باب ولاية النكاح .
( لا نكاح إلا بولي ) لما روت عائشة [ أن النبي A قال : لا نكاح إلا بولي ] قال الإمام أحمد : هذا حديث صحيح وعنه أن للمرأة تزويج معتقها وأمتها فيخرج منه صحة تزويج نفسها بإذن وليها وتزويج غيرها بالوكالة لما روت عائشة [ عن النبي A أنه قال : أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل فإن أصابها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ] رواه أبو داود والترمذي فمفهومه صحته بإذنه ولأن المنع لحقه فجاز بإذنه كنكاح العبد والأول المذهب لعموم الخبر ولأن المرأة غير مأمونة على البضع لنقص عقلها وسرعة انخداعها فلم يجز تفويضه إليها كالمبذر في المال بخلاف العبد فإن المنع لحق الولي خاصة وإنما ذكر تزويجها بغير إذن وليها لأنه الغالب إذ لو رضي لكان هو المباشر له دونها .
1098 - ـ مسألة : ( ولا ينعقد إلا بشاهدين من المسلمين ) لما روي [ عن النبي A أنه قال : لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ] رواه أبو بكر الخلال وابن بطة بإسنادهما وروى الدارقطني عن عائشة [ عن النبي A قال : لا بد في النكاح من أربعة : الولي والزوج والشاهدان ] ولأنه يتعلق به حق لغير المتعاقدين - وهو الولد - فأشترطت فيه الشهادة لئلا يتجاحداه فيضيع نسبه وتشترط في الشهود شروط : منها العدالة لقوله عليه السلام : لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ومنها أن يكونا ذكرين لما روى أبو عبيدة في كتاب الأموال عن الزهري أنه قال : مضت السنة أنه لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في النكات ولا في الطلاق ومنها البلوغ لأن الصبي لا شهادة له ومنها العقل لأن المجنون والطفل ليسا من أهل الشهادة .
1099 - ـ مسألة : ( وأولى الناس بتزويج المرأة الحرة أبوها ) لأنه أشفق عصباتها ويلي ما لها عند تمام رشدها ( ثم أبوه وإن علا ) لأنه أب ( ثم ابنها ثم ابنه وإن نزل ) لأنه عدل من عصباتها فيلي نكاحها كأبيها وقدم على سائر العصبات لأنه أقربهم نسبا وأقواهم تعصيبا فقدم كالأب ثم أخوها لأبويها ثم لأبيها لأن الأخ من الأبوين مقدم على الأخ من الأب في الميراث فكذلك في الولاية وعنه يقدم الابن على الجد لأنه أقوى تعصيبا منه وعنه التسوية بين الأخ والجد لاستوائهما في الإرث بالتعصيب وعنه يقدم الأخ على الجد لأنه يدلي ببنوة الأب والبنوة أقوى والمذهب الأول لأن الجد له التقدم إيلادا وتعصيبا فقدم عليه كالأب ثم بنو الأخ وإن نزلوا ثم العم ثم ابنه ( ثم الأقرب فالأقرب من العصبات ) على ترتيب الميراث لأن الولاية لدفع العار عن النسب والنسب في العصبات وقدم الأقرب فالأقرب لأنه أقوى فقدم كتقديمه في الإرث ولأنه أشفق فيقدم كالأب ( ثم السلطان ) لقول النبي A : فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له .
1100 - ـ مسألة : ( ووكيل كل واحد من هؤلاء يقوم مقامه ) وإن كان حاضرا لأن النبي A وكل أبا رافع في تزويجه ميمونة وعمرو بن أمية في تزويجه أم حبيبة ولأنه عقد معاوضة فجاز التوكيل فيه كالبيع .
1101 - ـ مسألة : ( ولا يصح تزويج الأبعد مع وجود أقرب منه ) لأنه نكاح لم تثبت أحكامه من الطلاق والخلع والتوارث فلم ينعقد كنكاح المعتدة وعنه أنه موقوف على إجازة من له الإذن فإن أجازه جاز وإلا بطل لما ذكرناه في تصرف الفضولي في البيع ولما روى ابن ماجه [ أن جارية بكرا أتت النبي A فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي A ] رواه أبو داود وقال : حديث مرسل رواه إلياس عن عكرمة عن النبي A ولم يذكروا ابن عباس .
1102 - ـ مسألة : ( إلا أن يكون صبيا أو زائل العقل أو مخالفا لدينها أو عاضلا لها أو غائبا غيبة بعيدة ) يعني إن كان القريب على صفة من هذه الصفات زوج البعيد أما الصبي فلا تصح ولايته لأن الولاية يعتبر لها كمال الحال لأنها تفيد التصرف في حق الغير فاعتبرت نظرا له والصبي مولى عليه فهو كالمرأة وعنه لا يشترط البلوغ في الولي قال الإمام أحمد : إذا بلغ عشرا زوج وتزوج وطلق ووجهه أنه يصح بيعه ووصيته فتثبت ولايته كالبالغ وأما المجنون فليس من أهل الولاية وهو أيضا مولى عليه فلا يكون وليا كالطفل وأما المخالف لدينها فإن كانت مسلمة وهو كافر فلا ولاية له عليها لقوله تعالى : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } 'سورة التوبة : الآية 71 ' وإن كانت كافرة وهو مسلم فلا ولاية له عليها لقوله تعالى : { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } ' سورة الأنفال : الآية 73 ' إلا سيد الأمة فإنه يلي نكاحها لكونه مالكها أو ولي سيدها إذا كان سيدها صغيرا وفي تزويجها مصلحة أو السلطان فإنه يزوجها لأنه يقوم مقامها وأما إذا عضلها القريب جاز للبعيد تزويجها لأنه تعذر التزويج من جهة الأقرب فوليها الأبعد كما لو فسق وعنه يزوج الحاكم لقول النبي A : فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له والأول أولى والحديث دليل على أن السلطان يزوج من لا ولي لها وهذه لها ولي وإن غاب القريب غيبة بعيدة زوج الأبعد لما ذكرناه والغيبة البعيدة ما لا يقطع إلا بكلفة ومشقة في المنصوص والمرجع في هذا إلى العرف وما جرت العادة بالانتظار فيه والمراجعة لصاحبه لعدم التحديد فيه من الشارع وقال أبو الخطاب : يحتمل أن يحدها بما تقصر فيه الصلاة لأن الإمام أحمد قال : إذا كان الأب بعيد السفر يزوج الأخ والسفر البعيد في الشرع ما علق عليه رخص السفر .
1103 - ـ مسألة : ( ولا ولاية لأحد على مخالف لدينه إلا المسلم إذا كان سلطانا أو سيد أمة ) لما سبق