باب حد قطاع الطريق .
وهم : المكلفون الملتزمون من المسلمين وأهل الذمة وينقض به عهدهم .
الذين يخرجون على الناس فيأخذون أموالهم مجاهرة فإن أخذوا مختفين فسراق وإن اختطفوا وهربوا فمنتهبون لا قطع عليهم لأن عادة قطاع الطريق القهر فاعتبر ذلك فيهم .
ويعتبر ثبوته ببينة أو إقرار مرتين كالسرقة .
والحرز بأن يأخذه من يد مستحقه وهو بالقافلة .
والنصاب قياسا على القطع في السرقة .
ولهم أربعة أحكام : .
1 - إن قتلوا ولم يأخذوا مالا : حتم قتلهم جميعا وحكم الردء كالمباشر وبه قال مالك .
2 - إن قتلوا وأخذوا مالا : حتم قتلهم وصلبهم حتى يشتهروا ليرتدع غيرهم ثم يغسلوا ويكفنوا ويصلى عليهم ويدفنوا .
3 - إن أخذوا مالا ولم يقتلوا : قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف حتما لوجوبه لحق الله تعالى .
في آن واحد فلا ينتظر بقطع أحدهما اندمال الآخر لأنه تعالى أمر بقطعهما والأمر للفور فتقطع يده اليمنى ورجله اليسرى لقوله : { من خلاف } [ المائدة : 33 ] .
إن أخافوا الناس ولم يأخذوا مالا : نفوا من الأرض فلا يتركون يأوون إلى بلد حتى تظهر توبتهم لقوله تعالى : { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض } [ المائدة : 33 ] الآية قال ابن عباس وأكثر المفسرين : نزلت في قطاع الطريق من المسلمين قال في الشرح : وحكي عن ابن عمر أنها نزلت في المرتدين وقال أنس : نزلت في العرنيين الذين استاقوا إبل الصدقة وارتدوا ولنا قوله تعالى : { إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم } [ المائدة : 34 ] والكفار تقبل توبتهم بعد القدرة عليه انتهى وروى الشافعي بإسناده عن ابن عباس [ إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال : قتلوا ولم يصلبوا وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا : قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالا : نفوا من الأرض ] وروي نحوه مرفوعا وروى أبو داود بإسناده عن ابن عباس قال : [ وادع رسول الله A أبا برزة الأسلمي فجاء ناس يريدون الإسلام فقطع عليهم أصحابه فنزل جبريل عليه السلام بالحد فيهم أن من قتل وأخذ المال : قتل وصلب ومن قتل ولم يأخذ المال : قتل ومن أخذ المال ولم يقتل : قطعت يده ورجله من خلاف ] وعلم منه أن : أو في الآية ليست للتخيير ولا للشك بل للتنويع وتنفى الجماعة متفرقة كل إلى جهة لئلا يجتمعوا على المحاربة ثانيا وعنه : النفي : التعزير بما يردع وقيل : الحبس في غير بلدهم وقال ابن عباس : نفيهم إذا هربوا : أن يطلبوا حتى يؤخذوا فتقام عليهم الحدود ولأن تشريدهم يفضي إلى إغرائهم بقطع الطريق .
ومن تاب منهم قبل القدرة عليه سقطت عنه حقوق الله تعالى من نفي وقطع يد ورجل وتحتم قتل وصلب لقوله تعالى : { إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم } [ المائدة : 34 ] .
وأخذ بحقوق الآدميين من نفس وطرف ومال ولا أن يعفى له عنها من مستحقها لأنه حق آدمي فلا يسقط بالتوبة كالضمان