلى الجد السدس والباقي على الأخ كالنفقه سواء ولو كان له أب كان الجميع عليه لقوله سبحانه : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } 'سورة الطلاق : الآية 6' فجعل أجرة الرضاع عليه دونها وقال لهند : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف