فصل .
ويستحب غسل اليدين قبل الطعام وبعده لحديث أنس مرفوعا : [ من أحب أن يكثر خير بيته فليتوضأ إذا حضر غداؤه وإذا رفع ] إسناده ضعيف رواه ابن ماجه وغيره وعن سلمان مرفوعا : [ بركة الطعام : الوضوء قبله وبعده ] قال جماعة من العلماء : المراد بالوضوء هنا : غسل اليدين لا الوضوء الشرعي وعنه : يكره قبله اختاره القاضي قال الشيخ تقي الدين : من كرهه قال : هذا من فعل اليهود فيكره التشبه بهم .
وتسن التسمية جهرا على الطعام والشراب لحديث عائشة مرفوعا : [ إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله فليقل : بسم الله أوله وآخره ] وقيس عليه الشرب .
وأن يجلس على رجله اليسرى وينصب اليمنى [ لأنه A جثا عند الأكل وقال : أما أنا فلا آكل متكأ ] رواه مسلم أي : بل مستوفزا بحسب الحاجة وعن أنس : [ أنه A أكل مقعيا تمرا - وفي لفظ - يأكل منه أكلا ذريعا ] رواه مسلم .
أو يتربع وجعل بعضهم التربع من الإتكاء .
ويأكل بيمينه بثلاثة أصابع مما يليه لقوله A لعمر بن أبي سلمة : [ يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك ] متفق عليه وعن كعب بن مالك قال : [ كان رسول الله A يأكل بثلاث أصابع ولا يمسح يده حتى يلعقها ] رواه الخلال .
ويصغر اللقمة ويطيل المضغ قال الشيخ تقي الدين : على أن هذه المسألة لم أجدها مأثورة ولا عن أبي عبدالله لكن فيها مناسبة وقال أيضا : نظير هذا ما ذكره الإمام أحمد من استحباب تصغير الأرغفة نقله عنه في الآداب .
ويمسح الصحفة لحديث جابر : [ أمر رسول الله A بلعق الأصابع والصحفة وقال : إنكم لا تدرون في أية البركة ] رواه مسلم .
ويأكل ما تناثر لحديث جابر مرفوعا : [ إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان ] الحديث رواه مسلم .
ويغض طرفه عن جليسه لئلا يستحي .
ويؤثر المحتاج لقوله تعالى : { ويؤثرون على أنفسهم } [ الحشر : 9 ] الآية .
ويأكل مع الزوجة والمملوك والولد ولو طفلا لقول عائشة [ كنت أتعرق العرق فأناوله النبي A فيضع فاه على موضع في ] الحديث [ وأكل معه A عمر بن أبي سلمة وهو صغير ] .
ويعلق أصابعه لما تقدم .
ويخلل أسنانه لما روي عن ابن عمر : [ ترك الخلال يوهن الأسنان ] ورفعه بعضهم وفي حديث : [ تخللوا من الطعام فإنه ليس شئ أشد على الملك الذي على العبد أن يجد من أحدكم ريح الطعام ] .
ويلقي ما أخرجه الخلال ويكره أن يبتلعه فإن قلعه بلسانه لم يكره لحديث أبي هريرة مرفوعا : [ من أكل فما تخلل فليلفظ وما لاك بلسانه فليبلع من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ] رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه .
ويكره نفخ الطعام والشراب قال في الآداب : أطلقه الأصحاب لظاهر الخبر انتهى وعن ابن عباس مرفوعا : [ نهى أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه ] .
وكونه حارا لأنه لا بركة فيه وقال أبو هريرة : [ لا يؤكل طعام حتى يذهب بخاره ] رواه البيهقي بإسناد حسن .
وأكله بأقل من ثلاث أصابع لأنه كبر .
أو أكثر من ثلاث أصابع لأنه شره ولم يصحح الإمام أحمد حديث [ أكله A بكفه كلها ] .
أو بشماله بلا ضرورة لأنه تشبه بالشيطان وذكره النووي في الشرب إجماعا وذكر ابن عبد البر وابن حزم : أن الأكل بالشمال محرم لظاهر الأخبار .
أو من أعلى الصحفة : أو وسطها لقوله : [ وكل مما يليك ] وعن ابن عباس مرفوعا : [ إذا أكل أحدكم طعاما فلا يأكل من أعلى الصحفة ولكن ليأكل من أسفلها فإن البركة تنزل من أعلاها ] وفي لفظ آخر [ كلوا من جوانبها ودعوا ذروتها يبارك فيها ] رواهما ابن ماجه .
ونفض يده في القصعة وتقديم رأسه إليها عند وضع اللقمة في فمه لأنه ربما سقط منه شئ فيها فيقذرها .
وكلامه بما يستقذر إذا أكل مع غيره أو بما يضحكهم أو يحزنهم قاله الشيخ عبد القادر وكذا فعله ما يستقذر : كتمخط .
وأكله متكئا أو مضطجعا لما تقدم وقال ابن هبيرة : أكل الرجل متكئا يدل على استخفافه بنعمة الله وعن ابن عمر [ نهى رسول الله A عن مطعمين : عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر وأن يأكل وهو منبطح على بطنه ] رواه أبو داود .
وأكله كثيرا بحيث يؤذيه لحديث : [ ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن ] الحديث رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وعن سمرة بن جندب أنه قيل له : إن ابنك بات البارحة بشما فقال : أما لو مات لم أصل عليه قال الشيخ تقي الدين : يعني : أنه أعان على قتل نفسه انتهى فإن لم يؤذه جاز لقوله A لأبي هريرة [ اشرب - أي : من اللبن - فشرب ثم أمره ثانيا وثالثا حتى قال : والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغا ] رواه البخارى .
أو قليلا بحيث يضره لحديث [ لاضرر ولا ضرار ] وقيل لأحمد هؤلاء الذين يأكلون قليلا ويقللون طعامهم قال : ما يعجبني سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : فعل قوم هكذا فقطعهم عن الفرض رواه الخلال .
ويأكل ويشرب مع أبناء الدنيا بالأدب والمروءة ومع الفقراء بالإيثار ومع العلماء بالتعليم ومع الإخوان بالإنبساط وبالحديث الطيب والحكايات التي تليق بالحال إذا كانوا منقبضين قال معناه الإمام أحمد وقال جعفر بن محمد : قال لي أحمد : كل فلما رأى ما نزل بي قال : إن الحسن كان يقول : والله لتأكلن وكان ابن سيرين .
يقول : إنما وضع الطعام ليؤكل وكان إبراهيم بن أدهم يبيع ثيابه وينفقها على أصحابه قال : فانبسطت فأكلت فقال : لتأكلن هذه انتهى .
وما جرت به العادة من إطعام السائل ونحو الهر ففي جوازه وجهان قال في الآداب و الفروع : والأولى جوازه لحديث أنس في الدباء وفيه [ فجعلت أجمع الدباء بين يديه ] رواه البخاري وقال : قال ابن المبارك : لا بأس أن يناول بعضهم بعضا ولا يناول من هذه المائدة إلى مائدة أخرى