فصل .
ومن أريد بأذى في نفسه أو ماله أو حريمه دفعه بالأسهل فالأسهل فإن اندفع بالأسهل حرم الأصعب لعدم الحاجة إليه .
فإن لم يندفع إلا بالقتل قتله ولا شئ عليه وإن قتل كان شهيدا لحديث أبي هريرة : [ جاء رجل فقال : يا رسول الله : أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ؟ قال : فلا تعطه قال : أرأيت إن قاتلني ؟ قال : قاتله قال : أرأيت إن قتلني ؟ قال : فأنت شهيد قال : أرأيت إن قتلته ؟ قال هو في النار ] رواه أحمد ومسلم وفي لفظ أحمد [ أنه قال له أولا : أنشده الله قال : فإن أبى ؟ قال : قاتله ] وعن ابن عمر مرفوعا : [ من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد ] رواه الخلال بإسناده وهل يلزمه الدفع : على روايتين قال ابن سيرين : ما أعلم أحدا ترك قتال الحرورية واللصوص تأثما إلا أن يجبن ذكره في الشرح .
ويجب أن يدفع عن حريمه كأمه وأخته وزوجته ونحوهن إذا أريدت بفاحشة أو قتل نص عليه لأنه يؤدي بذلك حق الله من الكف عن الفاحشة والعدوان وحق نفسه بالمنع عن أهله فلا يسعه إضاعة الحقين .
وحريم غيره لئلا تذهب الأنفس وتستباح الحرم ويسقط وجوب الدفع بإياسه من فائدته وكره أحمد الخروح إلى صيحة ليلا لأنه لا يدري ما يكون وظاهر كلام الأصحاب خلافه وهو أظهر قاله في الفروع لقول أنس : [ فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق أناس قبل الصوت فتلقاهم النبي A راجعا وقد سبقهم إلى الصوت وهو على فرس لأبي طلحة عري في عنقه السيف وهو يقول : لم تراعوا لم تراعوا ] متفق عليه .
وكذا في غير الفتنة عن نفسه لقوله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } [ البقرة : 195 ] فكما يحرم عليه قتل نفسه يحرم عليه إباحة قتلها .
ونفس غيره وماله لأنه لا يتحقق منه إيثار الشهادة وكإحيائه ببذل طعامه ذكره القاضي وغيره وأطلق الشيخ تقي الدين لزومه عن مال غيره وقال في جند قاتلوا عربا نهبوا أموال تجار ليردوه إليهم : هم مجاهدون في سبيل الله ولا ضمان عليهم بقود ولا دية ولا كفارة ذكره في الفروع وقال في المغني و الشرح : لغيره معونته بالدفع لقوله A [ انصر أخاك ظالما أو مظلوما ] وقد روى أحمد وغيره النهي عن خذلان المسلم والأمر بنصر المظلوم فإن كان ثم فتنة لم يجب الدفع عن نفسه ولا نفس غيره لقصة عثمان Bه ولما روي عن النبي A أنه قال في الفتنة [ اجلس في بيتك فإن خفت أن يبهرك شعاع السيف فغط وجهك ] وفي لفظ : [ فكن كخير ابني آدم ] وفي لفظ : [ فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل ] .
لا مال نفسه أي : لا يجب عليه أن يدفع عن ماله وله بذله لمن أراده منه ظلما وذكر القاضي أنه أفضل من الدفع عنه قال أحمد في رواية حنبل : أرى دفعه إليه ولا يأتي على نفسه لأنها لا عوض لها .
ولا يلزمه حفظه من الضياع والهلاك ذكره القاضي وغيره