باب شروط استيفاء القصاص .
وهي ثلاثة : .
الأول : تكليف المستحق أي كونه بالغا عاقلا لأن غيره ليس أهلا للاستيفاء ولا تدخله النيابة .
فإن كان صغيرا أو مجنونا حبس الجاني إلى تكليفه لأن معاوية حبس هدبة بن خشرم في قصاص حتى بلغ ابن القتيل وكان في عصر الصحابة ولم ينكر وبذل الحسن والحسين وسعيد بن العاص لابن القتيل سبع ديات فلم يقبلها .
فإن احتاج إلى نفقة فلولي المجنون فقط العفو إلى الدية لأن الجنون لا حد له ينتهي إليه عادة بخلاف الصغير .
الثاني : اتفاق المستحقين على استيفائه فلا ينفرد به بعضهم لأنه يكون مستوفيا لحق غيره بغير إذنه ولا ولاية له عليه .
وينتظر قدوم وتكليف غير المكلف لأنهم شركاء في القصاص .
ومن مات من المستحقين فوارثه كهو لقيامه مقامه لأنه حق للميت فانتقل إلى وارثه كسائر حقوقه وعنه : للكبار استيفاوه لأن الحسن Bه قتل ابن ملجم وفي الورثة صغار فلم ينكر وقيل قتله لكفره وقيل لسعيه في الأرض بالفساد ومتى انفرد به من منع من الإنفراد به عذر فقط ولا قصاص عليه لأنه شريك في الاستحقاق وعليه لشركائه حقهم من الدية لإتلافه ما كان مستحقا لشريكه والوجه الثاني : يجب في تركة القاتل الأول لأنه قود سقط إلى مال فوجب في تركة القاتل كما لو قتله أجنبي ويرجع ورثة القاتل الأول على قاتل موروثهم بدية ما عدا نصيبه ذكر معناه في الكافي .
وإن عفا بعضهم ولو زوجا أو زوجة سقط القصاص لأنه لا يتبعض وأحد الزوجين من جملة الورثة فيدخل في قوله A [ فأهله بين خيرتين ] وهذا عام في جميع أهله والزوجة من أهله بدليل قوله A [ من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي وما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي - يريد عائشة - وقال له أسامة : أهلك ولا نعلم إلا خيرا ] وعن زيد بن وهب أن عمر Bه [ أتي برجل قتل قتيلا فجاء ورثة المقتول ليقتلوه فقالت امرأة المقتول - وهي : أخت القاتل - : قد عفوت عن حقي فقال عمر : الله أكبر عتق القتيل ] رواه أبو داود وروى قتادة [ أن عمر رفع إليه رجل قتل رجلا فقال أولاد المقتول وقد عفا بعضهم فقال عمر لابن مسعود : ما تقول ؟ قال : إنه قد أحرز من القتل فضرب على كتفه وقال : كنيف ملئ علما ] .
أو أقر بعفو شريكه سقط القصاص وكذا لو شهد بعفو شريكه لإقراره بسقوط نصيبه ولمن لم يعف من الورثة حقه من الدية على جان قال في الشرح : لا نعلم فيه خلافا وسواء عفا شريكه مجانا أو إلى الدية لأنها بدل عما فاته من القصاص وعن زيد بن وهب أن رجلا دخل على امرأته فوجد عندها رجلا فقتلها فاستعدى عليه إخوتها عمر Bه فقال بعض إخوتها : قد تصدقت فقضى لسائرهم بالدية .
الثالث : أن يؤمن في استيفائه تعديه إلى الغير أي : غير الجاني لقوله تعالى : { فلا يسرف في القتل } [ الإسراء : 33 ] .
فلو لزم القصاص حاملا أو حملت بعد وجوبه : .
لم تقتل حتى تضع حملها وتسقيه اللبأ لا نعلم فيه خلافا قاله في الشرح لأن تركه يضر الولد وفي الغالب لا يعيش إلا به ولابن ماجه عن معاذ بن جبل وأبي عبيدة وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس مرفوعا : [ إذا قتلت المرأة عمدا لم تقتل حتى تضع ما في بطنها وحتى تكفل ولدها ] ولقوله A للغامدية [ ارجعي حتى تضعي ما في بطنك ثم قال لها : ارجعي حتى ترضعيه ] الحديث رواه أحمد ومسلم وأبو داود .
ثم ان وجد من يرضعه قتلت لقيامه مقامها في إرضاعه وتربيته فلا عذر .
وإلا فلا حتى ترضعه حولين لما تقدم ولأنه إذا وجب حفظه وهو حمل فحفظه وهو مولود أولى قاله في لكافي