باب طريق الحكم وصفته .
إذا حضر إلى الحاكم خصمان : فله أن يسكت حتى يبتدئا وله أن يقول : أيكما المدعي ؟ لأنه لا تخصيص في ذلك لأحدهما .
فإذا ادعى أحدهما : اشترط كون الدعوى معلومة أي : بشئ معلوم ليتمكن الحاكم من الإلزام به وكونها محررة لترتب الحكم عليها لقوله A [ إنما أقضي على نحو ما أسمع ] .
وكونها منفكة عما يكذبها فلا يصح الدعوى على شخص بأنه قتل أو سرق من عشرين سنة وسنه دونها .
ثم إن كانت بدين : اشترط كونه حالا فلا تصح بالمؤجل لأنه لا يملك الطلببه قبل أجله .
وإن كانت بعين : اشترط حضورها لمجلس الحكم لتعين بالإشارة نفيا للبس .
فإن كانت غائبة عن البلد : وصفها كصفات السلم بأن يذكر ما يضبطها من الصفات وإن ادعى عقارا غائبا عن البلد : ذكر موضعه وحدوده وتكفي شهرته عندهما وعند حاكم عن تحديده [ لحديث الحضرمي والكندي ] .
فإذا أتم المدعي دعواه : فإن أقر خصمه بما ادعاه أو اعترف بسبب الحق ثم ادعى البراءة : لم يلتفت لقوله بل يحلف المدعي على نفي ما ادعاه المدعى عليه من البراءة بالإبراء أو الأداء .
ويلزمه بالحق إلا أن يقيم المدعى عليه .
بينة ببراءته فيبرأ فإن عجز عن إقامتها : حلف المدعي على بقاء حقه .
وإن أنكر الخصم ابتداء : بأن قال لمدع قرضا أو ثمنا : ما أقرضني أو : ما باعني أو لا يستحق علي شيئا مما ادعاه أو لا حق له علي : صح الجواب لنفيه عين ما ادعى به .
فيقول الحاكم للمدعي : هل لك بينة ؟ لما روي [ أن رجلين اختصما إلى النبي A : حضرمي وكندي فقال الحضرمي : يا رسول الله : إن هذا غلبني على أرض لي فقال الكندي : هي أرضي وفي يدي ليس له فيها حق فقال النبي A للحضرمي : ألك بينة ؟ فقال : لا قال : فلك يمينه ] صححه الترمذي .
فإن قال : نعم قال له : إن شئت فأحضرها فإذا أحضرها وشهدت سمعها وحرم ترديده ويكره نعسها وانتهارها لئلا يكون وسيلة إلى الكتمان وكان شريح يقول للشاهدين : ما أنا دعوتكما ولا أنهاكما أن ترجعا وما يقضي على هذا المسلم غيركما وإني بكما أقضي اليوم وبكما أتقي يوم القيامة