باب صلاة الإستسقاء .
وهي سنة لقول عبد الله بن زيد : [ خرج رسول الله A يستسقى فتوجه إلى القبلة يدعو وحول رداءه وصلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة ] متفق عليه .
ووقتها وصفتها وأحكامها كصلاة العيد لقول ابن عباس : [ صلى النبي A ركعتين كما يصلي في العيدين ] صححه الترمذي وعن جعفر بن محمد عن أبيه [ أن النبى A وأبا بكر وعمر كانوا يصلون صلاة الإستسقاء يكبرون فيها سبعا وخمسا ] رواه الشافعي وعن ابن عباس نحوه وزاد فيه : [ وقرأ فى الأولى بسبح وفى الثانية بالغاشية ] وقالت عائشة : [ خرج رسول الله A حين بدا حاجب الشمس ] رواه أبو داود وذكر ابن عبد البر : أن الخروج لها عند زوال الشمس عند جماعة العلماء وفي المغنى : لا تفعل وقت نهي بلا خلاف .
وإذا أراد الإمام الخروج لها وعظ الناس وأمرهم بالتوبة والخروج من المظالم لأن المعاصي سبب القحط والتقوى سبب البركات قال تعالى : { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض } الآية [ الأعراف : 96 ] .
ويتنظف لها ولا يتطيب ولا يلبس زينة لأنه يوم استكانة وخشوع .
ويخرج متواضعا متخشعا متذللا متضرعا لقول ابن عباس : [ خرج النبي A للإستسقاء متذللا متواضعا متخشعا متضرعا ] صححه الترمذي .
ومعه أهل الدين والصلاح والشيوخ لأنه أسرع للإجابة .
ويباح خروج الأطفال والعجائز والبهائم ولا يستحب لأنه لم ينقل عن النبي A روى الطبراني في معجمه بإسناده عن الزهري [ أن سليمان عليه السلام خرج هو وأصحابه يستسقون فرأى نملة قائمة رافعة قوائمها تستسقي فقال لأصحابه : ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم ] وروى الطحاوي وأحمد نحوه عن أبي الصديق الناجي وعن أبى هريرة مرفوعا : [ خرج نبي من الأنبياء يستسقي ] وذكر نحوه رواه الدارقطني .
والتوسل بالصالحين بتقديمهم : يدعون ويؤمن الناس على دعائهم لفعل عمر بالعباس ومعاوية بيزيد بن الأسود الجرشي واستسقى به الضحاك بن قيس مرة أخرى .
فيصلى ثم يخطب خطبة واحدة [ لأنه لم ينقل أنه A خطب بأكثر منها ] .
يفتتحها بالتكبير كخطبة العيد لقول ابن عباس : [ صنع رسول الله A فى الإستسقاء كما صنع فى العيد ] .
ويكثر فيها الإستغفار وقراءة آيات فيها الأمر به قال الشعبي : [ خرج عمر يستسقي فلم يزد على الإستغفار فقالوا : ما رأيناك استسقيت ! فقال : لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء الذي يستنزل به المطر ثم قرأ { استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا } الآية [ نوح : 10 - 11 ] و { استغفروا ربكم ثم توبوا إليه } الآية [ هود : 52 ] ] رواه سعيد فى سننه .
ويرفع يديه وظهورهما نحو السماء من شدة الرفع لقول أنس : [ كان النبى A لا يرفع يديه في شئ من دعائه إلا في الإستسقاء فإنه كان يرفع حتى يرى بياض إبطيه ] متفق عليه ولمسلم [ أن النبي استسقى فأشار بظهر كفه إلى السماء ] .
ويدعو بدعاء النبي A ويؤمن المأموم كالقنوت .
ثم يستقبل القبلة فى أثناء الخطبة فيقول سرا : اللهم إنك أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك وقد دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا [ لأنه A حول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة يدعو ثم حول رداءه ] متفق عليه .
ثم يحول رداءه فيجعل الأيمن على الأيسر والأيسرعلى الأيمن نص عليه للإمام والمأموم في قول أكثر أهل العلم لقول عبد الله بن زيد : [ رأيت النبى A حين استسقى أطال الدعاء وأكثر المسألة قال : ثم تحول إلى القبلة وحول رداءه فقلبه ظهرا لبطن وتحول الناس معه ] رواه أحمد .
ويتركونه حتى ينزعونه مع ثيابهم لأنه لم يقل عنه عليه السلام ولا عن أحد من أصحابه أنهم غيروا أرديتهم حين عادوا .
فإن سقوا وإلا عادوا ثانيا وثالثا لحديث [ إن الله يحب الملحين في الدعاء ] وقال أصبغ : استسقي للنيل بمصر خمس وعشرين مرة متوالية وحضره ابن وهب وابن القا سم وجمع .
ويسن الوقوف في أول المطر والوضوء والاغتسال منه وإخراج رحله وثيابه ليصيبها لحديث أنس : [ أصابنا ونحن مع رسول الله A مطر فحسر ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا : لم صنعت هذا ؟ قال : لأنه حديث عهد بربه ] رواه مسلم وأبو داود [ وروي أنه عليه السلام كان يقول إذا سال الوادي : اخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طهورا فنتطهر به ] .
وإن كثر المطر حتى خيف منه سن قول اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر لما في الصحيحين من حديث أنس [ أن النبي A قال ذلك ] { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به } الآية [ البقرة : 286 ] لأنها تناسب الحال .
وسن قول : مطرنا بفضل الله ورحمته ويحرم بنوء كذا لما في الصحيحين عن زيد بن خالد الجهني قال : [ صلى بنا رسول الله A صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال : هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب ] قال في الفروع : وإضافة المطر إلى النوء دون الله كفر إجماعا .
ويباح في نوء كذا لأنه لا يقتضي الإضافة للنوء فلا يكره خلافا للآمدي قاله في الفروع