باب التدبير .
( وإذا قال لعبده : أنت حر بعد موتي أو قد دبرتك أو أنت مدبر صار مدبرا يعتق بموت سيده إن حمله الثلث ) والأصل فيه ما روى جابر عن النبي A [ أن رجلا أعتق مملوكا عن دبر فاحتاج فقال رسول الله A : من يشتريه مني ؟ فباعه من نعيم بن عبد الله بثمان مائة درهم فدفعها إلى الرجل وقال : أنت أحوج ] متفق عليه وقال ابن المنذر : أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن من دبر عبده أو أمته ولم يرجع عن ذلك حتى مات - والمدبر يخرج من ثلث ماله بعد قضاء دين إن كان عليه دين وإنفاذ وصاياه إن كان وصى وكان السيد بالغا جائز الأمر - أن الحرية تجب له أو لها ويعتبر من الثلث لأنه تبرع بالمال بعد الموت فهو كالوصية ونقل عنه حنبل أنه من رأس المال وليس عليه عمل وذكر أبو بكر أنه كان قولا قديما رجع عنه ( ولا يعتق ما زاد على الثلث إلا بإجازة الورثة ) لأنه حقهم فلا يجوز بغير إجازتهم .
1048 - ـ مسألة : ( ولسيده بيعه ) لخبر جابر ( ويجوز هبته ) لأنها كالبيع ( ويجوز وطء الجارية ) المدبرة لأنها مملوكته وقد قال سبحانه : { إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم } 'سورة المؤمنون : الآية 6' ولأن ثبوت العتق لها بالموت لا يمنع من وطئها كأم الولد .
1049 - ـ مسألة : ( فإن باعه ثم عاد إليه عاد التدبير ) لأنه علق عتقه بصفة فإذا باعه ثم اشتراه عادت الصفة كما لو قال : إن دخلت الدار فأنت حر ثم باعه ثم اشتراه .
1050 - ـ مسألة : ( وما ولدت المدبرة والمكاتبة وأم الولد من غير سيدها فله حكمها ) لأن الولد جزء من الأم فيتبعها كبقية أجزائها .
1051 - ـ مسألة : ( ويجوز تدبير المكاتب ) لا نعلم فيه خلافا لأنه تعليق عتق بصفة وهو يملك إعتاقه فيملك تعليقه وإن كان التدبير وصية فهو وصية بما ملك وهو الإعتاق .
1052 - ـ مسألة : ( وتجوز كتابة المدبر ) روى الأثرم بإسناده عن أبي هريرة وابن مسعود جوازه ولأن التدبير إن كان عتقا بصفة لم يمنع الكتابة كما لو قال : إن دخلت الدار فأنت حر ثم كاتبه وإن كان وصية فالوصية للمكاتب جائزة ( فإن أدى عتق ) كما لو لم يكن مدبرا ( وإن مات سيده قبل أدائه عتق بالتدبير إن حمل الثلث ما بقي من كتابته ) لأنه لو أدى ما بقي من كتابته لعتق والمدبر يعتق من الثلث فإذا خرج من الثلث عتق كله وإذا عتق سقط ما عليه كما لو أعتقه سيده .
1053 - ـ مسألة : ( وإلا عتق منه بقدر الثلث وسقط من الكتابة بقدر ما عتق وكان على الكتابة بما بقي ) لأن التدبير وصية والوصية تنفذ في الثلث فإذا عتق منه بقدر ثلث مال سيده سقط من الكتابة بقدر ما عتق لأن ما عتق قد صار حرا بإعتاق سيده له وتبرعه به فلم يبق له عوض ويبقى على الكتابة ما بقي لبقاء الرق فيه .
1054 - ـ مسألة : ( وإن استولد مدبرته بطل تدبيرها ) قد سبق أن له إصابة مدبرته لكونها ملكه فإن أولدها بطل تدبيرها لأن مقتضى التدبير العتق بعد الموت من الثلث والاستيلاد يقتضي ذلك مع تأكده وقوته فإنها تعتق من رأس المال وإن لم يملك غيرها وسواء كان عليه دين أو لم يكن فوجب أن يبطل التدبير كما أن النكاح يبطل بملك اليمين .
1055 - ـ مسألة : ( وإن أسلم مدبر الكافر حل بينه وبينه ) لأن الكافر لا يمكن من استدامة ملكه على مسلم مع إمكان بيعه وفيه وجه آخر لا يباع لأنه استحق الحرية بالموت ولكن تزال يده عنه ويترك في يد عدل ( وينفق عليه من كسبه ) وما فضل فهو لسيده وإن أعوز ولم يكن ذا كسب فنفقته على سيده ( وكذلك الحكم في أم الولد إذا أسلمت ) غير أنها لا تباع لأن الاستيلاد يمنع البيع .
1056 - ـ مسألة : ( فإن أسلم السيد الكافر ردا إليه ) لأنه إنما أخذا منه لكفره وقد زال الكفر ( وإن مات الكافر عتقا ) كما لو كان مسلما .
1057 - ـ مسألة : ( وإن دبر شركا له في عبد وهو موسر لم يعتق منه سوى ما أعتقه ) لأن التدبير إما أن يكون تعليقا للعتق بصفة أو وصية وكلاهما لا يسري ويحتمل أن يضمن لشريكه ويصير كله مدبرا لأنه سبب يوجب العتق بالموت فسرى كالاستيلاد .
1058 - ـ مسألة : ( وإن أعتقه في مرض موته وثلثه يحتمل باقيه عتق جميعه ) لأن للمريض التصرف في ثلثه كما أن للصحيح التصرف في جميع ماله وعنه لا يعتق منه إلا ما ملك لأن حق الورثة تعلق بماله إلا ما استثناه من الثلث بتصرفه فيه ولأنه بموته يزول ملكه إلى ورثته فلا يبقى له شئ يقضي منه للشريك