فصل : ( وللأب تزويج أولاده الصغار ذكورهم وإناثهم ) أما الذكور فلما روي عن عمر أنه زوج ابنه وهو صغير فاختصموا إلى زيد فأجازاه جميعا رواه الأثرم ولأنه يتصرف في ماله بغير تولية فملك تزويجه كابنته الصغيرة وسواء كان عاقلا أو معتوها لأنه إذا ملك تزويج العاقل فالمعتوه أولى وأما تزويجه للإناث فإن ( للأب تزويج ابنته الصغيرة البكر ) بغير خلاف لأن الله سبحانه قال : { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } 'سورة الطلاق : الآية 4 ' فجعل للائي لم يحضن عده ثلاثه أشهر ولا تكون العدة ثلاثة أشهر إلا من طلاق في نكاح فدل على أنها تزوج وتطلق ولا إذن لها فتعتبر وزوج أبو بكر عائشة Bها للنبي A وهي ابنة ست ولم يستأذنها متفق عليه وروى الأثرم أن قدامة بن مظعون تزوج ابنة الزبير حين نفست فقيل له فقال : ابنة الزبير إن مت ورثتني وإن عشت كانت امرأتي فأما البكر البالغ ففيها روايتان : إحداهما له إجبارها لما روى ابن عباس قال : [ قال رسول الله A : الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر وإذنها صماتها ] وإثباته الحق للأيم على الخصوص يدل على نفيه عن البكر والرواية الأخرى لا يجوز تزويجها إلا بإذنها لقوله A : [ لا تنكح البكر حتى تستأذن قيل : يا رسول الله فكيف إذنها ؟ قال : أن تسكت ] متفق عليه وعنه لا يجوز تزويج ابنة تسع إلا بإذنها [ لقوله عليه السلام : تستأمر اليتيمة في نفسها فإن سكتت فهو إذنها وإن أبت فلا جواز عليها ] رواه أبو داود واليتيمة من لم تبلغ وقد جعل لها إذنا وقد انتفى الإذن في حق من لم تبلغ تسعا بالاتفاق فيجب العمل به في حق بنت تسع لأن عائشة قالت : [ إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة ] رواه الإمام أحمد في المسند ومعناه في حكم المرأة في الإذن والأحكام وروي مرفوعا إلى النبي A ولأنها تصلح بذلك للنكاح وتحتاج إليه فإشبهت البالغة فأما الثيب الصغيرة فهل له تزويجها ؟ على وجهين : أحدهما لا يجوز لعموم الأحاديث والآخر يجوز لأنها ولد صغير أشبهت الغلام .
1104 - ـ مسألة : ( ويستحب له استئذان البكر البالغة ) [ لقوله عليه السلام : لا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا : يا رسول الله فكيف إذنها ؟ قال : أن تسكت ] متفق عليه .
1105 - ـ مسألة : ( وليس له تزويج البالغ من بنيه وبناته الثيب إلا بإذنهم ) لعموم قوله : [ الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر وإذنها صماتها ] فدل على اعتبار إذنها وأما الذكر من بنيه البالغ فليس له تزويجه بغير إذنه لأنه ذكر بالغ فلا يجوز توليه تزويجه بغير إذنه كغير الأب .
1106 - ـ مسألة : ( وليس لسائر الأولياء تزويج صغير ) لأنه لا ولاية لهم على ماله فكذلك نكاحه .
وأما الصغيرة ففيها ثلاث روايات : إحداهن ليس لهم تزويجها بحال لما روي [ أن قدامه بن مظعون زوج ابنة أخيه من عبد الله بن عمر فرفع ذلك إلى النبي A فقال : إنها يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها ] والصغيرة لا إذن لها والثانية لهم تزويجها ولها الخيار إذا بلغت لما روت عائشة [ أن جارية بكرا زوجها أبوها وهي كارهة فخيرها النبي A ] رواه أبو داود وقال : حديث مرسل والثالثة لهم تزويجها إذا بلغت تسع سنين بإذنها ولا يجوز قبل ذلك [ لقول النبي A : تستأمر البكر في نفسها فإن سكتت فهو إذنها وإن أبت فلا جواز عليها ] رواه أبو داود .
1107 - ـ مسألة : ( وليس لهم تزويج كبيرة إلا بإذنها ) [ لقوله عليه السلام : الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر ] .
1108 - ـ مسألة : ( وإذن الثيب الكلام وإذن البكر الصمات ) لما روى عدي الكندي عن رسول الله A [ أنه قال : الثيب تعرب عن نفسها والبكر رضاها صماتها ] رواه الأثرم ولا فرق بين الثيوبة بوطء مباح أو محرم لشمول اللفظ لهما جميعا .
1109 - ـ مسألة : ( وليس لولي امرأة تزويجها بغير كفء ) بغير رضاها وهل له تزويجها برضاها بغير كفء ؟ فيه روايتان : إحداهما لا يصح لما روى الدارقطني بإسناده عن جابر [ عن النبي A قال : لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء ولا يزوجهن إلا الأولياء ] وقال عمر : لأمنعن فروج ذوي الأحساب إلا من الأكفاء ولأنه تصرف يتضرر به من لم يرض به فلم يصح كما لو زوجها وليها بغير رضاها والثانية يصح لأن النبي A زوج مولاه زيدا ابنة عمته زينب بنت جحش وزوج ابنه أسامة فاطمة بنت قيس الفهرية القرشية و [ قالت عائشة : إن أبا حذيفة تبنى سالما وأنكحه ابنة أخيه هندا بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة ] أخرجه البخاري لكن إن لم ترض المرأة أو لم يرض بعض الأولياء ففيه روايتان إحداهما العقد باطل لأن الكفاءة حقهم تصرف فيه بغير رضاهم فلم يصح كتصرف الفضولي والثانية يصح ولمن لم يرض الفسخ سواء كانوا متساويين في الدرجة أو متفاوتين فيزوج الأقرب فلو زوج الأب بغير الكفء فرضيت الثيب كان للإخوة الفسخ ولأنه ولي في حال يلحقه العار بفقد الكفاءة فملك الفسخ كالمتساويين .
1110 - ـ مسألة : ( والعرب بعضهم لبعض أكفاء ) وسائر الناس بعضهم لبعض أكفاء لأن المقداد بن الأسود الكندي تزوج ضباعة بنت الزبير عم رسول A وزوج أبو بكر أخته للأشعث بن قيس الكندي وزوج علي ابنته أم كلثوم عمر بن الخطاب Bهما .
1111 - ـ مسألة : ( وليس العبد كفئا لحرة ) [ لأن النبي A خير بريرة حين عتقت تحت العبد ] فإذا ثبت الخيار بالحرية الطارئة فبالسابقة أولى ولأن فيه نقصا في النصيب والاستمتاع والإنفاق ويلحق به العار فأشبه عدم المنصب وعنه ليست الحرية شرطا [ لأن النبي A قال لبريرة حين عتقت تحت عبد فاختارت فرقته : لو راجعتيه قالت : أتأمرني يا رسول الله ؟ قال : لا إنما أنا شفيع ] ومراجعتها له ابتداء نكاح عبد لحرة .
1112 - ـ مسألة : ( ولا الفاجر كفئا لعفيفة ) لقول الله سبحانه وتعالى : { أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون } ' سورة السجدة : الآية 18' ولأن الفاسق مرذول مردود الشهادة والرواية غير مأمون على النفس والمال مسلوب الولايات ناقص عند الله سبحانه وعند خلقه فلا يجوز أن يكون كفئا للعفيفة ولا مساويا لها .
1113 - ـ مسألة : ( ومن أراد أن ينكح امرأة هو وليها فله أن يتزوجها من نفسه بإذنها ) لما روي عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال لأم حكيم ابنة قارظ : أتجعلين أمرك إلي ؟ قالت : نعم فقال : قد تزوجتك ولأنه صدر الإيجاب من الولي والقبول من الأهل فصح كما لو زوج الرجل عبده الصغير من أمته وعنه لا يجوز حتى يوكل غيره في أحد الطرفين لما روي أن المغيرة بن شعبة أمر رجلا يزوجه امرأة المغيرة أولى بها منه ولأنه وليها فجاز أن يتزوجها من وكيله كالإمام .
1114 - ـ مسألة : ( وإن زوج أمته عبده الصغير جاز أن يتولى طرفي العقد ) وكذلك ولي المرأة مثل ابن العم والمولى والحاكم إذا أذنت له في نكاحها لحديث عبد الرحمن بن عوف .
1115 - ـ مسألة : ( وإذا قال لأمته أعتقتك وجعلت عتقك صداقك بحضرة شاهدين ثبت العتق والنكاح ) لما روى أنس [ أن النبي A أعتق صفية وجعل عتقها صداقها ] متفق عليه