فصل .
ويعتبر في البينة : العدالة ظاهرا وباطنا لقوله تعالى : { وأشهدوا ذوي عدل منكم } [ الطلاق : 2 ] وقوله : { ممن ترضون من الشهداء } [ البقرة : 282 ] إلا في عقد النكاح فتكفي العدالة ظاهرا وعنه : تقبل شهادة كل مسلم لم تظهر منه ريبة واختاره : الخرقي وأبو بكر وصاحب الروضة [ لقبوله A شهادة الأعرابي برؤية الهلال ] وقول عمر Bه : المسلمون عدول بعضهم على بعض .
وللحاكم أن يعمل بعمله فيما أقربه في مجلس حكمه وإن لم يسمعه غيره نص عليه لقوله A : [ إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي على نحو ما أسمع ] الحديث رواه الجماعة .
وفي عدالة البينة وفسقها بغير خلاف لئلا يتسلل لاحتياجه إلى معرفة عدالة المزكين أو جرحهم ثم يحتاجون أيضا إلى مزكين .
فإن ارتاب منها : فلا بد من المزكين لها لتثبيت عدالتها .
فإن طلب المدعي من الحاكم أن يحبس غريمه حتى يأتي بمن يزكي بينته : أجابه لما سأل وانتظره ثلاثة أيام لقول عمر في كتابه إلى أبي موسى الأشعري واجعل لمن ادعى حقا غائبا أمدا ينتهي إليه فإن أحضر بينة أخذت له حقه وإلا استحللت القضية عليه فإنه أنفى للشك وأجلى للغم .
فإذا أتى بالمزكين اعتبر معرفتهم لمن يزكونه بالصحبة والمعاملة لما روى سليمان بن حرب قال : [ شهد رجل عند عمر بن الخطاب Bه فقال له عمر : إني لست أعرفك ولا يضرك أني لا أعرفك فأتني بمن يعرفك فقال رجل : أنا أعرفه يا أمير المؤمنين قال : بأي شئ تعرفه ؟ فقال : بالعدالة قال : هو جارك الأدنى تعرف ليله ونهاره ومدخله ومخرجه ؟ قال : لا قال : فعاملك بالدرهم والدينار اللذين يستدل بهما على الورع ؟ قال : لا قال : فصاحبك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق ؟ قال : لا قال : فلست تعرفه ثم قال للرجل : ائتني بمن يعرفك ] .
فإن ادعى الغريم فسق المزكين أو فسق البينة المزكاة وأقام بذلك بينة : سمعت وبطلت الشهادة لأن الجرح مقدم على التعديل لأن الجارح يخبر بأمر باطن خفي على المعدل وشاهد العدالة يخبر بأمر ظاهر ولأن الجارح مثبت والمعدل ناف فقدم الإثبات .
ولا يقبل من النساء تعديل ولا تجريح لأنها شهادة بما ليس بمال ولا المقصود منه المال ويطلع عليه الرجال في غالب الأحوال أشبه الحدود قاله في الكافي ولا يسمع جرح لم يبين سببه بذكر قادح فيه عن رؤية أو سماع أو استفاضة عند الناس لأن ذلك شهادة عن علم لقوله تعالى : { إلا من شهد بالحق وهم يعلمون } [ الزخرف : 86 ] لكن يعرض جارح بزنى أو لواط لئلا يجب عليه الحد .
وحيث ظهر فسق بينة المدعي أو قال ابتداء : ليس لي بينة قال الحاكم : ليس لك على غريمك إلا اليمين [ لقوله A في حديث : الحضرمي والكندي شاهداك أو يمينه فقال : إنه لا يتورع من شئ قال : ليس لك إلا ذلك ] رواه مسلم .
فيحلف الغريم على صفة جوابه في الدعوى ويخلى سبيله لانقطاع الخصومة .
ويحرم تحليفه بعد ذلك نص عليه لأنه لا يلزمه أكثر من ذلك لما تقدم .
وإن كان للمدعي بينة فله أن يقيمها بعد ذلك لما روي عن عمر أنه قال : البينة العادلة أحق من اليمين الفاجرة هذا إن لم يكن قال : لا بينة لي فإن قال ذلك ثم أقامها : لم تسمع لأنه مكذب لها .
وإن لم يحلف الغريم : قال له الحاكم : إن لم تحلف وإلا حكمت عليك بالنكول .
نص عليه .
ويسن تكراره ثلاثا قطعا لحجته .
فإن لم يحلف : قضى عليه بالنكول وألزمه الحق لحديث ابن عمر [ أنه باع زيد بن ثابت عبدا فادعى عليه زيد أنه باعه إياه عالما بعيبه فأنكره ابن عمر فتحاكما إلى عثمان فقال عثمان لابن عمر : احلف أنك ما علمت به عيبا فأبى ابن عمر أن يحلف فرد عليه العبد ] رواه أحمد [ ولأن النبي A قال اليمين على المدعى عليه ] فحصرها في جنبته فلم تشرع لغيره وقيل : ترد اليمين على الخصم اختاره أبو الخطاب وقال : قد صوبه أحمد وقال : ما هو ببعيد يحلف ويستحق لحديث ابن عمر أن النبي A [ رد اليمين على صاحب الحق ] رواه الدارقطني وروي [ أن المقداد اقترض من عثمان مالا فتحاكما إلى عمر فقال عثمان : هو سبعة آلاف وقال المقداد : هو أربعة آلاف فقال المقداد لعثمان : احلف أنه سبعة آلاف فقال عمر : أنصفك احلف أنها كما تقول وخذها ] رواه أبو عبيد وقال : فهذا عمر قد حكم برد اليمين ورأى ذلك المقداد ولم ينكره عثمان وروى أبو عبيد أيضا عن شريح وعبد الله بن عقبة أنهما قضيا برد اليمين وقال علي إن رد اليمين له أصل في الكتاب والسنة أما الكتاب : فقوله تعالى : { أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم } [ المائدة : 108 ] وأما السنة [ فحديث القسامة ] انتهى