باب الولاء .
( كل من أعتق عبدا أو عتق عليه برحم أو كتابة أو تدبير أو استيلاء أو وصية بعتقه فله عليه الولاء ) لما روى ابن عمر [ عن النبي A أنه قال : الولاء لمن أعتق ] وروى أنه [ نهى عن بيع الولاء وعن هبته ] متفق عليهما وأجمعوا على أن من أعتق عبدا أو عتق عليه ولم يعتقه سابقه أن له عليه الولاء ( ويثبت الولاء للمعتق على المعتق وعلى أولاده من زوجة معتقة أو أمة ) أما ثبوت الولاء على المعتق مجمع عليه لقوله عليه السلام : الولاء لمن أعتق وأما ثبوته على أولاده فلأنه ولي نعمتهم وعتقهم بسببه ولأنهم فرع والفرع يتبع الأصل بشرط أن يكونوا من زوجة معتقة أو من أمته فإن كانت أمهم حرة الأصل فلا ولاء على ولدها لأنهم يتبعونها في الحرية والرق فيتبعونها في عدم الولاء وليس عليها ولاء وإن كان أبوهم حر الأصل فلا ولاء عليهم أيضا ولكن يشترط أن لا يكون قد ثبت عليهم ملك مالك فإن كان قد ثبت عليهم ملك وعتقوا فولاؤهم لمن أعتقهم لقوله عليه السلام : الولاء لمن أعتق ( ويثبت له الولاء على معتقي معتقيه ومعتقي أولاده وأولادهم ومعتقيهم أبدا ما تناسلوا ) لأنه ولي نعمتهم وبسببه عتقوا أشبه ما لو باشرهم بالعتق .
1026 - ـ مسألة : ( ويرثهم إذا لم يكن له من يحجبه من ميراثهم ثم عصباته من بعده ) فمتى كان للمعتق عصبة من أقاربه أو ذو فرض تستغرق فروضهم المال فلا شئ للمولى المنعم لما روى سعيد عن الحسن قال : [ قال رسول الله A : الميراث للعصبة فإن لم يكن عصبة فللمولى ] وعنه أن رجلا أعتق عبدا فقال للنبي A : ما ترى في ماله ؟ قال : إن مات ولم يدع وارثا فهو لك ولأن النسب أقوى من الولاء بدليل أنه لا يتعلق به التحريم والنفقة وسقوط القصاص ورد الشهادة ويتعلق ذلك بالنسب ولا نعلم في هذا خلافا ثم يرث به عصباته من بعده الأقرب فالأقرب فإذا مات العبد بعد موت مولاه ورثه أقرب عصبة مولاه دون ذوي الفروض لأن الولاء كالنسب والنسب إلى العصبات ولأنه كنسب المولى من أخ أو عم فيرثه ابن المولى دون ابنته كما يرث عمه ويقدم الأقرب فالأقرب من العصبات لما روى سعيد بن المسيب أن النبي A قال : المولى أخ في الدين وولي نعمة يرثه أولى الناس بالمعتق ولأن عصبات الميت يرث منهم الأقرب فالأقرب فكذلك عصبات المولى .
1027 - ـ مسألة : ( ومن قال أعتق عبدك عني وعلي ثمنه ففعل فعلى الأمر ثمنه وله ولاؤه ) لأنه نائب عنه في العتق فهو كالوكيل .
1028 - ـ مسألة : ( وإن لم يقل عني فالثمن عليه والولاء للمعتق ) لأنه لم يعتقه عن غيره فأشبه ما لو لم يجعل له جعلا .
1029 - ـ مسألة : ( ومن أعتق عبده عن حي بلا أمره أو عن ميت فالولاء للمعتق ) لقوله عليه السلام : الولاء لمن أعتق ( وإن أعتقه عنه بأمره فالولاء للمعتق عنه بأمره ) لأنه عتق عليه فأشبه ما لو باشر عتقه .
1030 - ـ مسألة : ( وإذا كان أحد الزوجين الحرين حر الأصل فلا ولاء على ولدهما ) لما سبق في أول الباب ولأن حرية الأب تقطع الولاء عن موالي الأم بعد ثبوته فإذا كان حرا منع ثبوتها لأن المنع أسهل من الرفع .
1031 - ـ مسألة : ( وإذا كان أحدهما رقيقا تبع الولد الأم في حريتها أو رقها ) لأنه إن كانت أمهم رقيقة وأبوهم حر تبعوا الأم لأنهم عبيد لسيدها ونفقتهم عليه وإن كان أبوهم رقيقا وأمهم حرة تبعوا أمهم في الحرية لأنهم يتبعونها في الرق ففي الحرية أولى ( وإن كانت الأم رقيقة فولدها رقيق لسيدها فإن أعتقهم فولاؤهم له لا يخرج عنه بحال ) لقوله عليه السلام : الولاء لمن أعتق ( وإن كان الأب رقيقا والأم معتقة فولدها أحرار وعليهم الولاء لمولى أمهم ) لأنه ولي نعمتهم لأنهم عتقوا بسبب عتقه أمهم ( فإن أعتق العبد سيده ثبت له عليه الولاء وجر إليه ولاء أولاده ) عن مولى أمهم لأن الأب لما كان مملوكا لم يكن يصلح وارثا ولا واليا في النكاح ولا يعقل فكان ابنه كولد الملاعنة انقطع نسبه عن أبيه فثبت الولاء لمولى أمه وانتسب إليها فإذا أعتق العبد صلح الانتساب إليه وعاد وارثا عاقلا وليا فعادت النسبة إليه وإلى مواليه بمنزلة ما لو استلحق الملاعن ولده وهو قول جمهور الصحابة رضى الله عنهم .
1032 - ـ مسألة : ( وإن اشترى أحد الأولاد أباه عتق عليه وله ولاؤه وولاء إخوته ) للخبر ولأنه سبب الإنعام عليهم فكان له ولاؤهم كما لو باشرهم بالعتق ( ويبقى ولاؤه لموالي أمه لأنه لا يكون مولى نفسه ) يعقل عنها ويرثها .
1033 - ـ مسألة : ( فإن اشترى أبوهم عبدا فأعتقه ثم مات الأب فميراثه بين أولاده بالنسب للذكر مثل حظ الأنثيين فإذا مات عتيقه بعده فميراثه للذكور دون الإناث ) لأنهم أقرب عصبة موالاة فيرثونه دون ذوي الفروض لأن الولاء كالنسب والنسب إلى العصبات ولأنه كنسب المولى من أخ أو عم فيرثه ابن المولى دون ابنته كما يرث ابن عمه دون ابنة عمه ويرثه ابن أخيه دون ابنته .
1034 - ـ مسألة : ( ولو اشترى الذكور والإناث أباهم فعتق عليهم ثم اشترى أبوهم عبدا فأعتقه ثم مات الأب ثم مات عتيقه فميراثهما على ما ذكرنا في التي قبلها ) ودليلها دليل التي قبلها .
1035 - ـ مسألة : ( وإن مات الذكور قبل موت العتيق ورث الإناث من ماله بقدر ما أعتقن من أبيهن ثم يقسم الباقي بينهن وبين معتق الأم فإن اشترين نصف الأب وكانوا ذكرين وأنثيين فلهم خمسة أسداس الميراث ولمعتق الأم سدسه لأن لهم نصف الولاء والباقي بينهم وبين معتق الأم أثلاثا ) لأن النصف الباقي كان للاثنين لكل واحد منهما الربع فلما مات الأول منهما كان نصيبه لمواليه وهم أختاه وأخوه وموالي أمه لكل واحد منهم ربعه فلما مات الثاني منهما فنصيبه بينهم كذلك إلا أننا أسقطنا ذكر نصيب الميت الأول منهما قطعا للدور ولأننا لو قسمنا سهمه لعاد إلى الأحياء من الموالي وهم الأختان وموالي الأم أثلاثا فقسمنا النصف الباقي بين الثلاثة أثلاثا لكل واحد منهم سدس فصار للأختين السدسان مع النصف الذي لهما وهي خمسة أسداس ولموالي الأم سدس أصلها من أربعة وتصح من ثمانية وأربعين لأن الولاء بينهم على أربعة : للبنتين سهمان ولكل ابن سهم فإذا مات أحد الابنين عن سهم فهو مقسوم بين أخيه وأختيه وموالي أمه من أربعة لكل واحد الربع وسهم على أربعة لا يصح فتضرب أربعة في أربعة تكن ستة عشر : للبنتين عشرة وللأختين خمسة ولموالي الأم سهم فإذا مات الأخ الآخر عن خمسة قسمناها على ثلاثة للأختين وموالي الأم تركنا ذكر سهم الميت أولا قطعا للدور وخمسة على ثلاثة لا تصح فنضرب ثلاثة في ستة عشر تكن ثمانية وأربعين للأختين أربعون سهما منها أربعة وعشرون سهما النصف ولهما من ستة عشر اثنان في ثلاثة ستة صارت ثلاثين يبقى خمسة عشر لهما ولموالي الأم أثلاثا لهما عشرة ولموالي الأم خمسة ولهم ثلاثة أيضا صارت ثمانية وهي سدس والأربعون خمسة أسداس فصحت من ذلك .
1036 - ـ مسألة : ( فإن اشترى ابن المعتقة عبدا فأعتقه ثم اشترى العبد أبا معتق فأعتقه جر ولاء معتقه وصار كل واحد منهما مولى الآخر ) وذلك أنه إذا أعتق صار له ولاؤه لقوله عليه السلام : الولاء لمن أعتق فإذا أعتق هذا العبد أبا معتقه صار له الولاء على معتقه بولائه على أبيه ( ومثله ما لو أعتق الحربي عبدا فأسلم ثم أسر سيده وأعتقه فلكل واحد منهما ولاء صاحبه ) وكما جاز أن يشتركا في النسب فيرث كل واحد منهما صاحبه كذلك الولاء