كتاب الظهار .
قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن صريح الظهار أن يقول : أنت علي كظهر أمي وهو محرم لقوله تعالى : { وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا } [ المجادلة : 2 ] الآيات [ نزلت في خويلة بنت مالك بن ثعلبه حين ظاهر منها ابن عمها أوس بن الصامت فجاءت تشكوه إلى رسول الله A وتجادله فيه ويقول : اتقي الله فإنه ابن عمك فما برحت حتى نزل القرآن ] رواه أبو داود وصححه .
وهو : أن يشبه امرأته أوعضوا منها بمن تحرم عليه من رجل أوامرأة أوبعضو منه فمن قال لزوجته : أنت أو : يدك علي كظهر أو : كيد أمي أو : كظهر أختي أوعمتي أوخالتي ونحوها ممن تحرم عليه على التأبيد صار مظاهرا في قول أكثرهم لأنهن محرمات بالقرابة فأشبهن الأم .
أو : كظهر أو يد زيد أو أبي أو أخي .
أو : أنت علي كفلانة الأجنبية أو أنت علي حرام أو قال : الحل علي حرام أو ما أحل الله لي حرام .
صار مظاهرا روي ذلك عن عثمان وابن عباس لأن هذه الألفاظ صريحة في الظهار لا تحتمل غيره وعنه : كناية يحتاج إلى نية وعنه : يمين روى عن أبي بكر وعمر وابن مسعود وفي المتفق عليه عن ابن عباس قال : [ إذا حرم الرجل امرأته فهي يمين يكفرها ] وقال : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } [ الأحزاب : 21 ] ذكره في الشرح وقال في الكافي : الثالثة أنه يرجع فيه إلى نيته : إن نوى اليمين كان يمينا لأن ذلك يروى عن أبي بكر وعمر وعائشة Bهم .
وإن قال : أنت علي كأمي أو مثل أمي وأطلق فلم ينو ظهارا ولا غيره .
فظهار نص عليه لأنه المتبادر منه هذه الألفاظ .
وإن نوى في الكرامة ونحوها كالمحبة .
فلا يكون مظاهرا بل يدين ويقبل حكما لاحتماله وهو أعلم بمراده .
وأنت أمي أو مثل أمي ليس بظهار إلا مع نية أو قرينة لأنه في غير التحريم أظهر فاحتمال هذه الصور لغير الظهار أكثر من احتمال الصور التي قبلها له وكثرة الاحتمالات توجب اشتراط النية .
أو : علي الظهار أو : يلزمني ليس بظهار إلا مع نية أو قرينة دالة عليه : كأن يقولها حال خصومة أو غضب لأنه يصير كناية فيه والقرينة تقوم مقام النية ولأن لفظه يحتمله وقد نواه به .
وأنت علي كالميتة أو الدم أو الخنزير يقع ما نواه من طلاق أو ظهار أو يمين لأن لفظه يحتمله .
فإن لم ينو شيئا فظهار كقوله : أنت علي حرام وعنه : يمين وقال في المغني : أكثر الفقهاء على أن التحريم إذا لم ينو به الظهار ليس بظهار وهو قول : مالك وأبي حنيفة والشافعي ووجه ذلك الآية المذكورة ولأن التحريم يتنوع : منه ما هو بظهار وبطلاق وبحيض وبإحرام وصيام فلا يكون التحريم صريحا في واحد منها ولا ينصرف إليه بغير نية كما لا ينصرف إلى تحريم الطلاق انتهى وإن قالت لزوجها : نظير ما يصير به مظاهرا منها فليس بظهار لقوله تعالى : { الذين يظاهرون منكم من نسائهم } [ المجادلة : 2 ] فخصهم بذلك وعليها كفارته قياسا على الزوج وروى الأثرم بإسناده عن عائشة بنت طلحة أنها قالت : [ إن تزوجت مصعب بن الزبير فهو علي كظهر أبي فسألت أهل المدينة فرأوا أن عليها الكفارة ] وروى سعيد أنها استفتت أصحاب رسول الله A وهم يومئذ كثير فأمروها أن تعتق رقبة وتتزوجه فتزوجته وأعتقت عبدا وليس لها ابتداء القبلة والاستمتاع قبل التكفير وعليها التمكين لزوجها من وطئها قبل التكفير لأنه حق للزوج فلا تمنعه كسائر حقوقه