باب شروط القصاص في النفس .
وهي أربعة : .
الأول : تكليف القاتل لأن القصاص عقوبة مغلظة فلا تجب على غير المكلف : .
فلا قصاص على صغير ومجنون ونائم لحديث [ رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ ] .
بل الكفارة في مالهما والدية على عاقلتهما كالقاتل خطأ .
الثاني : عصمة المقتول بأن لا يكون مهدر الدم : .
فلا كفارة ولا دية على قاتل حربي أو مرتد أو زان محصن ولو أنه مثله في عدم العصمة : بأن قتل حربي حربيا أو مرتدا وزانيا محصنا وعكسه لوجود الصفة المبيحة لدمه ويعذر قاتل لافتئاته على ولي الأمر .
الثالث : المكافأة : بأن لا يفضل القاتل المقتول حال الجناية بالإسلام أو الحرية أو الملك فلا يقتل المسلم ولو عبدا بالكافر ولو حرا في قول الأكثر وهو مروي عن عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت ومعاوية لحديث : [ المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ولا يقتل مؤمن بكافر ] رواه أحمد وأبو داود وفي لفظ [ لا يقتل مسلم بكافر ] رواه البخاري وأبو داود وعن علي [ من السنة : أن لا يقتل مؤمن بكافر ] رواه أحمد .
ولا الحر ولو ذميا بالعبد ولو مسلما لقوله تعالى : { الحر بالحر والعبد بالعبد } [ البقرة : 178 ] ولقول علي : [ من السنة أن لا يقتل حر بعبد ] رواه أحمد وعن ابن عباس مرفوعا مثله رواه الدارقطني قال في الكافي : وإن قتل ذمي حر عبدا مسلما فعليه قيمته ويقتل بنقضه العهد .
ولا المكاتب بعبده لأنه مالك رقبة أشبه الحر .
ولو كان ذا رحم محرم له لأنه ملكه فلا يقتل به كغيره من عبيده .
ويقتل الحر المسلم ولو ذكرا بالحر المسلم ولو أنثى لقوله تعالى : { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } [ المائدة : 45 ] وقوله : { الحر بالحر } [ البقرة : 178 ] [ وعن عمرو بن حزم أن النبي A كتب إلى أهل اليمن أن الرجل يقتل بالمرأة ] رواه النسائي وعن أنس [ أن يهوديا رض رأس جارية بين حجرين فقيل لها : من فعل هذا بك : فلان أو فلان ؟ حتى سمي اليهودي فأومت برأسها فجيء به فاعترف فأمر به النبي A فرض رأسه بحجرين ] رواه الجماعة .
والرقيق كذلك يعني : يقتل الرقيق المسلم ولو ذكرا بالرقيق المسلم ولو أنثى وإن اختلفت قيمتهما كما يؤخذ الجميل بالدميم والشريف بضده لقوله تعالى : { والعبد بالعبد } [ البقرة : 178 ] .
وبمن هو أعلى منه فيقتل الكافر الحر بالمسلم الحر ويتتل العبد بالحر والأنثى بالذكر .
والذمي كذلك فيقتل الذمي الرقيق بالذمي الحر لأ نه إذا قتل بمثله فبمن هو أعلى منه أولى .
الرابع : أن يكون المقتول ليس بولد للقاتل وإن نزل وسواء في ذلك ولد البنين أو البنات .
فلا يقتل الأب وإن علا ولا الأم وإن علت بالولد ولا ولد الولد وإن سفل لحديث عمر وابن عباس مرفوعا : [ لا يقتل والد بولده ] رواهما ابن ماجه وروى النسائي حديث عمر قال ابن عبد البر : هو حديث مشهور عند أهل العلم بالحجاز والعراق مستفيض عندهم يستغنى بشهرته وقبوله والعمل به عن الإسناد حتى يكون الإسناد في مثله تكلفا وعليه الدية في ماله نص عليه وعن عمر Bه [ أنه أخذ من قتادة المدلجي دية ابنه ] رواه مالك ويقتل الولد بكل من الأبوين لعموم قوله تعالى : كتب عليكم القصاص في القتلى البقرة : 178 خص منه ما تقدم وبقي ما عداه .
ويورث القصاص على قدر الميراث حتى الزوجين وذي الرحم لأن القود حق ثبت للوارث على سبيل الإرث لأنه بدل نفس المقتول كالدية .
فمتى ورث القاتل أو ولده شيئا من القصاص فلا قصاص لأنه لا يتبعض ولا يتصور وجوبه للإنسان على نفسه ولا لولده عليه فلو قتل زوجته فورثها ولدها منه : سقط القصاص أو قتل أخاها فورثته ثم ماتت فورثها القاتل بالزوجية أو ورثها ولده : سقط القصاص لذلك ومن قتل شخصا في داره وادعى أنه دخل لقتله أوأخذ ماله أو وجده يفجر بأهله فأنكر الولي : فعليه القود لأن الأصل عدم ذلك قال في المغنى : ولا أعلم فيه مخالفا وروي عن علي Bه أنه سئل عمن وجد مع امرأته رجلا فقتله فقال : إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته فإن اعترف الولي بذلك فلا قصاص ولا دية لاعتراف الولي بما يهدر الدم ولما روي عن عمر أنه كان يوما يتغدى إذ جاء رجل يعدو وفي يده سيف ملطخ بالدم ووراءه قوم يعدون خلفه فجاء حتى جلس مع عمر فجاء الآخرون فقالوا : يا أمير المؤمنين إن هذا قتل صاحبنا فقال له عمر : ما تقول ؟ فقال : يا أمير المؤمنين إني ضربت فخذي امرأتي فإن كان بينهما أحد فقد قتلته فقال عمر : ما تقولون ؟ قالوا يا أمير المؤمنين إنه ضرب بالسيف فوقع في وسط الرجل وفخذي المرأة فأخذ عمر سيفة فهزه ثم دفعه إليه وقال : إن عاد فعد رواه سعيد