باب صريح الطلاق وكنايته .
( صريحه لفظ الطلاق وما تصرف منه كقوله أنت طالقة أو مطلقة أو طلقتك فمتى أتى به طلقت وإن لم ينوه ) لأنه موضوع له على الخصوص ثبت له عرف الشرع والاستعمال .
1244 - ـ مسألة : ( وما عداه مما يحتمل الطلاق فكناية لا يقع به الطلاق إلا أن ينويه فلو قيل له ألك امرأة ؟ فقال : لا ينوي الكذب لم تطلق ) لأن قوله ما لي امرأة كناية تفتقر إلى نية الطلاق وإذا نوى الكذب فما نوى الطلاق فلم يقع ( وإن قال : طلقتها طلقت وإن نوى الكذب ) لأنه أتى بالصريح الذي لا يحتمل غير الطلاق .
1245 - ـ مسألة : ( وإن قال لامرأته أنت خلية أو برية أو بائن أو بتة أو بتلة ينوي طلاقها طلقت ثلاثا إلا أن ينوي دونها ) في هذه الألفاظ في المذهب روايتان : الأولى هي ثلاث وإن نوى واحدة لأن ذلك يروى عن علي وابن عمر وزيد ولم ينقل خلافهم فكان إجماعا ولأنه لفظ يقتضي البينونة بالطلاق فوقع ثلاثا كما لو طلق ثلاثا واقتضاؤه البينونة ظاهر في قوله أنت بائن وكذلك البتة لأن البت القطع كأنه قطع النكاح كله وبتلة مثله والخلية والبرية يقتضيان الخلو من النكاح والبراءة منه ولا سبيل إلى البينونة بدون الثلاث ولا يمكن إيقاع واحدة بائن لأنه لا يقدر على ذلك بالصريح من غير عوض فكذلك الكناية والثانية يقع ما نواه اختاره أبو الخطاب لما روى أبو داود [ أن ركانة طلق امرأته سهمة البتة فأخبر النبي A بذلك وقال : والله ما أردت إلا واحدة فقال رسول الله A : والله ما أردت إلا واحدة ؟ فقال ركانة : والله ما أردت إلا واحدة فردها إليه رسول الله A ] إلا أن أحمد ضعفه وروى عنه حنبل رواية ثالثة تقع واحدة بائنة لأنه لفظ أقتضى البينونة دون العدد فوقعت واحدة بائنة كالخلع وذكر أصحابنا من جملة هذه الألفاظ : أنت للحرج والحقي بأهلك وحبلك على غاربك وأنت حرة ولم يذكرها شيخنا ها هنا أما قوله أنت الحرج وأنت حرة فقال شيخنا : لم يذكرهما لأنه مختلف فيهما ولم يذكرهما الخرقي في الظاهر ولم يعرف فيهما دليلا ظاهرا فتركناهما لذلك و [ أما الحقي بأهلك فإن النبي A قال لامرأة تزوجها : الحقي بأهلك ] ولم يكن النبي A ليطلق ثلاثا فإن طلاق الثلاث محرم أو مكروه ولم يكن النبي A يفعل المحرم ولا المكروه وقد ذكر الأثرم هذا للإمام أحمد فسكت ولم يجب والظاهر أنه رجع عن قوله إلى حديث النبي A ولأنه قوله : إلحقي بأهلك لا يقتضي لفظ الثلاث ولا معناه فإنها قد تلحق بأهلها بطلقة واحدة وأما قوله حبلك على غاربك فلا نعلم فيه دليلا على الثلاث ولا في لفظها ما يقتضيه فهو كقوله : الحقي بأهلك .
1246 - ـ مسألة : ( وما عدا هذا يقع به واحدة ) يعني الكنايات الخفية نحو اخرجي واذهبي وذوقي وتجرعي وخليتك وأنت مخلاة وأنت واحدة ولست لي بامرأة واعتدي واستبرئي واعتزلي واختاري ووهبتك لأهلك وسائر ما يدل على الفرقة فهذا يقع به .
واحدة لأنها اليقين ( إلا أن ينوي ثلاثا ) لأنه محتمل .
1247 - ـ مسألة : ( وإن خير امرأته فاختارت نفسها طلقت واحدة ) لأنه إجماع الصحابة Bهم فروي عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود وجابر وعبد الله بن عمر وعائشة [ أنهم قالوا في الخيار : إن اختارت نفسها فهي واحدة وهو أحق بها ] رواه البخاري عنهم بأسانيده ولأن قوله اختاري تفويض مطلق فيتناول أقل ما يقع عليه الاسم وذلك طلقة واحدة ولا يجوز أن يكون بائنا لأنها بغير عوض لم يكمل بها العدد بعد الدخول فأشبه ما لو طلقها واحدة .
1248 - ـ مسألة : ( وإن لم تختر أو اختارت زوجها لم يقع شئ قالت عائشة Bها : قد خيرنا رسول الله A أفكان طلاقا ؟ ) .
1249 - ـ مسألة : ( وليس لها أن تختار إلا في المجلس ) وذلك أن أكثر أهل العلم على أن التخيير على الفور روي ذلك عن عمر وعثمان وابن مسعود وجابر ولم يعرف لهم مخالف فكان إجماعا .
1250 - ـ مسألة : ( إلا أن يجعله لها فيما بعد المجلس ) فيجوز لأن الحق له و [ لأن النبي A قال لعائشة لما خيرها : إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك ] فجعل لها الخيار على التراخي فأما من أطلق الخيار فهو مقصور على المجلس قال الإمام أحمد C : الخيار على مخاطبة الكلام أن تجاوبه ويجاوبها إنما هو جواب كلام إن أجابته من ساعته وإلا فلا شئ .
1251 - ـ مسألة : ( وإن قال لها أمرك بيدك أو طلقي نفسك فهو في يدها ما لم يفسخ أو يطأ ) متى قال لزوجته أمرك في يدك فلها أن تطلق نفسها ثلاثا وإن نوى واحدة قاله عثمان وابن عمر وابن عباس وعلي Bهم قال القاضي : وقد نقل عن الإمام أحمد ما يدل على أنه إذا نوى واحدة فهي واحدة لأنه نوع تخيير فرجع إلى نيته فيه كقوله اختاري ودليل الأولى أنه لفظ يقتضي العموم في جميع أمرها لأنه اسم جنس مضاف فيتناول الثلاث كما لو قال طلقي نفسك ما شئت ويقبل قوله أردت واحدة لأنه خلاف ما يقتضيه اللفظ وهو في يدها ما لم يفسخ أو يطأ لما روي عن علي في رجل جعل أمر امرأته بيدها قال : هو لها حتى ينكل ولأنه توكيل في الطلاق فكان على التراخي كما لو قال لأجنبي : أمر امرأتي بيدك وفارق قوله اختاري فإنه تخيير فإن رجع الزوج فيما جعل إليها أو قال : فسخت ما جعلت إليك بطل لأنه توكيل فأشبه التوكيل في البيع وإن وطئها قبل اختيارها نفسها كان رجوعا لأنه نوع توكيل والتصرف فيما وكل فيه يبطل الوكالة كذا ها هنا تصرفه بالوطء يبطل وكالته